وإذا رأيتهم تعجيك أجسامهم

أبو الهيثم محمد درويش

{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4)} [المنافقون]

  • التصنيفات: التفسير -

{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} :

يظن البعض ظناً خاطئاً زرعه الإعلام المعاصر في نفوس المسلمين بأن الكافر والمنافق يظهر دائما بمظهر الشرير المنفر, بينما الأمر خلاف ذلك فعبر التاريخ الإنساني الكثير من الكفار كانوا أصحاب هيئة وشكل حسن ومنطق منمق في الكلام يجتذب السامعين ويخطف الأبصار.

وهؤلاء ما هم إلا مظهر جذاب وخواء داخلي مليء بظلمات لا نهاية لها كأنهم عرائس خشبية جميلة المظهر خبيثة المخبر لا فائدة تجتنى من ورائها بل لا يجني من يتبعهم إلا الشوك والنار , فعلى المسلم أن يحذر على دينه من هؤلاء اللصوص.

قال تعالى:

  {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (4)} [المنافقون]

قال السعدي في تفسيره:

{ {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} } من روائها ونضارتها، { { وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} } أي: من حسن منطقهم تستلذ لاستماعه، فأجسامهم وأقوالهم معجبة، ولكن ليس وراء ذلك من الأخلاق الفاضلة والهدى الصالح شيء، ولهذا قال: { { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} } لا منفعة فيها، ولا ينال منها إلا الضرر المحض، { {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } } وذلك لجبنهم وفزعهم وضعف قلوبهم، والريب الذي في قلوبهم يخافون أن يطلع عليهم.
فهؤلاء { هُمُ الْعَدُوُّ } على الحقيقة، لأن العدو البارز المتميز، أهون من العدو الذي لا يشعر به، وهو مخادع ماكر، يزعم أنه ولي، وهو العدو المبين، { {فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} } أي: كيف يصرفون عن الدين الإسلامي بعد ما تبينت أدلته، واتضحت معالمه، إلى الكفر الذي لا يفيدهم إلا الخسار والشقاء.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن