عقلي يراك ! (الحلقة السادسة والأخيرة)

أحمد السعيد

فدين الإسلام والعلم ليسا متناقضين على الإطلاق !!؛ بل إن كلًا منهما يكمل الآخر؛ فالأمر أشبه بقطعتين من البازل تكمل كلًا منهما الأخرى !!

  • التصنيفات: العقيدة الإسلامية -

 

أحمد السعيد

وبعد أن استعرضنا إبداعه عز وجل وجميل خلقه وتدبيره في مختلف مخلوقاته؛ نخلص في هذا المقال إلى آراء كوكبة من العلماء الغربيين تؤكد وجوده وعظمته سبحانه.

 وذلك تأكيدا على تكامل العلم والدين من منظور الإسلام الحنيف !!؛ فدين الإسلام والعلم ليسا متناقضين على الإطلاق !!؛ بل إن كلًا منهما يكمل الآخر؛ فالأمر أشبه بقطعتين من البازل تكمل كلًا منهما الأخرى !!!؛ ولكن يصر بعض العلماء الملاحدة على التمسك بقطعة بازل وحيدة تمثل العلم !!؛ في حين يصر رجال الكنيسة في الغرب على التمسك بقطعة البازل الأخرى التي تمثل الدين!!!؛ في حين أن الإسلام يرى الصورة بكاملها ويضع الدين والعلم في اعتباره؛ فالإسلام هو دين العلم؛ والعلم هو روح الإسلام !!!.

موقف آينشتاين:

عندما آتى مجموعة من المتدينين والماديين لألبرت آينشتاين في مكتبه بجامعة برنستون لسؤاله عن رأيه في وجود "الله"؛ رد عليهم آينشتاين برد مبهر !!؛ إذ قال:

"لو وُفقت أن اخترع آلة تمكنني من مخاطبة الميكروبات؛ فتحدثت مع ميكروب صغير واقف على رأس شعرة من شعرات رأس الإنسان؛ وسألته: أين تجد نفسك ؟؟؛ لقال لي: إني أرى نفسي على رأس شجرة شاهقة أصلها ثابت وفرعها في السماء؛ عندئذ أقول له: إن هذه الشجرة التي أنت على رأسها إنما هي شعرة من شعرات رأس الإنسان؛ وأن الرأس عضو من أعضائه، ماذا تنظرون ؟، هل لهذا الميكروب البكتيري أو الفيروسي المتناهي في الصغر أن يتصور جسامة حجم الإنسان ووزنه ؟؟ كلا، إني بالنسبة إلى الله لأقل من ذلك الميكروب، وأحط بمقدار لا يتناهى، فإني لن أحيط بالله الذي أحاط بكل شئ !!".

 ويواصل آينشتاين كلامه "... إن ديني هو إعجابي بتلك الروح السامية؛ التي لا حد لها؛ تلك التي تتراءى في التفاصيل الصغيرة الدقيقة التي تستطيع إدراكها عقولنا الضعيفة العاجزة؛ هو إيماني العاطفي العميق بوجود قدرة عاقلة مهيمنة تتراءى حيثما نظرنا في هذا الكون المعجز للأفهام!!".

وتعليقًا على كلام عبقري الفيزياء آينشتاين؛ فإذا قمنا بمطابقة ما يقوله آينشتاين بما يقوله الإسلام عن الذات الإلهيه فسنجد تطابقًا مدهشا!!؛ فالله هو العلي العظيم اللامتناهي" وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ" البقرة – آية 255؛ وهذا ما يطابق وصف آينشتاين وتصويره للبشر بالميكروبات بالنسبة للإله (وإن كانت الحقيقة أننا أضعف وأصغر من الميكروبات بالنسبة للإله !!).

كما أن هناك تطابقا فيما ذكره آينشتاين بأن الله هو "قدرة عاقلة"، وبين ما يقوله الإسلام عنه سبحانه، فالله في الإسلام يتصف بكل صفات العلم والحكمة؛ فقد وردت لفظة "الحكيم" في القرآن للدلالة على حكمته سبحانه 42 مره!!؛  في حين وردت لفظة "العليم" في 32 موضعا بالقرآن الكريم؛ فيا له من تطابق مذهل بين آراء العلماء وبين ما يصف به الإله نفسه !!.

رأي هارلو شبيلي:

العالم "هارلو شبيلي" هو أستاذ الفلك بجامعة هارفارد ومن أعظم فلكيي القرن العشرين؛ ومن أهم أعماله أنه قام بتحديد موقع نظامنا الشمسي في مجرة ترب التبانة؛ يقول شبيلي في حديثه عن وجود قوة عليا متسامية:

"تنحصر جواهر الكون في أربعة جواهر أساسية: الزمان والمكان والمادة والطاقة؛ والحقيقة أن كل علم تجريبي لا يمكن بحثه إلا من خلال هذه الجواهر الأربعة؛ أو من تداخل بعضها في بعض...، لكن قد تكون هناك جواهر أخرى لم نعرفها بعد، وقد تكون لها أهمية أكثر من هذه التي نعرفها وقد تكون أسمى منها، ونحدد السؤال فنقول: أليس هناك جوهر أساسي لتسيير هذا الكون ؟ ... أما أن يكون هذا الجوهر الخامس موجودا فهذا ليس فيه أدنى شك، هل هو الجوهر السيد؟ ربما كانت ضرورته أكبر من جوهري الزمان والمكان، ومن المحتمل أن يشملهما، فهو جوهر مختلف عن كل الجواهر، أو إن شئت فهو جوهر الجواهر، وهل هو الصمد (indispensable) الذي لا غنى عنه لأحد ؟ ... إن من يبحث في مجال علم الكون، سيدهشه أن يجد مميزات خبيئة في العالم تسير ديناميكيته سيرا مستقلا وتشكله وتدفعه ولها القدرة على كل شئ، أي أنها قوة واعية، ولكنها بهذه الصفات لا يقتصر مداها على ما هو موجود في الأرض فحسب؛ بل تشمل الكون كله"

كان هذا ختام كلام شبيلي؛ وتعليقا على كلام شبيلي فلقد اتضحت الصورة بشكل أكبر؛ وأصبح ما يتحدث عنه شبيلي هو نفسه ما يتحدث عنه الإسلام؛ فالله في الإسلام هو "الصمد" (أي السند الدائم الذي يُصمد إليه في الأمور، أي يُقصد، و الصمد عند العرب: شريف القوم أو السيد المطاع أو السيد المقصود الذي لا يُقضى دونه أمر)؛ والله من وجهة نظر شبيلي هو " الذي لا غنى عنه لأحد" فيا له من تطابق مدهش بين كلام الله عن نفسه وبين كلام شبيلي علامة الفلك في القرن العشرين !!.

نظرة علماء الفيزياء الحيوية:

يقول "بول كلارنس أيرسولد" وهو أستاذ الفيزياء الحيوية؛ وحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا؛ ومدير قسم النظائر والطاقة الذرية في معامل أوك بريدج؛ يقول متحدثًا عن الله:

"وبالرغم أننا نعجز عن إدراكه إدراكًا ماديًا أو وصفه وصفًا ماديًا، فهنالك ما لايحصى من الأدلة المادية على وجوده تعالى، وتدل أياديه في خلقه أنه العليم الذي لا نهاية لعلمه، الحكيم الذي لا حدود لحكمته، القوي إلى أقصى حدود القوة".

فسبحان من سمى نفسه "العليم"، "الحكيم"، "القوي" !!.

وجهة نظر هاثاوي:

يقول "كلود. م. هاثاوي" المستشار الهندسي بمعامل شركة جنرال إليكتريك؛ ومصمم العقل الإلكتروني للجمعية العلمية لدراسة الملاحة الجوية بمدينة لانجلي فيلد، يقول في كتاب "الله يتجلى في عصر العلم":

"من حيث الأسباب الفكرية التي تدعوني إلى الإيمان بالله، فإنني أحب أن ابدأ بذكر الحقائق التي لا سبيل إلى إنكارها، والتي لا شك في أن غيري ممن أسهموا في هذا الكتاب _ أي كتاب الله يتجلى في عصر العلم_ قد تناولوها، وقد دعم هذا السبب القوي من أسباب إيماني بالله ما أقوم به من الأعمال الهندسية، فبعد اشتغالي سنوات عديدة في عمل تصميمات لأجهزة وأدوات كهربية، ازداد تقديري لكل تصميم أو ابداع أينما وجدته، وعلى ذلك فإنه لا يتفق مع العقل والمنطق أن يكون ذلك التصميم البديع للعالم من حولنا إلا من إبداع إله أعظم لا نهاية لتدبيره وإبداعه وعبقريته، حقيقة أن هذه طريقة قديمة من طرق الاستدلال على وجود الله، و لكن العلوم الحديثة قد جعلتها أشد بيانًا وأقوى حجة منها في أي وقت مضى"

هكذا يبني هاثاوي وجهة نظره على أبسط الأدلة الفطرية على وجود الله وهو قانون السببية؛ فمن البديهي ان أي شئ موجود فإن له سببًا؛ فما بالنا بكون مليئ بالتعقيد والتنظيم والترتيب والتنظيم الدقيق والإبداع، ذلك الإبداع الذي وإن دل فإنما يدل على خالق حكيم عظيم لطيف !!.

كلمات إلى الخالق العظيم:

وبعد كل ما كتبناه لكم في هذه السلسلة أيها القراء الأفاضل، فإن صاحب هذه الكلمات المكتوبه لترتعش يداه رهبةً من عظم من يتحدث عنه !!!،  ويدق قلبه شوقا لخالقه العظيم !!!، ويقف عقله عاجزا عن تفسير هذا الإبداع وهذه الحكمة!!!.

 إن هذه السلسلة وما تطلبته من البحث عن المعلومات في شتى العلوم قد غيرت كاتب هذه السلسلة حرفيًا !!!؛ وجعلته اكثر قربًا وحبًا لخالقه الحكيم اللطيف؛ فتعبيرًا عن هذا الشعور الجياش كانت تلك الكلمات المتواضعه من العبد الفقير إلى ربه والتي يقول فيها كاتب السلسلة:

"عرفتك يا مبدع الأكوان، يا خالق الإنسان؛ و منزل القرآن، عرفتك يا نبع الحب والعطاء، إن لم تكن عيني تراك، فإن عقلي حتما يراك!!، اليوم أولد من جديد، اليوم يموت الحزن في أعماقي هرباً من الفجر الجديد، لم يعد يعنيني موت من حياة، اليوم لم أعد أهاب الموت، فكل يوم يمضي في حياتي اقترب فيه نحو لقائك، كم أنت رحيم يا رب ! اليوم أعود طفلا رائع الضحكات، الشكر لك على نعمك التي لا تعد، والحمد لك على يقيني بك، فأنت الحقيقة وما دونك سراب، وأنت الحق وما سواك باطل، والحمد لك على بصيرة عقلي وهدى قلبي، أعوذ بك من قلب لا يهتدي ومن عقل لا يبصر، واسألك الهداية لمن أغلقوا أبواب عقولهم، و اطفئوا أنوار قلوبهم".

المراجع:

  • كتاب "للكون إله- قراءة في كتابي الله المسطور والمنظور" – د. صبري الدمرداش.
  • كتاب "الله يتجلى في عصر العلم" _ تأليف: نخبة من العلماء الأمريكيين _ ترجمة: الدمرداش عبد المجيد سرحان.
  • موقع "المعاني":