هديه صلى الله عليه وسلم في حجته وعُمره(2-2)

فهد بن عبد العزيز الشويرخ

* استأذنه رعاء الإبل في البيتوتة خارج منى عند الإبل, فأرخص لهم أن يرموا يوم النحر, ثم يجمعوا رمي يومين بعد النحر يرمونه في أحدهما.

  • التصنيفات: فقه الحج والعمرة -

{بسم الله الرحمن الرحيم }

هديه صلى الله عليه وسلم في حجته وعُمره من زاد المعاد

 

* خطب خطبة واحدة, ولم تكن خطبتين جلس بينهما, فلما أتمها, أمر بلالاً فأذن, ثم أقام الصلاة, فصلى الظهر ركعتين أسر فيهما بالقراءة, وكان يوم الجمعة..ثم أقام فصلى العصر ركعتين أيضاً ومعه أهل مكة, وصلوا بصلاته قصراً وجمعاً بلا ريب, ولم يأمرهم بالإتمام, ولا بترك الجمع.

* فلما فرغ من صلاته ركب حتى الموقف, فوقف في ذيل الجبل عند الصخرات, واستقبل القبلة..وكان على بعيره, فأخذ في الدعاء والتضرع والابتهال إلى غروب الشمس, وأمر الناس أن يرفعوا عن بطن عُرنة, وأخبر أن عرفة لا تختص بموقفه ذلك, بل قال: ( «وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف» )

* وكان في دعائه صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه إلى صدره كاستطعام المسكين, وأخبرهم أن خير الدعاء دُعاء يوم عرفة.

* فلما غربت الشمس, واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصفرة, أفاض من عرفة,..ثم جعل يسير العنق, وهو ضرب من السير ليس بالسريع, ولا البطيء, وكان يلبي في مسيره ذلك, ولم يقطع التلبية.

* ثم سار حتى أتى المزدلفة, فتوضأ وضوء الصلاة, ثم أمر بالأذان, فأذن المؤذن, ثم أقام, فصلى المغرب قبل حط الرحال, وتبريك الجمال, فلما حطُّوا رِحالهم, أمر فأقيمت الصلاة, ثم صلى عشاء الآخرة بإقامة بلا أذان, ولم يصلِّ بينهما شيئاً.

* ثم نام حتى أصبح, ولم يُحي تلك الليلة, ولا صحَّ عنه في إحياء ليلتي العيدين شيئاً

* وأذن في تلك الليلة لضعفة أهله أن يتقدموا إلى مِنى قبل طلوع الفجر, وكان ذلك عند غيوبة القمر,...فرمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمة الناي وحطمهم.

* فلما طلع الفجر, صلاها في أول الوقت بأذان وإقامة يوم النحر, وهو يوم العيد

* ثم ركب حتى أتى موقفه عند المشعر الحرام, فاستقبل القبلة, وأخذ في الدعاء والتضرع, والتكبير, والتهليل, والذكر, حتى أسفر جداً, وذلك قبل طُلوع الشمس

* وقف صلى الله عليه وسلم في موقفه, وأعلم الناس أن مزدلفة كُلها موقف.

* ثم سار من مُزدلفة مُردفاً للفضل بن عباس وهو يُلبي في مسيره.

* وفي طريقه ذلك أمر ابن عباس أن يلقط له حصى الجِمار, سبع حصيات,...فالتقط له سبع حصيات من حصى الحذف, فجعل ينفُضُهُنَّ في كفِّه ويقول: «بأمثال هؤلاء فارموا, وإياكم والغلو في الدين, فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين »

* فلما أتى بطن مُحسِّرٍ, حرك ناقته وأسرع السير, وهذه كانت عادته في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه

* وسلك صلى الله عليه وسلم الطريق الوسطى بين الطريقين, وهي التي تخرج على الجمرة الكُبرى, حتى أتى مِنى, فأتى جمرة العقبة, فوقف في أسفل الوادي, وجعل البيت عن يساره, ومنى عن يمينه, واستقبل الجمرة وهو على راحلته, فرماها راكباً بعد طلوع الشمس, واحدة بعد واحدة, يُكبرُ مع كُلِّ حصاة, وحينئذ قطع التلبية.

* وكان في مسيره ذلك يُلبي حتى شرع في الرمي.

* ثم رجع إلى مِنى فخطب خطبة عظيمة بليغة أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر وتحريمه, وفضله عند الله, وحُرمة مكة على جميع البلاد, وأمرهم بالسمع والطاعة لمن قادهم بكتاب الله, وأمر الناس بأخذ مناسكهم عنه.

* وهنالك سُئل عمن حلق قبل أن يرمي, وعمّن ذبح قبل أن يرمي, فقال: لا حرج قال عبدالله بن عمرو: ما رأيته صلى الله عليه وسلم سئل يومئئذٍ عن شيء إلا قال:  «افعلوا ولا حرج »      

* ثم انصرف إلى المنحر بمنى, فنحر ثلاثاً وستبن بدنة بيده, وكان ينحرها قائمة, معقولة يدها اليسرى, وكان عدد هذا الذي نحره عدد سني عمره, ثم أمسك وأمر علياً أن ينحر ما غبر من المائة, ثم أمر علياً رضي الله عنه, أن يتصدق بجلالها ولحومها وجلودها في المساكين, وأمره أن لا يعطي الجزار في جزارتها شيئاً منها, وقال: نحنُ نعطيه من عندنا.

* ولم ينقل أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم, ولا أصحابه, جمعوا بين الهدى والأضحية, بل كان هديهم هو أضاحيهم, فهو هدى بمنى, أضحية بغيرها.

* ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنحره بِمنى, وأعلمهم:   «أن مِنى كلها منحر, وأن فجاج مكة طريق ومنحر»  وفي هذا دليل على أن النحر لا يختص بِمنى, بل حيث نحر من فجاج مكة أجزأه.

* فلما أكمل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحره, استدعى بالحلاق, فحلق رأسه.

* ودعا للمحلقين بالمغفرة ثلاثاً, وللمُقصرين مرة, وحلق كثير من الصحابة, بل أكثرهم, وقصَّر بعضهم.

* ثم أفاض صلى الله عليه وسلم إلى مكة قبل الظهر راكباً, فطاف طواف الإفاضة, وهو طواف الزيارة, وهو طواف الصدر, ولم يطف غيره, ولم يسع معه, هذا هو الصواب...ولم يرمل صلى الله عليه وسلم في هذا الطواف, ولا في طواف الوداع, وإنما رمل في طواف القدوم.

* ثم أتى زمزم بعد أن قضى طوافه وهم يسقون, فشرب وهو قائم.

* ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى مِنى من يومه ذلك, فبات بها, فلما أصبح, انتظر زوال الشمس, فلما زالت مشى من رحله إلى الجِمار, ولم يركب, فبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف, فرماها بسبع حصياتٍ واحدةً بعد واحدةٍ, يقول مع كل حصاة: ( الله أكبر ) ثم تقدم على الجمرة أمامها حتى أسهل, فقام مستقبل القبلة, ثم رفع يديه ودعا دُعاءً طويلاً بقدر سُورة البقرة, ثم أتى إلى الجمرة الوسطى, فرماها كذلك, ثم انحدر ذات اليسار مما يلي الوادي, فوقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو قريباً من وقوفه الأول, ثم أتى الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة فاستبطن الوادي, واستعرض الجمرة, فجعل البيت عن يساره, ومِنى عن يمينه, فرماها بسبع حصيات كذلك..فلما أكمل الرمي, رجع من فوره ولم يقف عندها.

* تضمنت حجته صلى الله عليه وسلم ستَّ وقفات للدعاء: على الصفا, وعلى المروة, وبعرفة, وبمزدلفة, وعند الجمرة الأولى, وعند الجمرة الثانية.

* لم يتعجل صلى الله عليه وسلم في يومين, بل تأخر حتى أكمل رمي أيام التشريق الثلاثة...ثم ارتحل راجعاً إلى المدينة.

* استأذنه العباس بن عبدالمطلب أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته, فأذن له

* استأذنه رعاء الإبل في البيتوتة خارج منى عند الإبل, فأرخص لهم أن يرموا يوم النحر, ثم يجمعوا رمي يومين بعد النحر يرمونه في أحدهما.

* زعم كثير من الفقهاء وغيرهم أنه دخل البيت في حجته, ويرى كثير من الناس أن دخول البيت من سنن الحج اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم, والذي تدل عليه سنته, أنه لم يدخل البيت في حجته ولا في عمرته, وإنما دخله عام الفتح.

                       كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ