برنامج الربانية لتخريج الدعاة

فريد الأنصاري

إذ الربانية: هي مرتبة الإمامة في مجاهدة النفس بالقرآن، على الالتزام بحقائقه الإيمانية، والتخلق بِحِكْمَتِهِ الرحمانية؛ إخلاصاً للهِ أولاً؛ حتى تفنى في دعوتها عن كل حظوظها، فلا يقوم شيء منها إلا لله وبه! ثم شهادةً بذلك على الناس، تربيةً ودعوةً، ثم صبراً واحتساباً.

  • التصنيفات: الدعوة إلى الله -

إذ الربانية: هي مرتبة الإمامة في مجاهدة النفس بالقرآن، على الالتزام بحقائقه الإيمانية، والتخلق بِحِكْمَتِهِ الرحمانية؛ إخلاصاً للهِ أولاً؛ حتى تفنى في دعوتها عن كل حظوظها، فلا يقوم شيء منها إلا لله وبه! ثم شهادةً بذلك على الناس، تربيةً ودعوةً، ثم صبراً واحتساباً.

والربانيون هم الأمناء على هذا المنهاج الدعوي، والقائمون به في المجتمع، والحاملون رسالته، تربيةً ودعوةً، على ما قرره القرآن الكريم في غير ما آية، من مثل قوله تعالى: {وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:79].

وقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيئُونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً} [المائدة:44].

وكذا قوله سبحانه: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِيسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63].

وقد أورد الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه قولاً تفسيريا لابنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ}: حُلَمَاءَ فُقَهَاءَ). وقال الإمام البخاري بعد ذلك شارحا: (وَيُقَالُ: الرَّبَّانِيُّ: الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ.) (1).

ومن هنا فالأمة في حاجة ماسة إلى تخريج طائفة عريضة من هذه النماذج الدعوية، وبثهم في كل منطقة وقطاع؛ للقيام بدور تجديد الدين، على موازين العلم والحكمة(2).

 


(1)  صحيح البخاري، كتاب العلم، باب العلم قبل القول والعمل.

(2) قد أوردنا بعض المعالم المنهجية؛ لتكوين شخصية الداعية الرباني، في تمهيد "برنامج الربانية".