تعريف الشعرِ في اللغة
عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الشِّعْرُ في اللغةِ مأخوذٌ من قولهم: شَعَرْتُ بالشيءِ إذا علمتُهُ وفطنتُ لهُ، فاشتقاق لفظة الشِّعْرِ من العلم والإدراك والفطنة. ومنه قولهم: ليت شِعري، أي علمي. وفي القرآن الكريم: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}..
- التصنيفات: اللغة العربية - الشعر والأدب -
الشِّعْرُ في اللغةِ مأخوذٌ من قولهم: شَعَرْتُ بالشيءِ إذا علمتُهُ وفطنتُ لهُ، فاشتقاق لفظة الشِّعْرِ من العلم والإدراك والفطنة. ومنه قولهم: ليت شِعري، أي علمي (1). وفي القرآن الكريم: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 109] (2)، أي: وما يُدريكم (3). وقوله تعالى: {وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9] (4) أي: لا يعلمون، ولا يدرون. (5) وسُمِّي الشاعرُ بذلك لفطنته لِما لا يَفطنُ له غيره من الناس لدقةِ حسِّهِ، ورهافة خاطره (6).
والشعرُ لغةً يشملُ كلَّ علمٍ، ولكنَّه غَلَبَ على منظومِ القول لشرفهِ بالوزن والقافية، وكونه قريضًا محدودًا بعلاماتٍ لا يُجاوزُها (7).
تعريف الشعر في الاصطلاح.
عُرِّفَ بتعريفات (8) من أمثلها أنه الكلام الموزون المُقَفَّى المقصودُ الذي يُصوِّرُ العاطفة (9).
(فالكلامُ) جنسٌ يدخل فيه كلُّ كلامٍ، من الشعر وغيره.
و(الوزنُ) يُخرِجُ ما ليس موزونًا من الكلام. والمراد بالوزن ما كان على بُحورِ الشعر العربي التي استخرجها الخليل بن أَحْمد (10) من شعر العرب وهي خَمسة عشر بحرًا، تدارك الأخفش (11) على الخليل واحدًا هو البحر السادس عشر وسَمَّاهُ المتدارك (12).
و(المقفَّى) هو انتظام الشعر في قافية واحدة، وهي «الساكنان آخر البيت وما بينهما من الحروف المتحركة - إن وجدت - مع المتحرك الذي قبل الساكن الأول» (13). مثال ذلك، قول امرئ القيس (14):
قِفَا نَبْكِ من ذكرى حَبيبٍ ومَنْزِلِ ... بِسِقْطِ اللِّوى بينَ الدخولِ فَحَوْمَلِ (15)
فالقافية هي كلمة «حَوْمَلِ». حيث يشكل حرف الواو أقرب حرف ساكن لآخر حرف في البيت، مع ما قبله وهو حرف الحاء هنا.
و (المقصود) يخرج الكلام الموزون الذي لم يقصد به الشعر، كبعض الآيات التي جاءت على بعض الأوزان العروضية كقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] (16)، وقوله تعالى: { {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 3، 4] (17) فإنه كلام موزون مقفى لكنه ليس بشعر لعدم القصد إلى الشعر فيه على اصطلاح الشعراء (18).
ويخرج كذلك كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - الموزون لعدم القصد إلى الشعر كذلك، وهكذا كلام غيره.
ولذلك نصَّ التهانوي (19) على ذلك فعرَّف الشعرَ بأَنَّه «الكلام الموزون المقفى الذي قصد إلى وزنه وتقفيته قصدًا أوليًا» (20)، فالمعنى عند الشاعر تابعٌ للوزن غالبًا، بِخلافِ غيره، فإِنَّ المعنى هو الأصلُ، والوزنُ يأتي عَرَضًا غَيْرَ مقصود.
وتقييدُ الشعر بأَنَّهُ يُصوِّرُ العاطفة يُخرجُ النَّظمَ الذي لا يُصوِّرُ العاطفةَ، وإِنَّما يكونُ مقصورًا على نظمِ مسائل العلومِ (21).
_________
(1) انظر: تهذيب اللغة 1/ 420، مقاييس اللغة 3/ 194، الصحاح 2/ 699، لسان العرب 7/ 132 (شعر)
(2) الأنعام 109
(3) تفسير الطبري (هجر) 9/ 484.
(4) البقرة 9.
(5) تفسير الطبري (شاكر) 1/ 277، 291، مقاييس اللغة 3/ 193، الصحاح 2/ 698، لسان العرب 7/ 133 (شعر)، القاموس المحيط 533.
(6) انظر: تهذيب اللغة 1/ 420 لسان العرب 7/ 132 (شعر).
(7) انظر: المصادر السابقة.
(8) نقد الشعر 3، 7، العمدة في محاسن الشعر ونقده 1/ 193، مقدمة ابن خلدون 647، أبجد العلوم 425.
(9) انظر: أصول النقد الأدبي لأحمد الشايب 298.
(10) هو أبو عبدالرحمن الخليل بن أحمد بن عبدالرحمن الفراهيدي الأزدي البصري، (100 - 170 هـ)، له كتاب العين، والعروض، وغيرها، اخترع علم العروض، والمعجم، وهو أستاذ سيبويه في النحو رحمهما الله. انظر: أخبار النحويين البصريين 54، إنباه الرواة 1/ 376.
(11) هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة أوسط ثلاثة كلهم اشتهر بالأخفش، وإذا أطلق الأخفش دون وصف فهو المراد، روى كتاب سيبويه ونشره بين الناس، له كتاب معاني القرآن وغيره، وهو بصري المذهب في النحو. مات قبل سنة 215 هـ. انظر: إنباه الرواة 2/ 36، وبغية الوعاة 1/ 590.
(12) المعجم المفصل في علم العروض 347.
(13) العيون في القوافي 238، والعروض والقافية لأمين سالم 121.
(14) هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث، يلقب بذي القروح، وهو أشهر شعراء الجاهلية، وأجودهم شعرًا، مات مسمومًا عام 540 م. ومن أكثر من احتج المفسرون بشعره. انظر: طبقات فحول الشعراء 1/ 51، الشعر والشعراء 1/ 105.
(15) انظر: ديوانه 52.