أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب
أبو الهيثم محمد درويش
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) } [الصف]
- التصنيفات: التفسير -
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} :
خضع الجميع لعظمته والكل قيد قهره سبحانه وتعالى, وهو العزيز الذي لا يغالب, الحكيم في كل أمر, يمقت سبحانه على عباده أن يأمروا الناس بما لم يبادروا هم أنفسهم بفعله .
فعلى الداعية إلى الله أن يبدأ بنفسه حتى ينجو من النفاق وحتى تتحقق القدوة الحية في الناس, فينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة، وللناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس عنه.
فمن أكبر المقت عند الله أن نأمر بما لا نفعل أو ننهى عما تقترف أيدينا.
قال تعالى:
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) } [الصف]
قال السعدي في تفسيره:
هذا بيان لعظمته تعالى وقهره، وذل جميع الخلق له تبارك وتعالى، وأن جميع من في السماوات والأرض يسبحون بحمد الله ويعبدونه ويسألونه حوائجهم، { {وَهُوَ الْعَزِيزُ } } الذي قهر الأشياء بعزته وسلطانه، { {الْحَكِيمُ } } في خلقه وأمره.
{ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} } أي: لم تقولون الخير وتحثون عليه، وربما تمدحتم به وأنتم لا تفعلونه، وتنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه، وأنتم متلوثون به ومتصفون به.
فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة؟ أم من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟ ولهذا ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة، وللناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس منه، قال تعالى: { { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } } وقال شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه: { {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} } .
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن