هديه عليه الصلاة والسلام في الجنائز

فهد بن عبد العزيز الشويرخ

وكان من هديه: السكون والرضى بقضاء الله, والحمد لله, والاسترجاع.

  • التصنيفات: أحكام الغسل والتكفين والجنائز -

{بسم الله الرحمن الرحيم }

هديه عليه الصلاة والسلام في الجنائز والخطبة وفي الذكر عند الأذان من [زاد المعاد]

هديه عليه الصلاة والسلام في الجنائز:

* كان هديه صلى الله عليه وسلم في الجنائز أكمل الهدى, مخالفاً لهدى سائر الأمم, مشتملاً على الإحسان إلى الميت ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده....فأول ذلك: تعاهده في مرضه, وتذكيره الآخرة, وأمرهُ بالوصية, والتوبة, وأمرهُ من حضر بتلقينه شهادة أن لا إله إلا الله, لتكون آخر كلامه.

* وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تسجية الميت إذا مات, وتغميضُ عينيه, وتغطية وجهه وبدنه, وكان ربما يُقبل الميت كما قبل عثمان بن مظغون وبكى.

* وسنَّ الخشوع للميت, والبكاء الذي لا صوت معه, وحُزن القلب, وكان يفعل ذلك ويقول: ( «تدمع العينُ ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى الرب» )...وبكى يوم موت ابنه إبراهيم رأفه منه, ورحمة للولد, ورقّةًّ عليه, والقلبُ ممتلئ بالرضى عن الله عز وجل وشكره, واللسان مشتغل بذكره وحمده.

* وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الإسراعُ في تجهيز الميت إلى الله, وتطهيره, وتنظيفه, وتطيبه, وتكفينه في الثياب البيض.

* وكان يأمر بغسل الميت ثلاثاً أو خمساً, أو أكثر بحسب ما يراه الغاسل, ويأمر بالكافور في الغسلة الأخيرة, وكان لا يُغسل الشهداء قتلى المعركة.

* وكان إذا قُدم إليه ميت يُصلي عليه, سأل: هل عليه دين أم لا؟ فإن لم يكن عليه دين صلى عليه وإن كان عليه دين لم يصل عليه وأذِن لأصحابه أن يصلوا عليه فإن صلاته شفاعة, وشفاعته موجبة, والعبد مرتهن بدينه, ولا يدخل الجنة حتى يُقضى عنه, فلما فتح الله عليه, كان يًصلي على المدِين, ويتحمل دينه, ويدع ماله لورثته.

* مقصود الصلاة على الجنازة: هو الدعاء للميت, فحفظ من دعائه: ( «اللهم اغفر له, وارحمه, وعافه, واعف عنه, وأكرم نزله, ووسع مدخله, واغسله بالماء والثلج والبرد, ونقِّه من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس, وأبدله داراً خيراً من داره, وأهلاً خيراً من أهله, وزوجاً خيراً من زوجه, وأدخله الجنة, وأعذهُ من عذاب القبر ومن عذاب النار» .

وحفظ من دعائه: ( اللهم اغفر لحينا, وميتنا, وصغيرنا, وكبيرنا, وذكرنا وأنثانا, وشاهدنا وغائبنا. اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام, ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان, اللهم لا تحرمنا أجره, ولا تفتنا بعده.

* وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإخلاص الدعاء للميت.

* وكان يُكبر أربع تكبيرات, وصح عنه أنه كبر خمساً.

* كان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر

* وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم عند رأس الرجل ووسط المرأة

* وكان من هديه صلى الله عليه وسلم الصلاة على الطفل.

* وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه لا يصلي على من قتل نفسه, ولا على من غلَّ من الغنيمة.

* وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا صلى على ميت تبعه إلى المقابر ماشياً أمامه,..وكان إذا تبعها لم يجلس حتى تُوضع.

* ولم يكن من هديه وسنته صلى الله عليه وسلم الصلاة على كل ميت غائب.

* وكان إذا فرغ من دفن الميت قام على قبره, وسأل له التثبيت, ولم يكن يجلس يقرأ عند القبر, ولا يُلقن الميت.

* لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تعلية القبور ولا بناؤها بآجر, ولا بحجر ولبن, ولا تشيدها, ولا تطينها, ولا بناء القباب عليها, فكلُّ هذا بدعة مكروهة, مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم

* سنته صلى الله عليه وسلم تسوية..القبور المُشرفة كلها, ونهى أن يجصص القبر, وأن يبني عليه, وأن يكتب عليه.

* ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد, وإيقاد السرج عليها.

* ونهى عن الصلاة إلى القبور, ونهى أن يتخذ قبره عيداً, ولعن زورات القبور.

* كان هديه أن لا تُهان القبور وتوطأ, وألا يجلس عليها, ويُتكأ عليها, ولا تعظم بحيث تتخذ مساجد فيصلى عندها وإليها, وتتخذ أعياداً وقبوراً.

* وكان إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم, والترحم عليهم, والاستغفار لهم, وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته, وشرعها لهم, وأمرهم أن يقولوا إذا زارها: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين, وإنا إن شاء الله بكم لاحقون, نسأل الله لنا ولكم العافية

* وكان من هدية صلى الله عليه وسم تعزية أهل الميت.

* لم يكن من هدية أن يجتمع للعزاء, ويُقرأ له القرآن.

* وكان من هديه: السكون والرضى بقضاء الله, والحمد لله, والاسترجاع.

* وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس, بل أمر أن يصنع الناس لهم طعاماً يُرسلونه إليهم.

* وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ترك نعي الميت, بل كان ينهي عنه.

 

هديه صلى الله عليه وسم في خطبته:

* خطب صلى الله عليه وسلم على الأرض, وعلى المنبر, وعلى البعير, وعلى الناقة

* كان إذا خطب, احمرت عيناه, وعلا صوته, واشتد غضبه حتى كأنَّهُ مُنذرُ جيش يقولُ: ( «صبحكم ومساكم» )

* كان يخطب قائماً.

* كان لا يخطب خُطبة إلا افتتحها بحمد الله,...وكان يختم خطبته بالاستغفار.

* وكان مدار خُطبه على حمد الله, والثناء عليه بآلائه, وأوصاف كماله ومحامده, وتعليم قواعد الإسلام, وذكر الجنة والنار والمعاد, والأمر بتقوى الله, وتبيين موارد غضبه, ومواقع رضاه, فعلى هذا كان مدار خطبه.

* وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته, فإذا رأى منهم ذا فاقة وحاجة, أمرهم بالصدقة وحضهم عليها.

* كان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجةُ المخاطبين ومصلحتهم.

* وكان إذا قام يخطب, أخذ عصاً, فتوكَّأ عليها وهو على المنبر,..ولم يحفظ عنه أنه توكأ على سيف.

* وكان يُقصر خطبته أحياناً, ويُطيلها أحياناً بحسب حاجة الناس, وكانت خطبته العارضة أطول من خطبته الراتبة.

* وكان يُقصِّرُ الخُطبة, ويُطيلُ الصلاة, ويُكثر الذِّكر, ويقصدُ الكلمات الجوامع.

* وكان يشير بأصبعه السبابة في خطبته عند ذكر الله تعالى ودعائه.

* وكان يستسقي بهم إذا قحط المطر في خطبته.

هديه في الذكر عند الأذان وبعده:

وأما هديه صلى الله عليه وسلم في الذكر عند الأذان وبعده, فشرع لأمته منه خمسة أنواع:

الأول: أن يقول السامع كما يقول المؤذن, إلا في لفظ ( حي الصلاة ) و ( حي على الفلاح ) فإنه صحَّ إبدالهما بـ ( لا حول ولا قوة إلا بالله )

الثاني: أن يقول: وأنا أشهد ألا إله إلا الله, وأن محمداً رسول الله, رضيت بالله رباً, وبالإسلام ديناً, وبمحمدٍ رسولاً, وأخبر أن من قال ذلك غُفر له ذنبُهُ.

الثالث: أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من إجابة المؤذن, وأكمل ما يُصلى عليه به, ويصل إليه, هي الصلاة الإبراهيمية كما علَّمه أمته أن يصلوا عليه, فلا صلاة عليه أكمل منها.

الرابع: أن يقول بعد صلاته عليه: ( اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة, والصلاة القائمة, آت محمداً الوسيلة والفضيلة, وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.

الخامس: أن يدعو لنفسه بعد ذلك, ويسأل الله من فضله, فإنه يستجاب له.

                                كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ