هل يصح الاشتراك في العقيقة؟

حسام الدين عفانه

أن يشترك سبعة أشخاص في جزور أو بقرة عن سبعة أولاد،  أو يشترك سبعة بعضهم يريد اللحم وبعضهم يريد العقيقة في جزور أو بقرة، فهل يجزئ هذا الاشتراك في العقيقة؟

  • التصنيفات: العقيقة وأحكام المولود -
هل يصح الاشتراك في العقيقة؟

وتوضيح المسألة: أن يشترك سبعة أشخاص في جزور أو بقرة عن سبعة أولاد،  أو يشترك سبعة بعضهم يريد اللحم وبعضهم يريد العقيقة في جزور أو بقرة، فهل يجزئ هذا الاشتراك في العقيقة؟


اختلف العلماء في المسألة على قولين:
القول الأول: يجوز ذلك وهو قول الشافعية، قال النووي: ولو ذبح بقرة أو بدنة عن سبعة أولاد أو اشترك فيها جماعة جاز سواء أرادوا كلهم العقيقة أو أراد بعضهم العقيقة وبعضهم اللحم كما سبق في الأضحية.
وقال الحافظ ابن حجر: وذكر الرافعي بحثاً أنها تتأدى بالسُبُع كما في الأضحية.


القول الثاني: لا يجوز الاشتراك في العقيقة فإذا أراد شخص أن يعق ببقرة أو جزور فيجوز ذلك عن مولود واحد فقط وهو قول الحنابلة ونص عليه الإمام أحمد. قال الخلال في جامعه: باب حكم الجزور عن سبعة: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه قال لأبي عبد الله - الإمام أحمد - يعق بجزور

وقال الليث قد عق بجزور. قلت: يعق بجزور عن سبعة؟ أنا لم أسمع في ذلك بشيء ورأيته لا ينشط لجزور عن سبعة في العقوق.
فالحنابلة يرون أن الرأس من البقر أو الإبل يجزئ عن مولود واحد فقط ولا يصح أن تكون البقرة عن سبعة ولا الناقة عن سبعة، قال المرداوي: ولو عق ببدنة أو بقرة لم يجزه إلا كاملة، وهو قول المالكية فيما يظهر لي.


وحجة الشافعية القياس على الأضحية والهدي حيث يجوز الاشتراك في الأضحية والهدي والبدنة أو البقرة عن سبعة أشخاص فقد ورد في الحديث عن جابر قال: نحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة) رواه الترمذي وقال هذا حديث صحيح حسن والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم.
وحجة الحنابلة في عدم الجواز عدم ورود دليل على ذلك.
قال العلامة ابن عثيمين معلقاً على قول موسى الحجاوي المقدسي: وحكمها كالأضحية إلا أنه لا يجزئ فيها شِرْك في دم - أي العقيقة لا يجزئ فيها شِرْك دم-، فلا تُجزئ البعير عن اثنين، ولا البقرة عن اثنين، ولا تجزئ عن ثلاثة ولا عن أربعة من باب أولى. ووجه ذلك: أولاً: أنه لم يرد التشريك فيها، والعبادات مبنية على التوقيف.

ثانياً: أنها فداء، والفداء لا يتبعض؛ فهي فداء عن النفس، فإذا كانت فداء عن النفس فلا بد أن تكون نفساً، والتعليل الأول لا شك أنه الأصوب؛ لأنه لو ورد التشريك فيها بطل التعليل الثاني، فيكون مبنى الحكم على عدم ورود ذلك].


وعلل ابن القيم عدم جواز الاشتراك في العقيقة بكلام لطيف حيث قال: لما كانت هذه الذبيحة جارية مجرى فداء المولود كان المشروع فيها دماً كاملاً لتكون نفسٌ فداء نفسٍ، وأيضاً فلو صح فيها الاشتراك لما حصل المقصود من إراقة الدم عن الولد، فإن إراقة الدم تقع عن واحد ويحصل لباقي الأولاد إخراج اللحم فقط والمقصود نفس الإراقة عن الولد، وهذا المعنى بعينه هو الذي لحظه من منع الاشتراك في الهدي والأضحية ولكن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق وأولى أن تتبع وهو الذي شرع الاشتراك في الهدايا وشرع في العقيقة عن الغلام دمين مستقلين لا يقوم مقامهما جزور ولا بقرة والله أعلم] ، كذا قال وينبغي أن يقال سبع جزور ولا سبع بقرة.
ومع أن الحنابلة ممن يرون أن حكم العقيقة هو حكم الأضحية إلا أنهم استثنوا هذه المسألة من ذلك كما ذكر المرداوي: ويستثنى من ذلك أنه لا يجزئ فيها شرك في بدنة ولا بقرة.
وقال ابن القيم: [ولا يجزئ الرأس إلا عن رأس هذا بتمامه تخالف فيه العقيقة الأضحية والهدي.