العشوائية الكمومية ووجود الله
أحمد كمال قاسم
لذا فالاستنتاج أن هذا الاختيار هو اختيار لا يحدث من داخل الكون، وأنه غيبي تماما، وعليه فالعشوائية الكمية الكاملة هي - في نظري - من أكبر الأدلة على وجود الله الكبير المتعال
- التصنيفات: التوحيد وأنواعه -
افترض ان لدينا ظاهرة رياضية طبيعية معروفة نستطيع أن ننعتها بالعشوائية الحقيقية الكاملة ( وليس شبه العشوائية أو Pseudo-randomness ) بحيث أننا نستطيع وصفها رياضيا. حسنا ... لكن كيف سننعتها بالعشوائية الحقيقية (الكاملة أو التامة) إن لم يكن لدينا معيار نحكم به عليها انها عشوائية فعلا؟!
لكن هذا المعيار الذي نمتلكه هو قاعدة ما إذا تحققت فستكون تلك الظاهرة عشوائية حقا!... لذا فإنه يبدو لي أن علمنا بمعيار نحكم به على كمال العشوائية هو في حد ذاته متناقض مع ذاته!؟
لأن العشوائية الحقيقية الكاملة هي التي ينبغي ألا تتبع أي قاعدة يمكننا من حيث المبدأ صياغتها رياضتيًا!! .
لذلك نجد أنه لا مناص من أن نصطدم مع تناقض محمول في كنف ما يسمى علمنا بالعشوائية الحقيقية أو العشوائية الكاملة ( Our knowledge of True or Complete Randomness ) ... وهذا معناه انه لا يوجد - من حيث المبدأ - ما يُسمى " بعلمنا الممكن لعشوائية حقيقية كاملة" , أو أن وجودها لا يمكن الاستدلال عليها انطلاقا من المسلمات الرياضية المعروفة لدينا نحن البشر، وأنها أمر من خارج أي نظام رياضياتي يمكننا الوصول إليه. أو بمعنى أخر، أنها أمر غيبي تماما. . لكن معروف لدى دارسي ميكانيكا الكم أنها تعتمد في داخلها - بالنسبة لحدوث كل حدث كمي مفرد - على هذه العشوائية الحقيقية التي يستحيل توقعها انفراديا.
. لذا فالاستنتاج أن هذا الاختيار هو اختيار لا يحدث من داخل الكون، وأنه غيبي تماما، وعليه فالعشوائية الكمية الكاملة هي - في نظري - من أكبر الأدلة على وجود الله الكبير المتعال، سبحان الله عما يصفون، فهو يختار كل حدث كمي مفرد اختيارا غيبيا محضا بحكمته التامة وقدرته المطلقة دون أي استطاعة لنا لمعرفة هذا الغيب المطلق. ﴿ {وَرَبُّكَ يَخلُقُ ما يَشاءُ وَيَختارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمّا يُشرِكونَ} ﴾ [القصص: ٦٨] . إن هذا الاختيار نحن نسميه عشوائية، لا لشيء إلا لأننا لا نفهمه، فهو أعلى من أي قاعدة - وليس "ليس له قاعدة" - لأنه اختيار مباشر من الله تعالى! . ومع هذا فإن احتمال حدوث حدثا معينا هو محدد من لدنه تعالى - تسخيرا منه الكونَ لنا - بموجب قوانين ميكانيكا الكم. ﴿ {وَسَخَّرَ لَكُم ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ جَميعًا مِنهُ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ} ﴾ [الجاثية: ١٣] . فسبحان الله رب العالمين