الأَربْعونَ الثّبَاتية من النصوص النبوية
حمزة بن فايع الفتحي
عن عثمان رضي الله عنه، « كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَمُرُّ بِعَمَّارٍ ، وَأَبِيهِ ، وَأُمِّهِ ، وَهُمْ يُعَذَّبُونَ بِالأَبْطَحِ فِي رَمْضَاءِ مَكَّةَ ، فَيَقُولُ : ( صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ» ). الحاكم في المستدرك (٦٥٣٤)
- التصنيفات: الحديث وعلومه -
(جمع أربعين حديثا في الثبات والتمسك والصبر عليه)
1440هـ -2019م
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وليّ الصالحين ، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأصلي وأسلم على سيد الثابتين، وإمام الصابرين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد:
فنسرد هنا سردا نبويا مباركاً ، حاويا لنصوص الثبات، وأخبار الاستمساك، في وقت احتيج إليه، واشتدت الغربة، وخالط الناس الشك واللأواء، وبدت الاستقامة مهينة، والترخص واسعا، والفتاوى ممنوحة، والتبديل مساغا، والله المستعان .
فلزم علينا الاتعاظ، ورفع راية التذكير، وتثبيت بعضنا بعضا، كما قال تعالى :( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) وصح قوله صلى الله عليه وسلم:( الدين النصيحة ) وكرر ذلك ثلاثا .
فيا من خالطَه الوهن، أو ثبطه الشيطان، أو خدعه الخلان، هلم إلى سنّة وأثر، ونور وخبر، ومنهج وعبر، تمنحك القلائد، وتلبسك المكانز ، وتورثك المباهج والمعالم .
ومثلها معالم ثبات، وقواعد ترسيخ واستمساك، نحتاج إليها أزمنة الفتن، وساعات الاضطراب، وأيام الشدائد والأزمات ..!
لأنها أنوار حق، وأشعة برهان، ومنائر عدل وإحسان . من عرفها علم، ومن فقِهها تمكن، ومن اعتبرها اتعظ وتمسك ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) (سورة الحشر:٧) .
وهي ديدن جماعة من أهل صنفوا الأربعينيات ، حفظا وجمعا، ومذاكرة وعملا، مستندين لفضل جمع السنن ونشرها في العامة، وليس للحديث المشهور فهو ضعيف بالاتفاق .
وربّعوا بالعادة المعروفة *** ولَم تزل طريـــقةً مألـــوفةْ
بجمهم كنوزَ هذا الديـــنِ **** في الأصل والجهاد والتبيينِ
والشرط هنا: المناسبة والصحة، ثم أُردف عليها تعليقات مستطابات، وكلمات موجزات، تدلل عليها، وتوضح معناها، وترسخ فائدتها ومبتغاها، والله الموفق والمسؤول أن ينفع بها كل متعلم وعالم، وكل قارئ وباحث، وكل محب ومطالع، إنه سميع الدعاء .
9/8/1440هـ
١/ الحديث الأول : الاستعاذة بالله من الفتن:
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قَالَ : «بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ، عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ، وَنَحْنُ مَعَهُ،.. وفيه : ثم أقبل علينا بوجهه وقال:( تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ". قَالُوا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» ) . رواه مسلم( ٢٨٦٧ ).
فيه فضل الدعاء والتعوذ بالله من الفتن، وفِي ذاك تجديد للوعي والإيمان وبيان خطورة الفتن ومغريات الحياة، وأن العبد ليس بمأمن منها .
٢/ الحديث الثاني: التصريف للطاعة:
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ). رواه مسلم ( ٢٦٥٤ ).
فيه أن القلوب واستقامتها بيد الله، فوجب اللهَج له واللجء إليه، بالدعاء المذكور ، فهو مصرّف القلوب ومقلبها سبحانه وتعالى،( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )سورة آل عمران .
٣/ الحديث الثالث: الصبر وقود الثبات:
عن عثمان رضي الله عنه، « كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَمُرُّ بِعَمَّارٍ ، وَأَبِيهِ ، وَأُمِّهِ ، وَهُمْ يُعَذَّبُونَ بِالأَبْطَحِ فِي رَمْضَاءِ مَكَّةَ ، فَيَقُولُ : ( صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ» ). الحاكم في المستدرك (٦٥٣٤).
فيه فضل الصبر والمصابرة، وأنه أعظم وقود للمبتلى، فاذا انعدم الصبر وقع الهوان، وحلت مصيبة الضعف والركون والتبديل قال تعالى: ( وما بدلوا تبديلا ) سورة الأحزاب . وأن منتهى الصابرين الجنة .
٤/الحديث الرابع: الدعاء الكنز :
عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا كَنَزَ النَّاسُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَاكْنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ حُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» ) رواه أحمد (17114)وهو حسن بمجموع طرقه .
فيه فضل الثبات على الدين، وأنه دعاء مكنوز، وغاية ترجى، ومنال يبتغى، لا سيما عند انشغال الناس بالكنوز الفانية، والدرر الفائتة ، ومعنى الثبات على الامر: الدوام على الدين ولزوم الاستقامة عليه والله المستعان .
٥/ الحديث الخامس : ضرورة الثبات في الفتن :
عَنِ النواس بن سمعان رضي الله عنه قَالَ : «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، إلى أن قال: فعاث يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللَّه فاثبتوا» ). رواه مسلم(٢٩٣٧).
فيه بيان وقوع الفتن في آخر الزمان، وأن الدجال من أخطرها، والأمر بالثبات تجاهها، وهو إنما يحصل لأهل الإيمان المتزودين بالتقوى والعلم.
٦/ الحديث السادس: ثبات المنازلات:
عن جرير البجَلي رضي الله عنه في حديث ذي الخلَصة قال : «كُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ : ( اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا ) . فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا» ... الحديث . رواه البخاري( ٣٠٢٠) ومسلم ( ٢٤٧٦).
فيه فضل الثبات والدعاء لأهله، وعدم ركون المرء إلى قوته وشجاعته، وأن المنة لله أولا وآخرا، فمنه التوفيق والإعانة، والقوة والهداية .
٧/ الحديث السابع: تقليب القلوب:
عَن أنس رضي الله عنه قالَ : «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : ( يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ". فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا ؟ قَالَ : " نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» ). الترمذي( 2140).
وفِي رواية أم سلمة رضي الله عنها ( كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ : " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ". قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لأَكْثَرِ دُعَاءَكَ : " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ؟ ". قَالَ : يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ، فَتَلَا مُعَاذٌ { رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } ). (3522).
فيه تخوف المومن من التقلبات، وأن القلوب بيد الله تعالى، واستحباب الإكثار من هذه الدعوة، وعيش المؤمن بين الرجاء والإشفاق، وذم الركون والاغترار .
٨/ الحديث الثامن: العصمة من الضلال والانحراف:
عَنْ أم سلمة رضي الله عنها قالت : «مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ» ). رواه ابو داود (٥٠٩٤) .
فيه دليل على توخي الهدى ونفي الزلل والضلال المخالف للثبات، والتزام الطريق حسا ومعنى ، وأن الخلطة بالناس لا تخلو من مظاهر تغير ومشكلات، فتعين التحصن والتنبه، قال الطيبي رحمه الله: إن الإنسان إذا خرج من منزله لا بد أن يعاشر الناس، ويزاول الأمر فيخاف أن يعدل عن الصراط المستقيم، فإما أن يكون في أمر الدين، فلا يخلو من أن يَضل أو يُضَل، وإما أن يكون في أمر الدنيا، فإما بسبب جريان المعاملة معهم بأن يَظلم أو يُظلَم، وإما بسبب الاختلاط والمصاحبة، فإما أن يَجهَل أو يُجهَل. فاستعيذ من هذه الأحول كلها بلفظ سلس موجز، وروعي المطابقة المعنوية والمشاكلة اللفظية. انتهى .
٩/ الحديث التاسع: كراهة الاغترار بالظاهر:
عن عبدالله رضي الله عنه قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ : ( « إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ علقةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مضغةً مثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : بِكَتْبِ رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ؛ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا. وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ؛ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا » ) . متفق عليه (٣٣٣٢ ) ( ٢٦٤٣).
فيه أن الزمان قلّب، والأحوال متغيرات، وأن لا أمان إلا بتوفيق الله وتسديده، والحذر من المظاهر، وتعليق الأمور بيد الله، وإثبات القدر.
قال الحافظ رحمه الله: ( فيه أن السعيد قد يَشقى، وأن الشقي قد يسعد، لكن بالنسبة إلى الأعمال الظاهرة، وأما ما في علم الله تعالى فلا يتغير.
قال الحافظ رحمه الله أيضا : ( وفيه أن الاعتبار بالخاتمة، قال ابن أبي جمرة نفع الله به: هذه التي قطعت أعناق الرجال، مع ما هم فيه من حسن الحال؛ لأنهم لا يدرون بماذا يختم لهم ... وفي الحديث أن الأقدار غالبة، والعاقبة غائبة، فلا ينبغي لأحد أن يغتر بظاهر الحال، ومن ثم شرع الدعاء بالثبات على الدين وبحسن الخاتمة..).
١٠/ الحديث العاشر : لزوم السنة زمن الاختلاف الكثير:
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ قَالَ : ( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بالنواجذ وإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ » ). أبو داود (4607) .
في الحديث: فضل الثبات على السنة أيام الفتن والاختلاف، والمحافظة على النهج الحق، وأنه العاصم من الضلال والمحدثات ، والذي يستوجب منا العض عليه بالنواجذ والاستمساك الشديد .
١١/ الحديث الحادي عشر : الاستضاءة من ثبات السابقين:
عن خبّاب بن الأرت رضي الله عنه قالَ : « شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ : أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا ؟ قَالَ : ( كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عصب، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» ). البخاري( 3612) .
هذا حديث عظيم يستفاد فيه إثبات البلاء بالصالحين، وفضل الثبات عليه، والتصدي له بالإيمان وحسن العمل، والاتعاظ بما جرى للأمم السابقة كما قال تعالى:( لقد كان في قصصهم عبرة أولي الألباب )سورة يوسف. وأن العاقبة للمتقين والله المستعان .
١٢/ الحديث الثاني عشر : عمل أيام الصبر:
عن أبي ثعلبة الخُشَني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( «فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ ". وَزَادَنِي قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ؟ قَالَ : " أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ » ). رواه أبو داود والطبراني وهو صحيح ( ٤٣٤١).
فيه بيان أيام الصبر والبلاء، وأن ثمة ساعات يصبح التمسك فيها كالقبض على الجمرِ ، فتخيل أن عملك بالدِّين الحق يصيح في بعض الفترات جهلا وتخلفا وإرهابا كما يردده بعض الجهال، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال تعالى : ( فاستقِم كما أمرت ) سورة هود.
١٣/الحديث الثالث عشر: التزود زمن الفتن :
عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( « الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» ) . مسلم ( 2948 ) .
قال النووي رحمه الله: ( المراد بالهرج هنا : الفتنة واختلاط أمور الناس ، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها ، ولا يتفرغ لها إلا أفراد ).
قال جامعه: وأيضا قلة الأعوان والبواعث، وكثرة الفتن والشهوات الصارفة ، ودعاة على أبواب جهنم يحضّون على الشرور، ويَضيقون بأعمال الخير، التي قل دعاتها، وغاب مجددوها، والله المستعان .
١٤/ الحديث الرابع عشر : حيلولة حلاوة الإيمان:
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما «أن أبا سفيان بن حرب أَخْبَرَهُ ، أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي المدة التِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَا- بيت المقدس- وفيه قال ضمن أسئلة :( وَسَأَلْتُكَ : أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بشاشته الْقُلُوبَ» ) أي حلاوته .
رواه البخاري ( ٧) ومسلم (١٧٧٣).
فيه أن الإيمان بحلاوته حائل دون التبدل والارتداد، مما يعني وجوب زيادته، ومضاعفة أسبابه وعوامله كالمسارعة في الخيرات وابتدار الطاعات .( {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} ) [سورة الأنفال] .
١٥/ الحديث الخامس عشر: التصدي للمخذلين :
عن معاوية رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( «لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» ).
رواه البخاري ( ٣٦٤١ ) ومسلم ( ١٩٢٠).
فيه فضل الاستعصام بالنهج والقيام به عملا ودعوة، وعدم الالتفات للمخالفين والمخذلين، وأن الحياة قائمة على سنة الصراع والاختلاف بين الحق والباطل، وأن في قلوب الطائفة العاملة من الاطمئنان والحزم مالا يخيفهم ولا يحبطهم .
١٦/: الحديث السادس عشر: العاصم من الضلال:
عن أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: ( «إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيئَينِ لَن تَضِلُّوا بَعدَهُمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي» ). رواه الحاكم( (١ /٢٨٤).
فيه أن العناية بالكتاب والسنة أمان من الصلالة والانحراف، ووجوب التمسك بهما، وأن طلب الهداية من سواهما متعذرة ونهايتها البؤس والشقاء .
١٧/ الحديث السابع عشر: التحذير من المخالفة والافتئات:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( « دعوني ما تركتكم، فإنما أهلكَ من كان قبلكم سؤالُهم، واختلافُهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم» ) . رواه البخاري ( ٧٢٨٨).
فيه المحافظة على الطريق الشرعي المعروف، وذم التنطع والمخالفة.
وقال الحافظ رحمه الله : (فينبغي للمسلم أن يبحث عما جاء عن الله ورسوله، ثم يجتهد في تفهم ذلك والوقوف على المراد به، ثم يتشاغل بالعمل به، فإن كان من العلميات يتشاغل بتصديقه, واعتقاد حقيته، وإن كان من العمَليات، بذل وسعه في القيام به فعلاً وتركاً..).
١٨/: الحديث الثامن عشر : استدامة النوافل:
عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ قَالَ : ( «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ..» ) رواه البخاري ( ٦٥٠٢ ).
فيه فضيلة استدامة الطاعات والمحافظة على النواقل ، وأنها سبب للثبات ومحبة الله تعالى، وتوفيق العبد في جوارحه وحياته .
١٩/ الحديث التاسع عشر : عرض الفتن:
عن حُذَيْفَةُ رضي الله عنه قال : «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا،-أي الأعواد المعروفة- فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدَ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّياً،- أي الإناء مائلا- لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ» ..) رواه مسلم ( ١٤٤ ).
في الحديث: كراهة التعرض للفتن، شهوات وشبهات، وضرورة تنقية القلوب وإصلاحها ، ونقل النووي عن بعضهم في معناه: ( أن الرجل إذا تبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبَه بكل معصية يتعاطاها ظلمة ، وإذا صار كذلك افتتن وزال عنه نورُ الإسلام . والقلب مثل الكُوز فإذا انكبّ ، انصب ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك ). وقال القاضي رحمه الله: شبه القلب الذي لا يعي خيرا بالكوز المنحرف، الذي لا يثبت الماء فيه .
٢٠/ الحديث العشرون : الجزاء من جنس العمل:
عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما : كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : ( « يا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ » ) . رواه الترمذي ( ٢٥١٦ ). وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فيه: المحافظة على الشرائع ، وقيل: ( احفظِ الله )أي في أمره ونهيه
( يحفظك ) أي يحفظك في الدنيا من الآفات والمكروهات ، وفي العقبى من أنواع العقاب والدركات..!
قال ابن رجب رحمه الله: ( وهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمةً، وقواعد كلية من أهم أمور الدين وأجلِّها، حتى قال بعض العلماء - وهو ابن الجوزي -: تدبرت هذا الحديث، فأدهشني وكدت أطيش، فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث، وقلة التفهم لمعناه ).
٢١/ الحديث الواحد والعشرون: النهج والاستقامة :
عَنْ سفيان بن عبدالله الثقفي رضي الله عنه قالَ : قُلْتُ : «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ. وَفِي لفظ : غَيْرَكَ . قَالَ : ( قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِمْ ).»
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : ( الاستقامة : هي سلوك الطريق المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة و لا يسرة، و يشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة و الباطنة و ترك المنهيات كلها كذلك ).
وفِي الحديث بيان لفضل الاستقامة وجوهرها الثبات ولزوم الطريق وعدم التبديل والانحراف أو التقصير .
٢٢/ الحديث الثاني والعشرون : انضباط الشباب:
عَنْ عقبة لن عامر رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( « إِنَّ اللَّهَ لَيَعْجَبُ مِنَ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صبوة» ) رواه أحمد وهو حسن (١٧٣٧١ ) . الصبوة في اللسان: جهلة الفتوة واللهو من الغزل .
فيه فضل الثبات على الطريق، وأن من الشباب شباب صالح ثابت يؤثر الطاعة على المعصية ، والجد على اللعب، والهمة على الغفلة ، فيحافظ على دينه، ويصون أخلاقه ومسالكه، وهذا الصنف محل التقدير والإعجاب ، والله الموفق .
٢٣/ الحديث الثالث والعشرون: مقارعة المشركين:
عن أبي هريرة ضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : « بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ جَدِّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ - وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ- وفيه قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ رضي الله عنه : ( ذروني أرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ : لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا ... مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا... عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَال شِلو مِمزّعِ..! وفيه ( وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صبرا الصلاة فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه خبرهم وما أصيبوا » ). البخاري(3405)
في القصة : فضل خُبيب واختياره الثبات على المداهنة، وانشراحه للصلاة والختم بها، وتحديهم بالصبر والثبات.
٢٤/ الحديث الرابع والعشرون : انتصار الثابتين:
حديث غلام الأخدود وفيه: ( «فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله! فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع... وفِي ختامه:( حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه! اصبري؛ فإنكِ على الحق » ). رواه مسلم(3005) .
فيه فضل الثبات والاعتماد على الله، وان الموت والحياة بيده، وتحدي الظلمة وكشفهم للناس، وعدم المساومة على المبادئ .
٢٥/ الحديث الخامس والعشرون: حفاظ المؤمن على أخيه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( « المؤمن مرآة المؤمن ، والمؤمن أخو المؤمن ، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه» ) وحسنه الألباني في أبو داود (4918)
فيه فضل مجالسة أهل الإيمان وعناية المؤمن بأخيه، وإحاطته به عونا وتثبيتا وتسديدا ، وأن أهل الايمان إخوة متناصحون قال تعالى: ( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) سورة العصر .
٢٦/ الحديث السادس والعشرون: هجران الفتن ومواضعها:
( «مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ» ) رواه أبو داود (4319) وصححه الألباني .
فيه أهمية التباعد عن الفتن كالدجال وغيره، وعدم التعرض والوثوق بالنفس، فإن الشُبه خطافة، والأباطيل نفاثة.
٢٧/ الحديث السابع والعشرون: خطر المحقرات واجتماعها :
عَنْ عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( « إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ؛ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ). وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلًا، كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلَاةٍ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا ، فَأَجَّجُوا نَارًا، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا.» ). المسند ( 3818)
فيه وجوب الحذر من المحقرات والصغائر، وأن تراكمها مؤذن بالسقوط وعدم القدرة على المدافعة، كالنار تجتمع وتكبر بأعوادها المتعاضدة.
٢٨/ الحديث الثامن والعشرون: سداد المحقرات :
عَنْ عائشة قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( «يَا عَائِشَةُ، إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللَّهِ طَالِبًا» ). ابن ماجة ( ٤٢٤٣).
فيه خطر المحقرات وأن غبّها وسوء عاقبتها، آت ولو بعد حين، وما ربك بظلام للعبيد.
٢٩/ الحديث التاسع والعشرون: الغراس المؤمنة :
عن أبي عِنبةَ الخولاني رضي الله عنه وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ» ). رواه ابن ماجة بسند حسن (٨).
فيه أن الغراس الإيمانية لا تذبل من الحياة، وأن الأرض لا تخلو من مصلحين، ومن قائمين بأمر الله، ينصرونه ويصبرون فيه على الأذى والبلاء ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون احدا الا الله ) سورة الأحزاب .
٣٠/ الحديث الثلاثون: التصدي للجور:
عن جابر بن عبدالله : «سيِّدُ الشُّهداءِ حمزةُ بنُ عبدِ المطَّلبِ ورجلٌ قام إلى إمامٍ فأمره ونهاه فقتله» ) الحاكم (2557) .
ويروى ( أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر ) أبو داود .( 4344).
فيه منقبة لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، والتصدي للجور وعدم الرضا بالهوان، وأن الأمة لا تخلو من أعِزة أشداء، ينافحون ويصبرون، وعلى ربهم يتوكلون .
٣١/ الحديث الأول والثلاثون : أنواع الجهاد:
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( « جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ» ) . أبو داود (2504) والنسائي(3096)
فيه بيان أنواع الجهاد، وأنها كلها أبواب عمل ونصر ودفاع يؤجر عليها المرء ، وفيها من التضحية والانتماء والحب ما لا يخفى، وأن تفاوتها لتفاوت أصحابها قوة وإيمانا .
٣٢/ الحديث الثاني والثلاثون: تحري الطاعات:
عَنْ عائشة قَالَتْ : « كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَالْخَمِيسِ» . الترمذي ( 2360) .
فيه فضل تحري الطاعات وطلبها، والحرص على تحصيل ثرائها وبركتها لما فيها من أنوار التثبيت على الحق، والمحافظة على الإيمان .
وتخير بعض الطاعات والسؤال عنها وتعاهدها، وفِي ذلك تثبيت وحلاوة واطمئنان .
٣٣/ الحديث الثالث والثلاثون : المحافظة على الورد اليومي:
قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا ؛ حُرِّمَ عَلَى النَّارِ» ).أبو داود (1269) .
فيه فضل السنن الصلاة قبل الظهر وبعدها، وأن المواظبة علامة جد وتبكير ومسارعة قال تعالى: ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ) سورة آل عمران.
٣٤/ الحديث الرابع والثلاثون : الثبات والحذر من التضييع:
عَن أبي بُصرة الغفاري رضي الله عنه : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بِالْمُخَمَّصِ، قَالَ : ( «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، وَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا حَتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ » ". وَالشَّاهِدُ : النَّجْمُ. مسلم (830 ) .
فيه فضل الصلوات لا سيما صلاة العصر، التي تكون محل راحة الناس أو عمل بعضهم، وأنها كانت محل امتحان السابقين فضيعوها، وفِي المحافظة مجاهدة وجلد، وتغلب على صنوف الراحة ومغريات الكسل.
٣٥/ الحديث الخامس والثلاثون : علامات المحافظة على الصلاة:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ : ( «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نُورًا وَلَا نَجَاةً وَلَا بُرْهَانًا، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ» ) . أحمد (2763) . وإسناده صحيح
فيه فضل المحافظة على الصلوات، وانها إمدادات النور والبرهان والنجاة لكل عبد، صدق فيها وأخلص، واحتسب خطاه، وجعلها مرماه ونداه، قال تعالى( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) سورة البقرة .
٣٦/ الحديث السادس والثلاثون : التعاهد القرآني:
عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ، وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ » ) . البخاري (4937 ) مسلم( 789).
فيه فضل سنة التعاهد القرآنية، وأنها الزاد الحافظ، والميراث الباقي، والقلادة الحاوية، التي تحمي وتمنع وتصون، وما أُتي بعض الناس إلا من تقصير واضح، أو هجر صارح، والله المستعان .
٣٧/ الحديث السابع والثلاثون : الثبات على العلم :
عن أبي هريرة رضي الله عنه، في قصة إكثاره من الرواية قال:( «وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ بِالْأَسْوَاقِ، وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا» ، ..) البخاري( 2047 ).
فيه لزوم مجالس العلم والصالحين والصبر عليها، برغم الجوع والتعب كما صنع أبو هريرة رضي الله عنه، وقد انتهى به المسار إلى أن يكون راوية الإسلام، وحافظ الصحابة، وذلك من أسباب الثبات إذا صحت النية، وخلص المقصد .
٣٨/ الحديث الثامن والثلاثون : وقت لزوم البيوت خشية الفتن:
عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ : «بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، فَقَالَ : ( إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرجت عهودهم، وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ، وَكَانُوا هَكَذَا ". وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. قَالَ : فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ : كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ ؟ قَالَ : " الْزَمْ بَيْتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ، وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ» ) .أبو داود( 4343 ) .
فيه لزوم البيت أيام الفتن، وصون اللسان، واتباع المنهج المعروف، وأن في ذلك عونا على الاستقامة وعدم التغير .
٣٩/ الحديث التاسع والثلاثون : الثبات الجهادي:
عَنِ البراء رضي الله عَنْهُ، قَالَ : «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ : ( لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِن لَاقَيْنَا إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» ).
البخاري(2837) مسلم(1803).
فيه أن الثبات من الله، وأن ثبات الطاعة طريق لثبات الجهاد والمواجهة، ومشاركة القائد أصحابه العمل ، وضرورة الاستعصام بالواحد الأحد، وطرح همة النفس وإهمالها بدون توفيق خالقها ومعينها، واستحباب الرجز وإنشاده.
٤٠/ الحديث الأربعون : قدوتنا في الثبات:
قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ( «أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ ؟ قَالَ : لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفِرَّ، إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا، فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَفِرَّ.» ..) البخاري (2864) .
فيه ثبات المؤمن في المواقف والجبهات، وشجاعة رسول الله، ومكانة القائد من قومه، وأن دوره الإقدام والمواجهة والتثبيت ، وبث الحماس في القلوب .
٤١/ الحديث الواحد والأربعون :الثبات على الذكر:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ ؛ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ : ( لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ» ).. الترمذي( 3375) ابن ماجه(3793) .
في الحديث: فضل الذكر وديمة التشبث به، وهو شكل من الثبات الحافظ للمرء، والمعين له على دينه واستقامته، علاوة على ما فيه من ألوان السعادة ولذة الانشراح، قال تعالى: ( { ألا بذكر الله تطمئن القلوب} ) [سورة الرعد] .
تمت بحمد الله الأربعون المعنية في الثبات والاستمساك بالحق، راجيا من الله نفعها والعون على تعلمها وشرحها.
والحمد لله رب العالمين.