دلالات إيمانية فى أعظم رحلة كونية:المقال الثاني
كذلك حينما وصل إلى المسجد الأقصى جمع الله تعالى له الأنبياء قبله فصلى بهم إماما ، وفيه دليل على أن دعوة الإسلام نادى بها الأنبياء والرسل جميعا
- التصنيفات: التاريخ والقصص -
الفطرة النقية : روى البخارى فى صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " « رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهَرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ : النِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ، فَأُتِيتُ بِثَلَاثَةِ أَقْدَاحٍ قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ، فَقِيلَ لِي : أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ » "، وفى الصحيحين عن أَبُي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:" «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ، قَالَ جِبْرِيلُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أمَّتُكَ» "، وهو توفيق من الله عزوجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من أجل صلاح هذه الأمة وإبعادها عن أن تنحرف بكاملها عن الهداية ، بل لابد من وجود الخير فيها على الدوام ، حتى ولو كان الدعاة إلى الخير قلة فى الأمة ، فمن معانى الفطرة ، الإسلام ، والاستقامة على دين الله عزوجل ، أما الخمر فهى طريق الغواية ، وهى أم الخبائث .
وأصل الفطرة موجود فى كل إنسان حال ولادته ، إلا أنها تلوث بأفعال الإنسان نفسه ، وبتأثير من حوله ، من آباء وأصدقاء وخلان ، روى مسلم فى صحيحه عن أبي هريرة أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء " ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم " {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله} " { الروم : 30 } .
كما يعبر عن الفطرة النقية أن يختار المسلم أيسر أموره بعيدا عن التنطع والغلو ، مادام ذلك بعيدا عن المحرم ، وقد عرف عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يختار من بين الأمور أيسرها ، ومن بين الأقوال أحسنها ، ومن بين الفعال أرشدها ، روى البخارى فى صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت " «ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما ، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها» " .
الله الله فى الصلاة : هذه من آخر وصايا النبى صلى الله عليه وسلم قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، وقد فرضت الصلوات الخمس فى رحلة الإسراء والمعراج ، ولأهميتها فقد فرضت من الله تعالى مباشرة دونما واسطة من جبريل عليه السلام ، وهى عمود الإسلام ، وأول ما يحاسب عنه المسلم
يوم القيامة ، فلا ينبغى التهاون فى أدائها ، وليحرص كل مسلم على هذه الفريضة التى تهذب النفس وتربيها ، كما ينبغى أن نعلم أبناءنا وندربهم منذ صغرهم على أداء هذه الفريضة ،
التى كانت خمسين صلاة وخففت حتى صارت خمسا ، فهى خمس فى الأداء ، وخمسون فى الأجر والثواب .
عالمية الإسلام فى رحلة الإسراء والمعراج : إن دعوة الإسلام لم تأت لأهل الجزيرة العربية فحسب ، ولم تأت للعرب دون غيرهم ، إنما هى دعوة عالمية برسالة عالمية عنوانها " {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} " { الأنبياء : 107 } ، وجاءت الدلالات بهذه العالمية فى أكثر من مشهد من مشاهد هذه الرحلة العظيمة ، منها انتقاله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بفلسطين ، وهى خارج حدود جزيرة العرب ، كذلك حينما وصل إلى المسجد الأقصى جمع الله تعالى له الأنبياء قبله فصلى بهم إماما ، وفيه دليل على أن دعوة الإسلام نادى بها الأنبياء والرسل جميعا من لدن آدم عليه السلام حتى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ، وعند معراجه مر بالأنبياء فى السموات العلا ، فرحبوا بقدومه ومجيئه ، حتى وصل إلى سدرة المنتهى ، ، وفيه دليل على علو مكانة الدعوة المحمدية .
الأمل الأمل : علمنا ديننا الحنيف أن اليأس والقنوط لاينبغى أن يتصف به المؤمن ، فهو فى استبشار دائم ، مهما مرت عليه الصعوبات ، وتوالت عليه المحن ، ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة ، فانظر حاله قبل رحلة الإسراء والمعراج ، وحاله بعدها ، فرق شاسع ، وبون واسع ، فما بين طرفة عين وانتباهة ، يغير الله من حال إلى حال ، فلنثق فى وعد الله تعالى ، وأن الفرج يأتى مع الكرب ، وأن النصر يأتى مع الصبر ، وأن مع العسر يسرا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
كمال عبد المنعم محمد خليل
باحث دراسات إسلامية