فوائد من كتاب الروح لابن القيم (4-4)
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
الفرق بين الاحتياط والوسوسة: أن الاحتياط الاستقصاء والمبالغةُ في اتباع السنة وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, من غير غلو ومجاوزة, ولا تقصير ولا تفريط, فهذا هو الاحتياط الذي يرضاه الله ورسوله.
- التصنيفات: طلب العلم -
الفرق بين الحبِّ في الله والحبِّ مع الله:
الفرق بين الحبِّ في الله والحب مع الله. وهذا من أهم الفروق, وكلُّ محتاج بل مضطر إلى الفرق بين هذا وهذا. فالحبُّ في الله هو من كمال الإيمان, والحبُّ مع الله هو عين الشرك.
والفرق بينهما: أن الحبَّ في الله تابع لمحبة الله, فإذا تمكنت محبته من قلب العبد أوجبت تلك المحبة أن يحب ما يحبه الله, فإذا أحبَّ ما أحبَّه ربُّه ووليُّه كان ذلك الحب له وفيه, كما يحب رسله وأنبياءه وملائكته وأولياءه لكونه تعالى يحبهم, ويُبغض من يُبغضه لكونه تعالى يبغضه.
وعلامة هذا الحب والبغض في الله: أنه لا ينقلب بغضُه لبغيض الله حباً لإحسانه إليه, وخدمته له, وقضاء حوائجه, ولا ينقلب حبُّه لحبيب الله بغضاً إذا وصل إليه من جهته ما يكرههُ ويُؤلمه, إما خطأً وإما عمداً, مطيعاً لله فيه, أو متاولاً ومجتهداً, أو باغياً نازعاً تائباً.
الفرق بين الاحتياط والوسوسة:
الفرق بين الاحتياط والوسوسة: أن الاحتياط الاستقصاء والمبالغةُ في اتباع السنة وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, من غير غلو ومجاوزة, ولا تقصير ولا تفريط, فهذا هو الاحتياط الذي يرضاه الله ورسوله.
وأما الوسوسة, فهي ابتداع ما لم تأت به السنة ولم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه, زاعماً أنه يصلُ بذلك إلى تحصيل المشروع وضبطه, كمن يحتاط – بزعمه – ويغسل أعضاءه في الوضوء فوق ثلاث, فيُسرف في صبِّ الماء في وضوئه وغسله, ويصرِّح بالتلفظ بنية الصلاة مراراً أو مرة واحدةً, ويغسل ثيابه مما لا يتيقن نجاسته احتياطاً, ويرغب عن الصلاة في نعليه احتياطاً, إلى أضعاف أضعاف هذا مما اتخذه الموسوسون ديناه, وزعموا أنه احتياط, وقد كان اتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أولى بهم.
الفرق بين النصيحة والتأنيب:
الفرق بين النصيحة والتأنيب: أن النصيحة إحسان إلى من تنصحه بصورة الرحمة له, والشفقة عليه, والغيرة له وعليه...مُرادُ الناصح بها وجه الله ورضاه, والإحسان إلى خلقه, فيتلطف في بذلها غاية التلطف, ويتحمل أذى المنصوح ولائمته.
وأما المؤنِّبُ , فهو رجل قصده التعيير والإهانة, وذمُّ من يؤنبه, وشتمه في صورة النصح,...وعلامة هذا أنه لو رأى من يحبُّه ويحسن إليه على مثل هذا عمل هذا, أو شرٍّ منه لم يعرض له, ولم يقل له شيئاً, ويطلب له وجوه المعاذير
ومن الفروق بين الناصح والمؤنب: أن الناصح لا يُعاديك إذا لم تقبل نصيحته, وقال: قد وقع أجري على الله, قبلت أو لم تقبل, ويدعو لك بظهر الغيب, ولا يذكر عيوبك ويبثها في الناس, والمؤنِّبُ بضدِّ ذلك.
الفرق بين إلهام الملك و إلقاء الشيطان:
والفرق بين إلهام الملك و إلقاء الشيطان من وجوه:
منها: أن ما كان لله موافقاً لمرضاته وما جاء به رسوله, فهو من الملك, وما كان لغيره غير موافق لمرضاته, فهو من إلقاء الشيطان.
ومنها: أن ما أثمر إقبالاً على الله, وإنابةً إليه, وذكراً له, وهمةً صاعدةً إليه فهو من إلقاء الملك. وما أثمر ضد ذلك فهو من الشيطان.
ومنها: أن ما أورث أنساً ونوراً في القلب وانشراحاً في الصدر فهو من الملك, وما أورث ضد ذلك فهو من الشيطان.
ومنها: أن ما أورث سكينه وطمأنينةً فهو من الملك, وما أورث قلقاً وانزعاجاً واضطراباً فهو من الشيطان.
فالإلهام الملكيُّ يكثر في القلوب الطاهرة النقية التي قد استنارت بنور الله, فللملك بها اتصال, وبينه وبينها مناسبة, فإنه طيب طاهر لا يجاور إلا قلبه يناسبه, فتكون لمة الملك بهذا القلب أكثر من لمة الشيطان, وأما القلب المظلم الذي قد اسود بدخان الشهوات والشبهات فإلقاء الشيطان ولمته به أكثر من لمة الملك.
فوائد متفرقة:
* ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: فإما إلى غلو ومجاوزة, وإما إلى تفريط وتقصير, وهما آفتان لا يخلص منهما في الاعتقاد والقصد والعمل إلا من مشى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك أقوال الناس وآراءهم لما جاء به, لا من ترك ما جاء به لأقوالهم وآرائهم.
* أولياء الرحمن هم: المخلصون لربهم, المحكِّمون لرسوله في الدِّقِّ والجل, الذين يخالفون غيره لسنته, ولا يخالفون سنته لغيرها, فلا يبتدعون, ولا يدعون إلى بدعة, ولا يتحيزون إلى فئة غير الله ورسوله وأصحابه, ولا يتخذون دينهم لهواً ولعباً, ولا يستحبون سماع الشيطان على سماع القرآن.
فأولياء الرحمن: المتلبسون بما يُحبُّه وليهم, الداعون إليه, المحاربون لمن خرج عنه, وأولياء الشيطان المتلبسون بما يُحبُّه وليهم قولاً وعملاً, يدعون إليه, ويحاربون من نهاهم عنه.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ