نحن أحق بمطبخ الحب

أبو الهيثم محمد درويش

«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه» [متفق
عليه]، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً: «مثل المؤمنين في
توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر
الجسد بالسهر والحمى» [متفق عليه].

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -



قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى } [االمائدة: 2].
وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71].
وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» [متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه]، ويقول عليه الصلاة والسلام: « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه» [متفق عليه]، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» [متفق عليه].

وقفت على  مقال تتحدث فيه الدكتورة ابتسام بوقري عن مشروع خيري لتوزيع الطعام يومياً قامت به امرأتان أمريكيتان تجاوزتا الثمانين, تبذلان الجهد والمال لإطعام 2000 محتاج يومياً, فشعرت بالغيرة الشديدة على الإسلام والمسلمين, وقلت في نفسي: "نحن أحق بهذا المشروع منهم, فديننا يحثنا على مثله, وشرعنا يحضنا على القيام على المحتاج وذي الفاقة".. فأحببت أن أنشر المشروع عسى أن أستثير غيرة المسلمين فأرى منهم من يقوم بمثله أو بأفضل منه.


مطبخ الحب
د. إبتسام بوقري
استضافت المذيعة المشهورة ذات الحس الإنساني (أوبرا وينفري) في برنامجها أختان توأمتان قد بلغتا من العمر عتياً، 82 سنة، وفي عالمنا العربي في مثل هذا العمر يكون الشخص قد جاوز سن التقاعد فلا عمل له في الحياة وتعتبر المرأة من القواعد من النساء فلا يرجى منها شيء.. لكن الأختان لم تقعدا كما يتوقع منهما بل وقفتا على أقدامهما ساعات طويلة لإعداد وجبات طعام للمحتاجين من الفقراء والمرضى والمسنين فيما أطلقتا عليه إسم "مطبخ الحب" تعبيراً عن مشاعر الحب نحو البشر ليس بالكلام فقط بل بالفعل والعمل على قضاء حاجات الناس الجائعين لوجبات جيدة وساخنة تصل لهم بكل كرامة ومحبة بشكل مستمر حيث يقيمون دون عناء ولا مذلة ولا دفع مال لا يملكونه أصلاً، حيث يتم توزيع 2000 وجبة يومياً لمن لا يستطيع الحضور لتناول الطعام في مطعم المطبخ.


وهذا المشروع النبيل بدأ منذ عشرين سنة وما زال يواصل عطاؤه بشكل منتظم رغم كبر سن الأختان، وحين سألتهما أوبرا إلى متى سيستمر؟ فأجابت إحداهما: (أتمنى أن أموت وأنا واقفة في هذا المكان أقوم بعملي) وذكرتني بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها »، فالعمل شرف وعبادة لآخر لحظة من العمر.

ولم تكتفي أوبرا بتعريفنا بهذا المشروع الرائع بل أنها نسقت من خلال البرنامج مع إحدى السيدات الثريات أن تنضم لمطبخ الحب كمتطوعة، دون أن تعرفهم بأنها مليونيرة، وفعلاً قامت بالمشاركة في توزيع وجبات الطعام على المحتاجين وشعرت بمدى سعادتهم وبلذة العطاء.. وفي آخر المدة اضطرت للتعريف بنفسها للأختان بأنها غنية حيث تبرعت للمطبخ بمبلغ 20 ألف دولار وكانت مفاجأة بالنسبة لهما وقد استضافتها معهما في البرنامج، لكن المفاجأة الأكبر هو أن أوبرا أتفقت مع شركة كبيرة لتقديم تجهيزات كاملة للمطبخ إضافة لتموينه بكل إحتياجاته لمدة سنة، وبهذا كانت مساهمة فعالة للمساندة..
وقالت الأختان أن المشاركة ممكنة ليس فقط بالمال بل حتى بالجهد والوقت والعمل..


نموذج رائع نتمنى أن نرى مثله في بلادنا خصوصا مع إطلالة رمضان شهر الإحسان فهل نجد من يؤسس مطبخ الحب ويقوم بتوزيع وجبات إفطار وسحور ساخنة للمحتاجين؟ نأمل ذلك فكما قال عليه صلى الله عليه وسلم: « الخير في أمتي إلى قيام الساعة »، وما أجمل أن تتضافر الجهود الفردية لتصبح عمل جماعي منظم يغطي أكبر عدد ممكن لتقديم طعام جيد بقيمة غذائية عالية وليس مجرد توزيع وجبات لا تسمن ولا تغني من جوع.

فهذا هو العطاء الحقيقي الذي ينفعنا في الدنيا والآخرة تنفيذاً لوصية حبيبنا نبينا عليه الصلاة والسلام: «أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفْشُوا السَّلامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ».

وأخيراً: أحيي الدكتورة ابتسام بوقري على حسها الاجتماعي الخيري, وأسأل الله أن أرى في المسلمين من يقوم بمثل هذا المشروع وأفضل.

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام