لماذا كانوا يفرحون بقدوم رمضان؟ (3-3)
محمد بن إبراهيم النعيم
قال صلى الله عليه وسلم: ( «ثلاثُ دَعَواتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ ودَعْوَةُ المُسافِرِ» ) [رواه البيهقي] .
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
(10) صيامه يكفر صغائر الذنوب:
ومن فضائل رمضان أيضا؛ أن صيامه يكفر الذنوب حيث روى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ) [متفق عليه] . لذلك احرص على التوبة من الكبائر.
(11) لك فيه دعوة مستجابة كل يوم:
من الامتيازات الأخرى التي تمنح للصائمين في شهر رمضان أن لك فيه كل يوم دعوة مستجابة، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة، حيث روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( «إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة، يعني في رمضان، وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة» ) [رواه أحمد] .
والظاهر أن هذه الدعوة المستجابة غير الدعاء المستجاب عند كل نداء، حيث قال صلى الله عليه وسلم ( «إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء» ) [رواه الحاكم] . لأنه قال ( «لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة » ).
فكأن المطلوب: الاكثار من الدعاء في الليل والنهار؛ لأن لك دعوة مستجابة لا تدري متى هي. فاستغل وقتك، فلك ثلاثون دعوة مستجابة طوال هذا الشهر.
قال صلى الله عليه وسلم: ( «ثلاثُ دَعَواتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ ودَعْوَةُ المُسافِرِ» ) [رواه البيهقي] .
وقال صلى الله عليه وسلم: ( «ثلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ وَدَعْوَةُ المُظْلُومِ ودَعْوَةُ المُسافِرِ» ) [رواه الطبراني] .
لذلك وضعت آية الدعاء بين آيات الصيام وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ.
ألا فليفرح الصائم بتلك الدقائق الحاسمة التي عند الإفطار وليشغلها بالدعاء الخالص، فإن بعض الناس تراهم عند فطرهم يستقبلون التلفاز، يشاهدون تمثيليات كوميدية أو ما شابه ذلك من ترهات، ويفوتون عليهم وقت إجابة الدعاء.
(12) للصائمين باب خاص عند دخول الجنة هو باب الريان:
ومن تكريم الله -جل وعلا- للصائمين أن جعل لهم بابا خاصا في الجنة يدخلون منه يوم القيامة، يسمى باب الريان، لا يدخل معهم غيرهم، ولم يذكر اسم هذا الباب عبثا، وما خص الله الصائمين بهذا الباب إلا لامتيازات وفضائل سيجدونها عند الاستقبال.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ)، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ» : ( «نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» ) [رواه البخاري] .
ومعنى زوجين: أي أنفق شيئين من صنف معين، مثلا التصدق بناقتين، أو بقرتين أو...
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» ) [رواه مسلم] .
قال العيني في عمدة القاري: قوله: (إن في الجنة بابا)، قيل: إنما قال: في الجنة، ولم يقل: للجنة؛ ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة ما في الجنة، فيكون أبلغ في التشويق إليه. قلت: وإنما لم يقل للجنة، ليشعر أن باب الريان غير الأبواب الثمانية التي للجنة (10/262)
والميزة الأخرى في باب الريان ما ذكره ابن حبان في صحيحه: أن كل طاعة لها من الجنة أبوابٌ يُدعى أهلها منها إلا الصيام؛ فإن له بابا واحدا فقط واستدل بالحديث السابق الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه وجاء في لفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ دُعيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: وللجنة أبواب، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ؛ دُعِيَ مِنْ أبواب الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ؛ دُعِيَ مِنْ أبواب الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ؛ دُعِيَ مِنْ أبواب الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ» ،)، «فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَسُولَ اللَّهِ! مَا عَلَى أحد من ضَرُورَةٍ، من أيها دُعيَ؟ فهل يُدعى أحد منها كلها يا رسول الله؟ قَالَ: (نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» ) [رواه ابن حبان] .
(13) للفوز بالتقوى:
وذلك لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} . فالصيام يربي المرء ويغرس فيه التقوى، ومتى ما ازداد المرء تقى أفلح ونجح.
• والمتقي مصان من وساوس الشيطان، قال تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون.
• وأكرم الناس عند الله تعالى المتقي إن أكرمكم عند الله أتقاكم
• وعاقبة المتقي الفلاح يوم القيامة والعاقبة للمتقين
• والجنة لا يرثها إلا المتقون تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا
ألا تفرح بعد كل هذا بقدوم رمضان؟ بلى، اللهم بلغنا رمضان واجعلنا ممن يصومه ويقومه إيمانا واحتسابا.
والحذر أن يدخل المرء فيمن عناهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بحديثه على منبره في محاورة بينه وبين جبريل الأمين حين طلب من النبي صلى الله عليه وسلم التأمين على دعائه – ودعاؤه صلى الله عليه وسلم مستجاب حيث قال: ( «من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار فأبعده الله قل: آمين، فقلت: آمين» )! فمن حرم المغفرة في شهر المغفرة وحرم تلك الفضائل فماذا يرتجي؟
اللهم وفقنا لهداك، واجعل عملنا في رضاك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.