تسليم المسلمين بيت المقدس للصليبيين

راغب السرجاني

لم يستغلوا مصيبة التتار في زعيمهم الكبير جنكيز خان لجمع صفوفهم وتحرير بلادهم، ولكن شغلوا بأنفسهم، وبمحاربة بعضهم لبعض.

  • التصنيفات: التاريخ والقصص - التاريخ الإسلامي -

استقرت الأمور، وهدأت نسبياً في الفترة من سنة (624هـ) إلى سنة (627هـ)، أي: ثلاث سنوات.
وكان المسلمون خلال هذه الفترة على ما عهدوه من الخلاف والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، ولم يستغلوا مصيبة التتار في زعيمهم الكبير جنكيز خان لجمع صفوفهم وتحرير بلادهم، ولكن شغلوا بأنفسهم، وبمحاربة بعضهم لبعض.


وهذه الحالة لم تكن فقط في أرض العراق وغرب إيران فقط، ولا بين جلال الدين والخليفة العباسي فقط، بل كانت عامة في عموم العالم الإسلامي، فكل المنطقة كان تموج بالاضطربات والفتن، وكانت الحروب مستمرة بين أمراء المسلمين في الشام ومصر، ولم تتحد كلمتهم أبداً، مع أن معظم الحكام في هذه المنطقة كانوا من الأيوبيين، وبينهم صلة رحم قوية، وكانت تقوم الحرب أحياناً بين الإخوة الأشقاء.

في سنة (626هـ) حدث أمر مريع،

وهو تسليم بيت المقدس الذي حرره صلاح الدين الأيوبي رحمه الله قبل ذلك بـ (40) سنة إلى الصليبيين صلحاً، فقد اتفق أمراء الشام على إعطاء بيت المقدس للنصارى الصليبيين؛ ليساعدوهم على غزو مصر، وتخيلوا كيف كانت المأساة في ذلك الوقت؟ نعوذ بالله من الضعف بعد القوة، ومن الذلة بعد العزة، ومن الخذلان بعد النصر.


وعند رؤية هذه الأحداث في كل بلاد المسلمين نعلم سبب تمكن التتار من هذه البلاد مع ضخامتها وأعدادها وثرواتها، فهذه سنة ثابتة في الكون، ومن كانت هذه حالته فلابد أن يسلط عليه طواغيت الأرض، فالله عز وجل لا ينصر إلا من نصره، {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران:160]، لا أحد.