صَلَواتٌ وكِتَاب...!
حمزة بن فايع الفتحي
وفِي سبْق الصلاة للمطالعة العلمية انشراح للفؤاد، وتمنح الطاقة الروحية ، بحيث تَطيب القراءة، ويتعاظم أثرها وإنتاجها، وذاك من بركات الصلاة والتعاهد المسجدي اليومي
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
• يعاني بعض الشباب من قلة القراءة، وضعف الالتزام اليومي ، والضيقة من الكتاب وعدم القدرة على إنهاء مجلد لطيف والسبب يكمن في تعلق روحي تقني، وعزوف علمي ورقي، وتبدد وقتي يومي...!
• والحلّ في الانضباط هو في ربط القراءة والمطالعة اليومية ببرنامجك اليومي المعهود، (كأوقات الصلوات) التي أيقنت بعظمتها وتبرمجت على أدائها مسجديا وروحيا، خمس مرات في اليوم والليلة ...!
• فاجعل فيها وردَك المعهود، وزادك المرصود ، ونهَمك المودود، ورغبتك الصادقة، وهمتك الشائقة... فإن النتائج مُبهرة، والثمار عجيبة ..!
• فمثلا الراغبون في حفظ القرآن وختمه، ...صفحة واحدة تكرر بصدق وإتقان، وجد وإمعان بعد كل فريضة، ثم يراجعها في مستهل اليوم الجديد، ستجعلك في مصاف الحفظة، وفضل الله واسع...!
• وليعلم أن التزام ( أربع صفحات ) بعد كل صلاة في المسجد، ينتهي إلى ختمه مرةً كل شهر، وفِي الحديث الموصى به عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال لي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( « اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ ". قُلْتُ : إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. حَتَّى قَالَ : " فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ، وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ» ) .
• حيث إنك ستقرأ كل يوم(٢٠ ) صفحة، وحينما نضربها في (٣٠)يوما يكون الجواب (٦٠٠) صفحة وهو ما يقارب عدد صفحات القرآن بالطبعة المتداولة(٦٠٤) ، وهذا أمر ميسور ، قال تعلى ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر ) سورة القمر .
• وحينما تنصرف الهمة لكتاب آخر، كمختصرات (الصحيحين) مثلا، أو تفسير (ابن كثير)، أو (زاد المعاد) ، وتهضم كل يوم (عشرين صفحة)، فإنك ستنتج إنتاجاً ليس بالسهل، وتربي نفسك على الاطلاع المستديم، والتبرمج اليومي .
• وتحرز من خلال ذلك فوائد منها: اللصوق بالكتاب، وملامسة الأوراق، التدريب العلمي، والمجاهدة، والانتصار على النفس، ونبذ الكسل، وختم الكتاب في موعده المحدد .
• ولن يتم ذلك إلا بكتابة العهد النفسي، والميثاق الأخلاقي، الذي يجعلك لا تخرم موعدا، ولا تؤخر حاضرا، ولا تسوّف مقصدا... ! فقد عزمتَ فتوكل على الله، وأوفِ بوعدك، ولا تكن من المُدحضين المنهزمين ..!
• ويساعد على إنجاز المهمة، صلاتك الدائمة في المسجد، وعدم التأخر، والتباعد من العلائق الاجتماعية ، وفِي جلسة المسجد غُنية وعونٌ وتوفيق .
• وفِي مسجد الأرواح نور ودوحةٌ/ وفيه اعتكافٌ صينٌ وتفوقُ
تَنال مع الأيام مجدا ورفعةً/ وتبلغ آمالاً وتسمو وتورقُ ..!
• واذا تأملت التزام أئمة المساجد (برياض الصالحين) كل عصر، لرأيت العَجب العُجاب، والروض المُستطاب ...! ومن باب التحدث بنعمة الله، فقد ختمه العبد الفقير نحو ثلاث مرات أو أربع .... مرة في جامع الملك عبد العزيز بالربوع، والأخرى في مسجد التقوى بالضرس، والثالثة بجامع الفهد المشهور في محايل عسير.
• فإذا لانَ ذاك لإمام المسجد وطاب، وهو يردد حديثا وحديثين كل يوم، بما لايتجاوز الأربع الدقائق، فكيف بمن يزيدها قليلا، ويمتثلها امتثالا ...؟!
• ويذكر العبد الفقير أنها طريقة مجربة ، وقد التزم بعض الكتب وربطها بالصلاة، ففرغ منها في وقت وجيز مثل( الآداب الشرعية لابن مفلح ). ثلاثة مجلدات محققة ، وزاد عليها فهرسة الفرائد والنوادر..!
• وفصولا من فتح الباري وزاد المعاد وأشباهها، وكان يشعر بقوة الربط والرباط، وبركة الموضع والمُضاع، وجمال النَّيل والمنال..!
• والتزام دقائق معدودات أو صفحات متعهدات في اليوم والليلة، سيورث المؤمن خيرا عميماً وفضلا كريما، ويجعله يقدر ثمنية الوقت، وكيف أن القليل الدائم نافع مبارك، وعائدته ذهبية، وثمراته ألماسية .... وفِي الحديث الصحيح( «أحبُّ الأعمال إلى الله أدومُها وإن قل» ).
• وصلاة الجماعة أعظم حافز على ذلك، يتلوها المُكث في المسجد، ثم التباعد عن الناس، فالإصرار والهمة المتوهجة، ثم التصبر والتلذذ بالنتائج المستحسنة .
• ولو التزم القارئ الجاد نظام عشرين صفحة كل يوم ، على أسوا الأحوال، فإن ذاك يعني ختم مجلدين كل شهر (٦٠٠) صفحة، يعني في السنة (٢٤) مجلداً على اقل تقدير...! فكيف بمن يضاعف الجهد، ويُكثر الرصيد، ويوغل في التحصيل ...؟!
• وفِي سبْق الصلاة للمطالعة العلمية انشراح للفؤاد، وتمنح الطاقة الروحية ، بحيث تَطيب القراءة، ويتعاظم أثرها وإنتاجها، وذاك من بركات الصلاة والتعاهد المسجدي اليومي .
• والمسجد بيت كل مؤمن، فيه يغدو ويروح، ويخلو وينوح، ويحن ويبوح، ويحيا ويسيح...! وانبثاق زهرات علمية ليس بكثير ولا جديد على مقدمات يانعة عاشها المؤمن القاصد للمسجد، وقد تخللتها دعوات صدق، وكلمات رغبة ورهبة، والله الموفق والمعين .