إن هؤلاء يحبون العاجلة

أبو الهيثم محمد درويش

{ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ۖ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)  } [الإنسان]

  • التصنيفات: التفسير -

{ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ } :

تعجلوا النعيم فرضوا بالدون, وأحبوا دنياهم فشغلت قلوبهم وأنستهم أخراهم وأوامر ربهم وأنستهم الحساب والجزاء المنتظر, هكذا أبناء الدنيا وأهل الإعراض عن الله وأهل الأهواء.

ولو تأملوا في أنفسهم لعلموا أن الذي خلقهم من عدم وأوجدهم على هذا النحو البديع قادر على إعادتهم وإعادة خلق أمثالهم وقادر على محاسبة الجميع ومجازاة الجميع, بالإحسان إلى أهل الإحسان ومعاقبة أهل الإساءة والنكران.

قال تعالى:

{ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ۖ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)  } [الإنسان]

قال السعدي في تفسيره:

{ {إِنَّ هَؤُلَاءِ} } أي: المكذبين لك أيها الرسول بعد ما بينت لهم الآيات، ورغبوا ورهبوا، ومع ذلك، لم يفد فيهم ذلك شيئا، بل لا يزالون يؤثرون، { { الْعَاجِلَةَ } } ويطمئنون إليها، { { وَيَذَرُونَ} } أي: يتركون العمل ويهملون { {وَرَاءَهُمْ } } أي: أمامهم { { يَوْمًا ثَقِيلًا } } وهو يوم القيامة، الذي مقداره خمسون ألف سنة مما تعدون، وقال تعالى: { {يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } } فكأنهم ما خلقوا إلا للدنيا والإقامة فيها.

وقال ابن كثير  في التفسير:

ثم قال : ( {نحن خلقناهم وشددنا أسرهم} ) قال ابن عباس ومجاهد ، وغير واحد : يعني خلقهم . ( {وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا } ) أي : وإذا شئنا بعثناهم يوم القيامة ، وبدلناهم فأعدناهم خلقا جديدا . وهذا استدلال بالبداءة على الرجعة .
وقال ابن زيد وابن جرير : ( {وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا } ) [ أي ] : وإذا شئنا أتينا بقوم آخرين غيرهم ، كقوله : ( {إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا} ) [ النساء : 133 ] وكقوله : ( { إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز } ) [ إبراهيم : 19 ، 20 ، وفاطر 16 ، 17 ].

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن