تداعيات النجوى
ملفات متنوعة
حَديثُكَ الشَّهدُ لِلأرواحِ يا عُمَرُ
هفا له الْقَلْبُ إذ أصغى له القَمَرُ
- التصنيفات: الشعر والأدب -
عبد المحسن العسكر
بسم الله الرحمن الرحيم
رأيتُ بيدِ ابنتي كُتيِّبًا عنوانُهُ: «نجوى القمر» لمؤلفِهِ الدكتور عمر آل طالب، يحكي فيه سيرةَ جدِّه الصالحِ الشيخِ إبراهيمَ، فتَصفَّحتُهُ، فإذا هو جوهرةٌ من أدبِ الوجدانِ الخالصِ، فقرأتُهُ، فهزَّ منِّي- كهزِّ الشجرةِ- نفسًا مكدودةً حتى أَلْقَتْ هذه الأبياتَ، ولا أعرفُ عُمَرَ هذا ولا جدَّهُ الكريمَ، ولكنْ شُهِرَ عن الأسرةِ بعامةٍ أنها ذاتُ مكرماتٍ وتُقًى، والكُتيِّبُ هديةٌ من حفيدةِ المترجَمِ لابنتي صديقتِها، وفّقهما اللهُ.
حَديثُكَ الشَّهدُ لِلأرواحِ يا عُمَرُ
هفا له الْقَلْبُ إذ أصغى له القَمَرُ
جَلَّيْتَ سيرةَ شَهْمٍ ماجِدٍ عَلَمٍ
لِمثلِهِ تُكتَبُ (الأعلامُ) و(السِّيَرُ)
وَسُقْتَ فيها مِنَ الأخبَارِ أمْتَعَها
نِعْمَ الأحاديثُ منها تُنظَمُ الدُّرَرُ
إِن فاتَنَا مِن مُحَيَّا الشّيخِ رؤيتُهُ
فقد شَفَتْنَا بِأَخْبَارٍ له صُوَرُ
تَرْوِي لنا (ذِكْرَهُ) الآصَالُ والبُكُرُ
واللَّيلُ يُخْبِرُ عن نَجْوَاهُ وَالسَّحَرُ
أَصْلٌ زَكِيٌّ نَمَتْ بالخيرِ أَفْرُعُهُ
هُمُ شُمُوسُ الورى والأنجُمُ الزُّهُرُ
تَزَيَّنُوا بِحُلَى الْإِيمَانِ وَادَّثَرُوا
بِالْحِلْمِ وَالْخُلُقِ السَّامِي وما فَخَرُوا
كم حاول الْغُمْرُ أن يَسْمُو سُمُوَّهُمُ
فَعَاقَهُ عن بُلُوغِ الْفَرْقَدِ الْقِصَـرُ
يا قُدْوَةَ الجيلِ (إبراهيمُ) إِنَّ لنا
وَشِيجَةً فيك منها الْوِرْدُ وَالصَّدَرُ
أُخُوَّةُ الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ آصِرَةٌ
فوق الْأَوَاصِرِ لا تُبْقِي ولا تَذَرُ
فَانْعَمْ بخيرِ مَآلٍ وَلْيَطِبْ جَدَثٌ
أَقَمْتَ فيه، عليه الْغَيْثُ يَنْهَمِرُ
يا آل طَالِبَ يا نَسْلَ الْكِرَامِ وَمَن
سَارُوا بِسِيرَةِ أَسْلَافٍ لهم غَبَرُوا
ومن لهم في المعالي كُلُّ سَابِقَةٍ
وَّكُلُّ مُبْتَدَأٍ منكم له خَبَرُ
وَافَتْكُمُ مِن بَنَاتِ الشِّعْرِ غانِيةٌ
تمشـي الْهُوَيْنَى، وفي أَعْطَافِهَا خَفَرُ
فَصَـرَّحتْ بحديثِ النفسِ في وَجَلٍ
أتَقبَلُ التَّمرَ يُجْبَى نحوَها هَجَرُ؟!
عبد المحسن العسكر
شعبان ١٤٣٨هـ.