توضيح عفو سيدنا يوسف عليه السلام
ممدوح إسماعيل
سيدنا يوسف اضمر فى نفسه ظلم اشقائه وقال بل انتم شر مكانا ولم يعف عنهم بسرعة ولم يقل لهم فى نفسه وهو نبى مسامحكم يا اشقائى فالظلم يجرح النفس حتى لو كانت نفس نبى لذلك الرد الفطرى السليم هو الحزن من الظلم والتبرؤ من الظالم وظلمه.
- التصنيفات: التفسير - قصص الأنبياء -
توضيح عفو سيدنا يوسف عليه السلام
الاعتراف بالخطأ قبل العفو كثير من الناس ومن المثقفين يحتجون بعفو سيدنا يوسف بدون فهم وأحيانا بخلط الأمور ويقولون انه عفا عن اشقائه رغم جرمهم وفقط والبعض يستخدم ذلك للتدليس فى الحقوق وتمرير الظلم تحت العفو والحقيقة القرآنية فى عفو سيدنا يوسف كما جاءت فى القرآن وشرحها المفسرون ابن كثير والقرطبى والطبرى وغيرهم كثير كالآتي :
الواقعة الأولى فى قول تعالى: ( {قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ} هنا سيدنا يوسف اضمر فى نفسه ظلم اشقائه وقال بل انتم شر مكانا ولم يعف عنهم بسرعة ولم يقل لهم فى نفسه وهو نبى مسامحكم يا اشقائى فالظلم يجرح النفس حتى لو كانت نفس نبى لذلك الرد الفطرى السليم هو الحزن من الظلم والتبرؤ من الظالم وظلمه انتم شرمكانا ولو كان اخ شقيق أو أى انسان كان.
الواقعة الثانية: المواجهة بين يوسف واخوته كما جاء فى القرآن: {قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ} [89: يوسف] واجههم يوسف بظلمهم وافتراءهم علانية ولم يسكت ويقول لا نتكلم فيما حدث بل واجههم ليعلم المخطئ خطأه ويعلم الناس أن الحق لابد أن يعلو وهنا لم يعلمهم يوسف ثم يسامحهم بل ننتقل إلى الواقعة الثالثة.
الواقعة الثالثة: كما جاءت فى القرآن {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ}. الاعتراف العلنى الواضح من اشقائه بالخطأ وتعمد الخطأ وان كنا لخاطئين ولم يقولوا اعف عنا ولاتحرجنا أو يكذبوا ويبرووا ظلمهم بل اعتراف واضح صريح بداية ثم هنا ننتقل إلى الواقعة الرابعة.
الواقعة الرابعة والاخيرة:{قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} عفا سيدنا يوسف بعد أن شعر بالحزن من ظلمهم ووصفهم بالشر وبعد اعلانهم بظلمهم علانية فى المواجهة وبعد اعترافه بالخطأ وتعمدهم كان العفو هنا وهو النبى الممكن ولايليق به غير العفو ولكن كان بعد استيفاء الحق وتبينه والاعتراف ولقد أوضح الله عزوجل فى كتابه استيفاء الحقوق فقال: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيْلٍ} وجعل العفو فضيلة فقال {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.
ومن هنا يتبين خلط الأمور عند الناس واستدلاهم فى عفو سيدنا يوسف عليه السلام بدون فهم ووعى فإنه ان عفا المظلوم بدون تبيان الحق ضاعت الحقيقة ولم يرتدع ظالم.. كتبه ممدوح اسماعيل.