عناوين السعادة (1-2)
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
فمن الأمور التي يسعى جميع الناس بمختلف أديناهم, ومعتقداتهم, وأعمارهم, وأجناسهم للحصول عليها: السعادة, فالكل يبحث عنها, والجميع ينشدها, وما من إنسان إلا يودُّ أن يكون من السعداء.
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد:
فمن الأمور التي يسعى جميع الناس بمختلف أديناهم, ومعتقداتهم, وأعمارهم, وأجناسهم للحصول عليها: السعادة, فالكل يبحث عنها, والجميع ينشدها, وما من إنسان إلا يودُّ أن يكون من السعداء.
فغير المسلمين بحثوا عن السعادة, ولكنهم ما وجدوا السعادة التي تريح قلوبهم وتسعد أروحهم, ومن منَّ الله عليهم فأسلم تحدث عند فقده للسعادة قبل إسلامه, وإحساسه بها بعد إسلامه, فالسعادة في الدنيا وبعد الموت في دين الإسلام, وليست في غيره من الأديان والمعتقدات, قال العلامة ابن باز رحمه الله: من أراد الأمن في الدنيا والسعادة في الآخرة فعليه بهذا الدين, وأن يلتزم به, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: تحصل السعادة بعد الموت بالإيمان والإسلام.
ومن بحث عن السعادة من المسلمين وغيرهم, في طرق غير موصلة إليها, من: تناول مسكر, أو رؤية ملهٍ, أو سماع مطربٍ, ونحو ذلك, فهؤلاء ما وجدوا السعادة, بل وجدوا ضدّ ذلك, فالذنوب لها الآم عاجلة من هموم وغموم وأحزان, فهي والسعادة نقيضان لا يجتمعان.
ومن وفقه الله فتاب عليه من الظلم والجهل المانعان من السعادة, أصبح من السعداء, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: السعيد: من تاب الله عليه من جهله وظلمه, وإلا فالإنسان ظلوم جهول
التقي السعيد يُحسُّ بالسعادة, ولو كان من أقلّ الناس مالاً و شرفاً, لأن سعادته تجعله منشرح الصدر, مرتاح النفس, مطمئن القلب.
والتقي السعيد لا يحزن على دنياه عند موته ولا يخاف وقت الرحيل عنها, قال الله عز وجل: {فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [الأعراف:35] بل إنه يشعر بعد موته بسعادة أتمّ وأكمل مما كان في دنياه, قال العلامة ابن القيم رحمه الله: يشعر العبد تمام الشعور بأن ذلك عين السعادة إذا كشف له الغطاء, وفارق الدنيا ودخل الآخرة, وإلا فهو في الدنيا وإن شعر بذلك بعض الشعور فليس شعوره به كاملاً, للمعارضات التي عليه والمحن التي امتحن بها.
والتقي السعيد سعادته موصلة بسعادة الآخرة, قال الله عز وجل: { وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السمواتُ والأرضُ إلا ما شاء ربك عطاءً غير مجذوذ} [هود:108] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الموت لا بدّ منه, فإن كان العبد من أهل الهداية, كان سعيداً بعد الموت, وكان الموت موصلاً له إلى السعادة الدائمة الأبدية, فيكون رحمة في حقه.
لقد تكلم الكثيرون من أدباء وشعراء وفلاسفة ومفكرين وكتاب وباحثين وغيرهم, عن أسباب السعادة وعلاماتها, فمنهم من جانبه الصواب في ذلك, ومنهم من أصاب في ذلك, وممن أصاب في ذكر علامات وأسباب وعناوين السعادة: سلف وعلماء هذه الأمة, الذين ذاقوا السعادة ونعموا بها, ففي الدنيا جنة قبل جنة الآخرة, من دخلها شعر بسعادة لو علم عنها المترفون لقاتلوا أهلها عليها, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, ومن الأسباب والعلامات والعناوين التي ذكرها أهل العلم للسعادة ما يلي:
محبة الله جل جلاله, ومحبة ما يحب:
رأس السعادة: محبة الله جل جلاله, وبقدر ما تعظم هذه المحبة في نفس العبد ينال من السعادة مثلها.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: المحبة المحمودة هي...التي تجلب لصاحبها ما ينفعه في دنياه وآخرته, وهذه المحبة هي عنوان سعادته,..وأعظم أنواعها..: محبة الله وحده, ومحبة ما أحبّ, وهذه المحبة هي أصل السعادة ورأسها.
وقال رحمه الله: أعظم سعادة العبد..تفريغ قلبه لحب الله.
توحيد الله تعالى:
قال الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان: قوة التوحيد هو أعظم الأسباب وأهمها, فمتى قوى توحيد العبد وتعظيمه لربه عز وجل, وصدق في توكله على الله عز وجل, واحتسب ما أصابه في ذات الله عز وجل...فتوحيد الله تعالى من أعظم أبواب السعادة.