وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا

أبو الهيثم محمد درويش

{ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23)} [نوح]

  • التصنيفات: التفسير -

{ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} :

المكر الدائم المستمر دأب أهل الكبر والعناد ورفض الشرائع ومحاربة الأنبياء عبر التاريخ, ودعوتهم دائماً معتمدة على الرضى بعقيدة المجتمع والأسلاف مهما كانت فاسدة ومحاربة دعوات الإيمان والإصلاح التي قد تفقدهم بعض الشهوات وبعض الأهواء وستضع لجموح أنفسهم حدوداً شرعية.

وهذا ما فعله قوم نوح إذا زاد المكر وقامت الدعوة على التمسك بأصنام الأجداد وأوثانهم ورفض عقيدة التوحيد وشرائع السماء.

قال تعالى:

{ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23)} [نوح]

قال ابن كثير في تفسيره:

وقوله : ( {ومكروا مكرا كبارا} ) قال مجاهد : ( {كبارا} ) أي عظيما . وقال ابن زيد : ( {كبارا} ) أي : كبيرا . والعرب تقول : أمر عجيب وعجاب وعجاب . ورجل حسان ، وحسان : وجمال وجمال ، بالتخفيف والتشديد ، بمعنى واحد .
والمعنى في قوله : ( {ومكروا مكرا كبارا} ) أي : باتباعهم في تسويلهم لهم بأنهم على الحق والهدى ، كما يقولون لهم يوم القيامة : ( {بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا } ) [ سبأ : 33 ] ولهذا قال هاهنا : ( {ومكروا مكرا كبارا} )

قال السعدي في تفسيره:

{ {وَقَالُوا} } لهم داعين إلى الشرك مزينين له: { {لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ } } فدعوهم إلى التعصب على ما هم عليه من الشرك، وأن لا يدعوا ما عليه آباؤهم الأقدمون، ثم عينوا آلهتهم فقالوا: { { وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} } وهذه أسماء رجال صالحين لما ماتوا زين الشيطان لقومهم أن يصوروا صورهم لينشطوا -بزعمهم- على الطاعة إذا رأوها، ثم طال الأمد، وجاء غير أولئك فقال لهم الشيطان: إن أسلافكم يعبدونهم، ويتوسلون بهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم، ولهذا أوصى رؤساؤهم للتابعين لهم أن لا يدعوا عبادة هذه الآلهة .

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن