اقتناء الكلاب والقطط في ضوء الشرع (14)

خالد سعد النجار

وأيضاً: فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رخَّص في اقتناء كلب الصيد والماشية والحرث، ولا بد لمن اقتناه أنْ يصيبه رطوبةُ شعوره كما يصيبه رطوبةُ البغل والحمار وغير ذلك، فالقول بنجاسة شعورها والحال هذه من الحرج المرفوع عن الأمة ".

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

{بسم الله الرحمن الرحيم }

أحكام طهارة الشعر

شعر الآدمي طاهر، حيا كان أو ميتا. وأما شعر الحيوانات ففيها تفصيل:

  1. شعر الحيوان الحي، وهذا إما أن يكون: من مأكول اللحم، أو غير مأكول اللحم. وفي كل حالة: إما أن يكون متصلا به، أو منفصلا عنه.

فشعر الحيوان المأكول اللحم، المتصل به، إذا أُخِذ منه وهو حي: اتفق الفقهاء على طهارته.

 

وأما شعر الحيوان غير مأكول اللحم، المتصل به: فاتفق الفقهاء على طهارته، واستثنى الحنفية الخنزير أما الكلب عندهم فهو طاهر البدن نجس السؤر، واستثنى الشافعية والحنابلة الخنزير والكلب، لأن عينهما نجسة. أما المالكية فذهبوا إلى طهارة الكلب والخنزير لأن الأصل عندهم أن كل حي طاهر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" وأما الكلب فقد تنازع العلماء فيه على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنَّه طاهرٌ حتى ريقه، وهذا هو مذهب مالك .

والثانـي: نجس حتى شعره، وهذا هو مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد .

والثالث: شعره طاهـر، وريقه نجسٌ، وهذا هو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه .

وهذا أصحُّ الأقوال، فإذا أصاب الثوبَ أو البدنَ رطوبةُ شعره لم ينجس بذلك ".

وقال في موضعٍ آخر:

" وذلك لأنَّ الأصل في الأعيان الطهارة، فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه إلا بدليلٍ, كما قال تعالى: { {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُّرِرْتُم إِلَيْهِ} } [الأنعام:119]، وقال تعالى: { {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَا يَتَّقُونَ} } [التوبة:115] وإذا كان كذلك: فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: ( «طُهُورُ إِنَاءِ أحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعاً، أولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ » )، وفي الحديث الآخر: ( «إذَا وَلَغَ الكَلْبُ» ) فأحاديثُه كلُّها ليس فيها إلا ذكر الولوغ لم يذكر سائر الأجزاء، فتنجيسها إنما هو بالقياس ...

وأيضاً: فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رخَّص في اقتناء كلب الصيد والماشية والحرث، ولا بد لمن اقتناه أنْ يصيبه رطوبةُ شعوره كما يصيبه رطوبةُ البغل والحمار وغير ذلك، فالقول بنجاسة شعورها والحال هذه من الحرج المرفوع عن الأمة ".

والأحوط: أنه إن مس الكلب وعلى يده رطوبة, أو على الكلب رطوبة أن يغسلها سبع مرات إحداهن بالتراب, قال الشيخ ابن عثيمين:

" وأما مس هذا الكلب فإن كان مسه بدون رطوبة فإنه لا ينجس اليد, وإن كان مسه برطوبة فإن هذا يوجب تنجيس اليد على رأي كثير من أهل العلم، ويجب غسل اليد بعده سبع مرات، إحداهن بالتراب".

وأما شعر الحيوان غير مأكول اللحم المنفصل عنه، فعند الحنفية والمالكية: هو طاهر بناء على ما تقدم من أن ما أُبِين من حي فهو ميت، إلا ما لا تحله الحياة كالشعر.

ويستثنى من ذلك ما كان نجس العين، كالخنزير عند الحنفية. أما المالكية فهو طاهر عندهم إذا جز، لا إذا نتف.

وذهب الشافعية إلى نجاسته، لأن ما أُبِين من حي فهو ميت.

وعند الحنابلة، على المذهب، أن حكمه حكم بقية أجزائه، فما كان طاهرا فشعره طاهر، وما كان نجسا فشعره نجس. وفي رواية عن أحمد اختارها ابن تيمية: أن شعر الكلب والخنزير وما تولد منهما طاهر.

 

2- شعر الحيوان الميت: وفيه خلاف بين الفقهاء:

فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة: إلى طهارة شعر الميتة، إذا كانت طاهرة حال الحياة.

وانفرد المالكية بالقول بطهارة شعر الخنزير، لأنه طاهر حال الحياة.

وذهب الشافعية إلى نجاسة شعر الميتة، إلا ما يطهر جلده بالدباغ ودبغ، وكذلك الشعر المنفصل من الحيوان غير المأكول وهو حي.

والخنزير نجس حال حياته عند الجمهور، ولهذا فشعر الخنزير الميت نجس، إلا عند المالكية.

 

مع طهارة شعر الإنسان، إلا أنه لا يجوز استعماله في طعام ولا غيره، ولا يجوز بيعه؛ لكرامته.

وفي الموسوعة الفقهية: شعر الإنسان طاهر حيا أو ميتا، سواء أكان الشعر متصلا أم منفصلا، واستدلوا لطهارته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ناول أبا طلحة شعره، فقسمه بين الناس.

واتفق الفقهاء على عدم جواز الانتفاع بشعر الآدمي، بيعا واستعمالا؛ لأن الآدمي مكرم، لقوله سبحانه وتعالى: { {ولقد كرمنا بني آدم} }؛ فلا يجوز أن يكون شيء من أجزائه مهانا مبتذلا" انتهى.

 

إذا عولج الشعر، حتى استحال عن حقيقته، وأضيف إلى خبز أو غيره: جاز تناوله إذا خلا من الضرر، وذلك أن الاستحالة يترتب عليها الطهارة، والحل.

وقد سبق بيان جواز تناول الأطعمة المشتملة على L-cysteine ونقلنا فيها فتوى مهمة عن مجلس الإفتاء الأوربي، وقرارا لتوصيات الندوة الفقهية التاسعة.

مسحوق الدجاج إن كان يؤخذ من دجاج مذكى، فلا حرج في تناوله مع المعكرونة وغيرها.

وإن كان يؤخذ من دجاج غير مذكى ذكاة شرعية، فهو نجس محرم؛ لأنه ميتة، ولا يجوز خلطه بالطعام، ولا أكله بعد الخلط.

والدجاج الذي يذبحه الكتابي حلال أكله، بخلاف ما يقتله صعقا بالكهرباء أو إغراقا بالماء، فإنه ميتة محرمة.

وإذا جهلت طريقة الذبح، فهو محل تردد، والأصل الحل، مع التأكد من أن الذابح كتابي، والأحوط  اجتنابه، إذا غلب اشتباه الأمر، أو قويت التهمة فيه .

 

د/ خالد سعد النجار

[email protected]