المقدمة (١)

محمد هشام راغب

في هذه السلسلة نحاول أن نراجع بعض تلك المعالم التي تساهم في تجديد العقل المسلم، وسنجتهد في بيانها من خلال السيرة النبوية المطهرة.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر - الإسلام والعلم -

المقصود بالتجديد في هذه السلسلة أشبه بالتجديد المذكور في الحديث النبوي الشريف:

«يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها» فالتجديد هنا لا يعني تغيير دين الله المنزل، وإنما تجديد الدين الذي يتصوره الناس، والعودة به إلى الدين الخالص المنزل، كما نقول مثلا فلان يجدد سيارته أو أثاث بيته، أي يريد أن يعيده كما كان في أول امره. 


ومن فقه الإمام أبي داود في سننه عندما أخرج هذا الحديث أنه جعله في أول باب من كتاب الملاحم، والملاحم جمع ملحمة، والمقصود بها الوقائع والحروب والأحداث الكبرى التي تقع في المستقبل بين المسلمين وأعدائهم

(مأخوذة من التحام الجيشين المتحاربين)، فكأنه جعل وظيفة المجددين ذات صلة ومتزامنة مع الفتن والأحداث التي تعصف بالأمة، وليست مجرد تنظير فكري مفصولا عن الواقع وحراكه وتفاعلاته.

والعقل المسلم نالته إصابات ورضوض وربما إعاقات غيرت هيئته التي أرادها الله تعالى بشريعته المحكمة، وغيرت معالمه التي اجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشكل بها عقول الصحابة الكرام، حتى أصبح الإسلام هو منارة هذه العقول، وأصبح فكرهم في كل شئون حياتهم له منهج تفكير واضح ومحدد المعالم. 


إن العقل المسلم هو الهدف الأول لكل حملات الغزو الثقافي والفكري التي يشنها خصوم الأمة على المسلمين، لأن المسلم الذي يصاب عقله بالتشويه والمسخ أو بالمفاهيم والأفكار المخالفة أو المصادمة للإسلام، يصبح هذا المسلم أداة طيعة – شعر أم لم يشعر – لهدم الدين عن قناعة وحماسة ونشاط.


في هذه السلسلة نحاول أن نراجع بعض تلك المعالم التي تساهم في تجديد العقل المسلم، وسنجتهد في بيانها من خلال السيرة النبوية المطهرة.