يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم
أبو الهيثم محمد درويش
{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (16) لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ۖ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18) } [ المجادلة]
- التصنيفات: التفسير -
{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} :
كما أظهروا الإسلام في الدنيا وتظاهروا بالانتماء للأمة وهم أشد عداوة لها من الكفار الأصليين, هاهم المنافقون يوم القيامة يحلفون لله ويقسمون أنهم كانوا على الإيمان في الدنيا ويحسبون أن هذا ينجيهم, ولكن هيهات فالله عالم الغيب والشهادة الخبير بالأعمال والنفسيات.
ظنوا أن تلك الأيمان التي أقسموا بها ستكون وقاية لهم من النار, وكأنهم يتهمون الله بالجهل بحالهم , فأتاهم الرد والردع المهين , أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
إن نفع كذب المنافق في الدنيا وإن انطلى ادعاء الإيمان على المجتمع بينما هو أشد كرهاً لله ولرسوله وآياته وللمؤمنين من الكافر الأصلي وأشد عداوة وخطراً على الأمة بتلك الطعنات التي تأتيها من ظهرها وتلك السهام التي تصيبها من مأمن, وتلك الحرب التي يشنها عليها منافقون تظنهم من أبنائها, إن نفع كذبهم في الدنيا فهذا الكذب لن ينفع في الآخرة وليس لهم من نور , ليس لهم إلا النار.
أعاذنا الله من النفاق وأهله.
قال تعالى:
{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (16) لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ۖ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18) } [ المجادلة]
قال السعدي في تفسيره:
{ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } أي: ترسا ووقاية، يتقون بها من لوم الله ورسوله والمؤمنين، فبسبب ذلك صدوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله، وهي الصراط الذي من سلكه أفضى به إلى جنات النعيم. ومن صد عنه فليس إلا الصراط الموصل إلى الجحيم، { فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } حيث استكبروا عن الإيمان بالله والانقياد لآياته، أهانهم بالعذاب السرمدي، الذي لا يفتر عنهم ساعة ولا هم ينظرون.
{ {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا } } فلا تدفع عنهم شيئا من العذاب، ولا تحصل لهم قسطا من الثواب، { {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} } الملازمون لها، الذين لا يخرجون عنها، و { {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} } ومن عاش على شيء مات عليه.
فكما أن المنافقين في الدنيا يموهون على المؤمنين، ويحلفون لهم أنهم مؤمنون، فإذا كان يوم القيامة وبعثهم الله جميعا، حلفوا لله كما حلفوا للمؤمنين، ويحسبون في حلفهم هذا أنهم على شيء، لأن كفرهم ونفاقهم وعقائدهم الباطلة، لم تزل ترسخ في أذهانهم شيئا فشيئا، حتى غرتهم وظنوا أنهم على شيء يعتد به، ويعلق عليه الثواب، وهم كاذبون في ذلك، ومن المعلوم أن الكذب لا يروج على عالم الغيب والشهادة.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن