يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم

أبو الهيثم محمد درويش

يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)

  • التصنيفات: التفسير -

{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ} :

ينادي المنافقون على المؤمنين يوم القيامة وقد غمرهم النور : أعطونا مما أعطاكم الله , انتظرونا لننال بعض النور وقد غمرتنا الظلمات.

فيقال لهم بصيغة الأمر: ارجعوا وراءكم فالتمسوا النور كما رجعتم على أعقابكم في الدنيا ولم تنصروا الله ولم تنصروا أولياءه, ثم يضرب بينهم وبين المؤمنين بسور عظيم باطنه فيه الرحمة والتكريم للمؤمنين ومن الجهة الأخرى عذاب ونكال بالمنافقين , نعوذ بالله أن نكون منهم أو معهم.

وفي هذا الحال ينادي المنافقون:ألم نكن معكم يا أهل الإيمان , ألم نصلي بجواركم؟؟؟ ألم نجاهد معكم؟؟؟

فكانت الإجابة الواضحة: نعم كنتم معنا ولكن غزت الفتن قلوبكم فرحبتم بها واتبعتم الأهواء والشهوات فكنتم معنا في الظاهر بينما باطنكم خرب أعوج, فتربصتم بالمؤمنين كل مصيبة, وارتبتم وشككتم في أمر الله , وغرتكم أماني الدنيا والشهوات, وغركم بالله الشيطان.

قال تعالى:

{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)} [الحديد]

قال السعدي في تفسيره:

فإذا رأى المنافقون نور المؤمنين يمشون به وهم قد طفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين، قالوا للمؤمنين: { {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} } أي: أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به، لننجو من العذاب، فـ { {قِيلَ} } لهم: { {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا } } أي: إن كان ذلك ممكنا، والحال أن ذلك غير ممكن، بل هو من المحالات، { {فَضُرِبَ } } بين المؤمنين والمنافقين { {بِسُورٍ } } أي: حائط منيع، وحصن حصين، { {لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ } } وهو الذي يلي المؤمنين { {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} } وهو الذي يلي المنافقين، فينادي المنافقون المؤمنين،فيقولون لهم تضرعا وترحما: { {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ } } في الدنيا نقول: { {لا إله إلا الله} } ونصلي ونصوم ونجاهد، ونعمل مثل عملكم؟ { {قَالُوا بَلَى } } كنتم معنا في الدنيا، وعملتم في الظاهر مثل عملنا، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين، من غير إيمان ولا نية صالحة، بل { { فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ} } أي: شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكا، { {وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ } } الباطلة، حيث تمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين، وأنتم غير موقنين، { {حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} } أي: حتى جاءكم الموت وأنتم بتلك الحال الذميمة.

{ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } وهو الشيطان، الذي زين لكم الكفر والريب، فاطمأننتم به، ووثقتم بوعده، وصدقتم خبره.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن