هبوط آدم من الجنة، هل للعقوبة أم للخلافة؟
أحمد كمال قاسم
وهبوط آدم من الجنة كان لتأدية واجب الخلافة وليس كعقوبة على الخطيئة لأن الله قد تاب عليه قبل هبوطه والأهم هو أن الله جعل آدم بدايةً للخلافة في الأرض
- التصنيفات: قضايا إسلامية -
﴿ {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيطانُ عَنها فَأَخرَجَهُما مِمّا كانا فيهِ (*) وَقُلنَا اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ وَلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حينٍفَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُقُلنَا اهبِطوا مِنها جَميعًا فَإِمّا يَأتِيَنَّكُم مِنّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ} ﴾[البقرة: ٣٦-٣٨]
قد يظن البعض أن آدم قد خرج من الجنة عقوبة على معصيته، ويبدو لي أن آدم نفسه قد ظن ذلك عندما قال الله
"وَقُلنَا اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ وَلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حينٍ"
لكن الله ربما أراد أن يصرف عن آدم هذا الظن فألهمه التوبة ثم تاب عليه قبل هبوطه
" {فَتَلَقّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ} "
ثم ليبين الله أن أمر الهبوط إنما هو للخلافة
﴿ {وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنّي جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَليفَةً قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ} ﴾[البقرة: ٣٠]
أقول ليبين الله أن أمر الهبوط إنما هو للخلافة فقد أعاد الله أمر الهبوط بعد أن تاب عليه وقبل الهبوط!
" {قُلنَا اهبِطوا مِنها جَميعًا فَإِمّا يَأتِيَنَّكُم مِنّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ} "
فقد انتهت فترة إعداده في جنة الإعداد وحان وقت هبوط الخلافة، ولم يفعل ذلك فحسب، بل أعطاه دليل النجاح في مهمة الخلافة بقوله " {فَإِمّا يَأتِيَنَّكُم مِنّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ} "
وذلك للتأكيد أن ما هو قادم منفصل عن العقوبة كما يعتقد أهل الكتاب أن آدم خرج عقوبة على خطيئته وأننا قد ورثنا هذه الخطيئة، والحق أننا وجدنا في هذا الكون للخلافة، وشتان بين همة العبد الذي يرى نفسه موجودا في الدنيا عقوبة له على خطيئة لم يقترفها بل ورثها عن أبيه الأول، وبين عبد يعلم أن وظيفته في الدنيا هي الخلافة في الأرض بعبادة الله تعالى وحفظ الأمانة التي هي الطاعة لله رغم القدرة على المعصية.
الخلاصة:
آدم قد كان في جنة الإعداد الأولى كي يتعلم فيها كيف أن عدوه الشيطان يكرهه ويكيد له ويود إيقاعه في الخطيئة، ويتعلم أيضا كيفية التوبة وأن الله يقبل التوبة عن عباده. وهبوط آدم من الجنة كان لتأدية واجب الخلافة وليس كعقوبة على الخطيئة لأن الله قد تاب عليه قبل هبوطه والأهم هو أن الله جعل آدم بدايةً للخلافة في الأرض.
وأخيرا أن وجودنا في الأرض هو للخلافة أيضا، وليس فيه أي شبهة إرث للخطيئة ولا للعقوبة كما يعتقد أهل الكتاب.
..............
(*) ربما قد قال الله "مما كانا فيه" ليعطي إشارة أن "ما كانا فيه" هي حالة وليست مكانا، وللتفاصيل أرجو مراجعة مقال "ثلاث جنات"