اقتناء الكلاب والقطط في ضوء الشرع (13)

خالد سعد النجار

فالصحيح: أنه لا يجزئ عن استعمال التراب، لكن لو فرض عدم وجود التراب وهذا احتمال بعيد، فإن استعمال الأشنان، أو الصابون خير من عدمه " انتهى .

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

{بسم الله الرحمن الرحيم }

وقال الشيخ ابن عثيمين في «الشرح الممتع» عن القول بأنه يجزئ عن التراب غيره، قال:

" وهذا فيه نظر لما يلي:

  1. أن الشارع نص على التراب، فالواجب اتباع النص .
  2. أن السدر والأشنان كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشر إليهما.
  3. لعل في التراب مادة تقتل الجراثيم التي تخرج من لعاب الكلب .
  4. أن التراب أحد الطهورين، لأنه يقوم مقام الماء في باب التيمم إذا عدم. وقال صلى الله عليه وسلم: ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً (

فالصحيح: أنه لا يجزئ عن استعمال التراب، لكن لو فرض عدم وجود التراب وهذا احتمال بعيد، فإن استعمال الأشنان، أو الصابون خير من عدمه " انتهى .

وإذا تعذر التراب، أو خيف فساد الثوب: فيستعمل بدله مطهر آخر، كالصابون ونحوه .

سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" يوجد نقاط تفتيش في بعض المؤسسات الكبرى يستخدم فيها الكلاب المدربة، فتدخل في مقدمة السيارة ثم تبدأ بالشم واللحس. فهل تتنجس بذلك المقاعد والأماكن التي قام الكلب بشمها أو لحسها؟ وجزاكم الله خيراً.

فأجاب:

 أما الشم فإنه لا يضر؛ لأنه لا يخرج من الكلب ريق، وأما اللحس فيخرج فيه من الكلب ريق، وإذا أصاب ريق الكلب ثياباً أو شبهها: فإنها تغسل سبع مرات، ولا نقول: إحداها بالتراب؛ لأنه ربما يضر، لكن نقول: يستعمل عن التراب صابوناً أو شبهه من المزيل ويكفي مع الغسلات السبع " انتهى

 

وأما على قول المالكية، بطهارة لعاب الكلب: فإنه لا يجب تطهير الثوب منه؛ والغسل سبع مرات: هو حكم تعبدي في الآنية التي يلغ فيها الكلب خاصة، ولا يقاس عليها غيرها.

جاء في «المدونة»:" قال ابن القاسم وقال مالك: لا بأس بلعاب الكلب يصيب الثّوب. وقاله ربيعة " .

وجاء في «مواهب الجليل»:" فرع: قال سند: إذا لعق الكلب يد أحدكم: لا يغسلها " .

والراجح هو قول جمهور العلماء بنجاسة لعاب الكلب، ولا تجوز الصلاة بثوب مسه شيء من لعاب الكلب، حتى يطهر بما سبق بيانه .

وأما على قول المالكية بطهارة لعاب الكلب: فإنه لا حرج على من صلى بهذا الثوب، وصلاته صحيحة ولا شيء عليه.

ومن أخذ بهذا القول اقتناعًا بأدلته، أو تقليدا لمن قاله من الأئمة والعلماء فإنه لا ينكر عليه، لأن الخلاف في هذه المسألة خلاف معتبر، ولكلٍّ من الفريقين أدلته التي يرى أنه تؤيد قوله.

 

وإذا أصابت نجاسة الكلاب الفرش الكبيرة التي لا يمكن عصرها لكبرها أو لالتصاقها بالأرض أو بالسيارة، فإن تطهيرها يكون بإزالة ما عليها من جرم النجاسة، وتنشيف ما عليها من بول، ثم صب الماء عليها، وتنشيفها، ويفعل ذلك عدة مرات، حتى يغلب على الظن زوال النجاسة .

وإذا كانت النجاسة من كلب، فإنه يلزم غسل الفرش سبع مرات بالماء كما سبق، ويجعل أولها مع الصابون أو أي مزيل آخر، ولا يلزم التراب .

فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما صفة تطهير الفرش الكبيرة من النجاسة ؟ وهل العصر في الغسل للنجاسة معتبر بعد إزالة عينها ؟

فأجاب: "صفة غسل الفرش الكبيرة من النجاسة: أن يزيل عين النجاسة أولاً إذا كانت ذات جرم، فإن كانت جامدة أخذها، وإن كانت سائلة كالبول نشفه بإسفنج حتى ينتزعه، ثم بعد ذلك يصب الماء عليه حتى يظن أنه زال أثره، أو زالت النجاسة، وذلك يحصل في مثل البول بمرتين أو ثلاث، وأما العصر فإنه ليس بواجب إلا إذا كان يتوقف عليه زوال النجاسة، مثل أن تكون النجاسة قد دخلت في داخل هذا المغسول ولا يمكن أن ينظف داخله إلا بالعصر، فإنه لابد أن يعصر".

وسئل أيضاً: سمعت في برنامجكم أن الأرض تطهر من نجاسة البول إذا جفت بتأثير الشمس فهل لابد من تأثير الشمس أم مجرد الجفاف؟ وهل حكم الفرش داخل البيت كذلك سواء التصقت بالأرض أم لا؟

فأجاب:

"ليس المراد بكون الأرض تطهر بالشمس والريح مجرد الجفاف، بل لابد من زوال الأثر حتى لا يبقى صورة البول أو الشيء النجس .

وعلى هذا فنقول: إذا حصل بول في أرض ويبس ولكن صورة البول لازلت موجودة يعني أثر البقعة فإنها لا تطهر بذلك، لكن لو مضى عليها مدة ثم زال أثرها فإنها تطهر بهذا؛ لأن النجاسة عين يجب التخلي منها، والتنزه منها، فإذا زالت هذه العين بأي مزيل فإنها تكون طاهرة .

وأما الفرش فلابد بأن تغسل الفرش التي تفرش بها الأرض، سواء كانت لاصقة بالأرض أم منفصلة، لابد أن تغسل، وغسلها: بأن يصب عليها الماء ثم ينشف بالإسفنج ثم يصب مرة ثانية وثالثة حتى يغلب على الظن أنه زال أثر النجاسة ".

ولا فرق بين بول الكلب وروثه، وبين ولعابه، عند جمهور الفقهاء، بل البول والروث أشد.

وقد اختار القول بإجازة استعمال الصابون ونحوه بدلاً من التراب علماء اللجنة الدائمة للإفتاء.

 

د/ خالد سعد النجار

[email protected]