فوائد من شرح العلامة عبدالعزيز الراجحي لصحيح البخاري كتاب الإيمان :1-2
كان السلف لا يفرقون بين الإيمان و العمل و حكاه : الفضيل بن عياض ، وكيع بن جراح ، الحسن ، سعيد بن جبير ، عمر عبدالعزيز ، عطاء ، طاووس ، مجاهد ، الشعبي ، النخعي ، الزهري ، ، الثوري ، الاوزاعي ، ابن مبارك ، الشافعي ، احمد ، اسحاق ، أبي عبيدة ، أبي ثور ، وغيرهم.
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
خالد البلوشي
{بسم الله الرحمن الرحيم }
فوائد من شرح العلامة عبدالعزيز الراجحي المسمى بـ "منحة الملك الجليل في شرح صحيح محمد ابن اسماعيل". [كتاب الإيمان].
• الذي قرره جمهور أهل السنة أن الإيمان قول و عمل :
قول القلب : وهو التصديق و الإقرار و الإعتراف.
قول اللسان : وهو الذكر و تلاوة القرآن.
عمل القلب : كالنية و الإخلاص.
عمل الجوارح : كالصلاة و الصيام وغيرها.
• المرجئة يرون أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان وهذا غلط منهم بقسميهم :
مرجئة الفقهاء = الإمام أبو حنيفة وأهل الكوفة.
المرجئة المحضة = وهم الجهمية ومن تبعهم.
و كل من قسمي المرجئة لا يرون أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان.
مرجئة الفقهاء يقولون : الأعمال مطلوبة لكنها ليست من الإيمان فهي واجب و الإيمان واجب آخر.
المرجئة المحضة يقولون : الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان و هي غير مطلوبة و هذا من أبطل الباطل.
• أول من قال بالإرجاء حماد بن أبي سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة.
مسألة الاستثناء في الإيمان:
وهي قول : أنا مؤمن إن شاء الله.
مرجئة الفقهاء : يمنعون من هذا لأنك تعلم من نفسك أنك مصدق فلا تشك في إيمانك،ويسمون من يستثني : الشكاك.
فصَّل جمهور أهل السنة في المسألة :
إن قصد بقوله : أنا مؤمن إن شاء الله الشك في إيمانه فهو ممنوع.
وإن لم يقصد الشك وقصد أن لا يزكي نفسه وأن شعب الإيمان متعددة وأنه لا يجزم أنه أدى ماعليه فلا بأس أن يستثني.
• حكى الشافعي إجماع الصحابة و التابعين أن الإيمان قول و عمل.
• كان السلف لا يفرقون بين الإيمان و العمل و حكاه : الفضيل بن عياض ، وكيع بن جراح ، الحسن ، سعيد بن جبير ، عمر عبدالعزيز ، عطاء ، طاووس ، مجاهد ، الشعبي ، النخعي ، الزهري ، ، الثوري ، الاوزاعي ، ابن مبارك ، الشافعي ، احمد ، اسحاق ، أبي عبيدة ، أبي ثور ، وغيرهم.
• اصطلح العلماء على تسميتهم مرجئة الفقهاء من الإرجاء وهو التأخير لأنهم يرجئون الأعمال و يأخرونها فلا يدخلونها في مسمى الإيمان،فالإرجاء في اللغة : التأخير ومنه قوله تعالى ﴿وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم﴾ [التوبة: ١٠٦]
وأما المرجئة المحضة أو الجهمية فيقولون : الأعمال ليست مطلوبة ويكفي الإيمان.
• الجهم بن صفوان يقول : الإيمان هو معرفة الرب بالقلب والكفر هو جهل الرب بالقلب ، ويقول : لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة،وقد كفرهم العلماء وذكر ابن القيم أنه قد كفر الجهمية خمسمائة عالم.
• الجهم قبحه الله زعيم المرجئة ونفاة الصفات اشتهر بأربع عقائد :
عقيدة نفي الصفات.
عقيدة الإرجاء.
عقيدة الجبر.
القول بفناء الجنة و النار.
• يقول المرجئة المحضة : الإيمان المعرفة الخاصة أي : إذا عرفت ربك بقلبك فهذا هو الإيمان.
وهذا من أبطل الباطل لأن إبليس يعرف ربه بقلبه فعلى مذهبهم يكون إبليس مؤمنا لأن الله أخبر عنه ﴿ {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون} ﴾ [الحجر: ٣٦] فأخبر أنه عرف ربه.
• مذهب الكرَّامية في الإيمان: الإيمان القول خاصة أي : مجرد النطق باللسان ، فمن نطق بلسانه كلمة التوحيد فهو مؤمن ولو كان كافراً في الباطن ، فالمنافقون مؤمنون كاملوا الإيمان عندهم.
• روي عن الإمام مالك أن الإيمان يزيد و توقف في نقصانه وهذه رواية ضعيفة ، والمشهور عنه أنه وافق الجمهور في أن الإيمان يزيد و ينقص.
• صرح كثير من السلف أن الإيمان يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية.
• معرفة القلب هل تزيد و تنقص ؟
على قولين :
-أنها لا تزيد و لا تنقص.
-أنها تزيد و تنقص. وهذا هو الصواب.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:
قال المروذي:قلت لأحمد في معرفة الله بالقلب تتفاضل فيه ؟ قال : نعم ، قلت : يزيد ؟ قال : نعم.
ذكره الخلال عنه ، و أبو بكر عبدالعزيز في كتاب السنة ، والقاضي أبي يعلى في كتاب الإيمان.
• حديث (بني الإسلام على خمس...)
البخاري يرى أن الإسلام و الإيمان شيء واحد و أنهما مترادفان ، وعلى هذا فتكون هذه الخمس من الإسلام ومن الإيمان ، لأن الإسلام هو الإيمان و الإيمان هو الإسلام فتكون الأعمال داخلة في مسمى الإيمان.
في الحديث الرد على المرجئة.
• قوله تعالى ﴿ {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} ﴾ [البقرة: ١٧٧]
البِر التي عدد الله تعالى فيها أمور الإيمان من قول اللسان و قول القلب و عمل القلب و عمل الجوارح وكلها موجودة في الآية ، وتعدادها دليل على أن أمور الإيمان متعددة.
• البخاري يرى أن الإسلام و الإيمان مترادفان ، والصواب الذي عليه الجمهور : أن الإسلام و الإيمان إذا اجتمعا افترقا و إذا افترقا اجتمعا.
فإذا اجتمعا في نص واحد اختلف المعنى فصار الإسلام يراد به العمل و الإيمان يراد به التصديق كما في حديث جبريل عليه السلام ، أما إذا اطلق أحدهما دخل فيه الآخر ، وهذا الذي عليه المحققون كشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة.
• حديث (الإيمان بضع وستون شعبة...)
البضع يطلق على العدد من ثلاثة إلى تسعة ، والمعنى أنه فوق الستين تحت السبعين.
الحديث من أقوى الأدلة في الرد على المرجئة لأنه جعل الإيمان شعباً كثيرة ، والمرجئة يقولون : هذه الشعب لا تدخل في الإيمان وإنما الإيمان هو تصديق القلب فقط.
أعلاها قول التوحيد = وهي قول باللسان.
وأدناها إماطة الأذى = وهو عمل بدني.
والحياء = عمل قلبي.
• حديث (أي الإسلام أفضل ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه و يده)
إذاً الإسلام يتفاوت فدل على أنه يزيد و ينقص وكذلك الإيمان يدخل في الإسلام عند الإطلاق.
• حديث (أي الإسلام خير ؟ فقال : تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ...)
إطعام الطعام عمل ، فدل على أن العمل داخل في مسمى الإسلام و الإيمان ، وفيه الرد على المرجئة.
• حديث (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه...)
الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه أكمل إيماناً من الذي لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، فدل على أن الإيمان يتفاوت فيزيد و ينقص.
قال ابن حجر رحمه الله : ونفي اسم الشيء -على معنى نفي الكمال عنه-مستفيض في كلامهم ، كقولهم : فلان ليس بإنسان.
قال الكرماني : ومن الإيمان أيضاً أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر ، ولم يذكره ، لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه فترك التنصيص عليه اكتفاء والله اعلم.
البخاري وبعض أهل العلم يرون أن الإسلام والإيمان مترادفان ويستدلون بقوله في قصة لوط ﷺ ﴿فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين• فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين﴾.
• حديث (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه...)
الحب عمل قلبي وكمال الإيمان وكمال المحبة أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، فإذا لم يكن الله ورسوله أحب إليه ولده و والده والناس أجمعين فإنه إيمانه ناقص ويكون عاصياً ، وفي هذا دليل على أن الإيمان يتفاوت وأنه يزيد وينقص.
قال ابن رجب رحمه الله : فإن تعارض داعي النفس و مندوبات الشريعة ، فإن بلغت المحبة على تقديم المندوبات على دواعي النفس كان ذلك علامة كمال الإيمان ، وبلوغه إلى درجة المقربين و المحبوبين المتقربين بالنوافل بعد الفرائض.
ذكر الكرماني في شرحه مسألة :
لِمَ لم يذكر نفس الرجل ايضاً ؟ وإنما يجب أن يكون الرسول ﷺ أحب إليه من نفسه ، قال تعالى ﴿ «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» ) ؟
الجواب :
إنما خصص الوالد و الولد بالذكر لكونهما أعز خلق الله على الرجل غالباً وربما يكونان أعز من نفس الرجل على الرجل.
قيل : ما وجه تقديم الوالد على الولد؟
الجواب : بأن ذلك للأكثرية ، لأن كل واحد له والد وليس العكس و الأولى أن يُقال : إنما قدم ها هنا الوالد نظراً إلى جانب التعظيم.
قال النووي رحمه الله : فيه تلميح إلى قضية النفس الأمَّارة والمطمئنة ، فإن من رجح جانب المطمئنة كان حبه للنبي ﷺ راجحاً ، ومن رجح جانب الأمَّارة كان حكمه بالعكس.
لا يقال : إن من قدم المال أو الوالد على حب الله ورسوله أنه أشرك لصرف شيئاً من أنواع العبادة -وهي المحبة-لغير الله-لأنه لا يكون مشركاً إلا إذا وقع في الشرك كفعله ناقض من نواقض الإسلام ، أما إذا قدم محبة المال أو قدم أي شيء مما سبق على محبة الله ورسوله فهذا يكون عاصياً ولا يكون مشركاً إلا إذا استحل ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
فلا يقال : إن هذا من شرك المحبة ، لأن شرك المحبة المراد به محبة العبادة التي تقتضي كمال الطاعة و كمال الحب وإيثار المحبوب على غيره ، أما المحبة الطبيعية فلا بأس.
محبة الله ورسوله شرط في صحة الإيمان فمن لم يحب الله ورسوله فهو كافر ، وكل مؤمن ولو كان عاصياً عنده أصل محبة الله ورسوله كمن يعمل المعاصي دون استحلالها و هو يعلم أنها معصية لكنه غلبته نفسه.