الملك الظاهر بيبرس

هو بيبرس البندقداري الصالحي. ولد بأرض القبجاق سنة (625هـ). أُسر، وبيع في سيواس، ثم نقل إلى حلب، ومنها إلى القاهرة، فاشتراه الأمير علاء الدين البندقدار، وبقي عنده، فلما قبض عليه الملك الصالح نجم الدين أيوب أخذ بيبرس فجلعه في خاصة خدمه، ثم أعتقه.

  • التصنيفات: التاريخ الإسلامي -
الملك الظاهر بيبرس

هو بيبرس البندقداري الصالحي. ولد بأرض القبجاق سنة (625هـ). أُسر، وبيع في سيواس، ثم نقل إلى حلب، ومنها إلى القاهرة، فاشتراه الأمير علاء الدين البندقدار، وبقي عنده، فلما قبض عليه الملك الصالح نجم الدين أيوب أخذ بيبرس فجلعه في خاصة خدمه، ثم أعتقه.

 

ولم تزل همته تصعد به حتى كان أتابك العساكر بمصر، في أيام الملك المظفر قُطُز، وقاتل معه التتار في فلسطين. ثم اتفق مع أمراء الجيش على قتل قطز، فقتلوه، وتولى بيبرس سلطنة مصر والشام سنة (658هـ) وتلقب بالملك القاهر، ثم ترك هذا اللقب، وتلقب بالملك الظاهر. وله الفتوحات العظيمة، منها بلاد (النوبة) و (دنقلة) ولم تفتح قبله مع كثرة غزو الخلفاء والسلاطين لها. توفي في دمشق سنة (676 هـ)[1].

لـمَّا ملك - تغمـده اللـه برحمتـه - ملأ الدنيـا عـدلاً، فأسبغ ملابس عدله على جميع رعاياه، ثقة بقول من قال:

من عف عن ظلم العباد تورعاً 

جاءته ألطاف الإله تبرعاً

فجعل دار العدل ملجأً للمظلوم، وموئلاً للخصوم، فإن تعدى أحد حده وتجاوز طوره قادراً، ردَّه إلى الحق صاغراً. ومن سجاياه وشرف أوصافه ما ألزمه نفسه من انقياده إلى الشرع المطهر وإنصافه، أنَّه رأى احتياج الناس إلى الماء بالقَرافَة فشرع في حفر بئر، ثمَّ جاءه الخبر عن قتل الأمير فارس الدين في الشام، فرحل إليها ولم يكمل حفره ثم رزقت البئر بمن يعمرها ويكمل حفرها مستعيناً بما أعده السلطان من طينها وحجارتها، وهو جمال الدين محمود، أحد أجناد السلطان بيبرس، وفي بعض الأيام حصل من هذا الرجل سوء كلام بسبب استعمال البئر، فأزعجت منه خواطر الفقراء، فبلغ ذلك السلطان، وتذكر أنَّ هذه البئر هي التي حفرها، وتذكر قصتها، فحضر جمال الدين محمود وطلب القضاء في المسألة، وفي يوم الثلاثاء في التاسع من شهر رجب سنة ستين وستمئة حضرت ورقة من النواب في دار العدل مضمونها طلب الخصم القضاء في المسألة، وحضر أتابك السلطان من الجيش والشرطة وحضر قاضي القضاة وفقهاء المذاهب الأربعة في دار العدل بالقلعة، وخرج السلطان فقرئت عليه القصة إلى أن حضر الخصم فقال الأتابك للسلطان بيبرس: «مولانا يقول معه إلى الشرع» فقام السلطان وحل سيفه من وسطه، وأعطاه لسلاح داره، ووقف مساوياً خصمه بين يدي قاضي القضـاة تاج الـدين عبـد الوهاب المعروف بابن بنت الأعز، وهو جالس، فأمرهما قاضي القضاة بالجلوس، فجلسا! وشرح السلطان الحال، وتكلم الخصم، وحصل التجاذب، فثبت في أثناء ذلك الحق للسلطان، وسأل الأتابك أئمة المذاهب الأربعة، فذكروا أنَّ الحق للسلطان، وأنَّ البئر له وأنَّ بعض البناء والعدة للخصم، والتزم السلطان بقيمة ذلك، وأوقف ذلك لله تعالى، وأراح خواطر الفقراء من ذلك الأذى الذي أُتبعت به تلك الصدقة، وذلك المن، وكان يوماً مشهوداً ومقاماً محموداً.

ولمَّا شاهد الناس ذلك من السلطان، وتسامعوا به، خاف النَّاس من الحيف، وصار الرجل ينصف الرجل من نفسه، ويقول: «إذا كان السلطان حضر إلى الشرع، كيف يمكن الامتناع من الحق!» وانكف النَّاس غاية الكف، وهذه سياسة حسنة ومكرمة جميلة كتب الله له بها الأجر[2]

 ذِكْرُ إحسانه إلى من خَدَمه ورُبِّي في نعمته:

من جملة مماليكه الأمير بدر الدين بيليك الخزندار، ربَّاه وجرب دينـه وأمانته فما رأى منـه إلا خيـراً ونصحاً فأمَّره وقدمه على عساكره، وأحسن له في العطايا واستجلب له قلوب النَّاس، فزوجه بنت الملك الرحيم صاحب الموصل وعقد له العقد بغزة في شوال سنة تسع وخمسين وستمئة، ولما وصل إلى مصر عمل عرسه[3].

ومن فعلات السلطان الملك الظاهر التي ازدانت بها فعلات العافين، وكتبت في صحائف مَن بالعهود وافين أنَّه لما قتل الملك المعظم توران شاه بن الملك الصالح نجم الدين أيوب، أجمع جماعة من خشداشيته البحرية على قصده وقتله، فحماه الله منهم بعد أن جرحه بعضهم، فلمَّا ملك ــ تغمده الله برحمته ــ لم يؤاخذهم، بل أفاض ملابس عفوه عليهم، وأحسن بما أقطعه من الإقطاعات إليهم، ودام لهم على البر والصلة، وكانوا يظنون أنها بهم فاصلة[4].

 ذِكْرُ عفوه وصفحه:

كان ــ تغمده الله برحمته ــ وكأنَّه قد اتخذ عفوه عن المسيء إلى عفو ربه سُلَّماً وذخيرة عنده ليوم يقدم فيه مستسلماً، وزاداً ليوم ينادى فيه: «ألا ليقم من له على الله حق!» فيقوم العافون عن النَّاس، عفو حبب للمأمون حتى قال: «حبب إلي العفو حتى خفت أني لا أؤجر عليه، ولا ينسب إليَّ شيء منه ولا أُنسب إليه»[5].

ومنها أنَّ الأمير شمس الدين سنقر مملوك الملك المظفر كان قد توجه إلى بغداد من جهة الملك المعز فلما دخل دمشق جاءه الخبر أن الملك المعز قد قُتِل، فاجتمع بالملك الناصر وأشار عليه بالقبض على السلطان الملك الظاهر، وأنَّه متى فعل ذلك ضَمِن له صلاحَ من في الديار المصرية من الأمراء الصالحية والمعزية، فلم يجِبْه إلى ما أشار به عليه واتصل بالسلطان الملك الظاهر؛ ليعلمه هذه المؤامـرة، فلمَّـا ملك لـم يؤاخذه بمـا بدا منه مـن الإسـاءة بقبضه، ولا ضيق عليه ما اتسع من سماء رزقه، بل أغضى عنه ولم يؤاخذه بهناته، ولا عاتبه بتصريح ولا تعريض على ما فرط من سيئاته، ولم يزل حظياً عنده[6].

 في ذكر وفائه ومكافأته على الحسنى بأضعافها:

فمن وفائه أنَّ الأمير سيف الدين بكتوت كان محسناً إلى السلطان الملك الظاهر لما كان بدمشق وكان للأمير سيف الدين هذا أستاذ يسمى آقوش وينعت بحسام الدين، فلما ملك الملك الظاهر - تغمده الله برحمته - لم يكن الأمير سيف الدين حيّاً حتى يكافئه على فعلاته، فنقل ما كان مضمراً له من ذلك إلى أستاذه المذكور فأمَّره وأكرمه رحمه الله وأثابه[7].

ومن وفائه الذي عجزت الألسن عن شكره، وتنافست فيه النفوس باستقرارها في وكره، ما صنعه مع البيت الأيوبي، وهم أولاد الملك العادل وأولاد الملك الناصر، فلما انتقل الملك عنهم إلى الملك المظفر ثمَّ إلى السلطان الملك الظاهر - تغمدهما الله برحمته - فإنَّه آوى كبيرهم ورحم صغيرهم، واشتمل عليهم بأنواع المبارِّ احتفالاً واحتفاءً، وأجرى عليهم الرواتب والوظائف، وشملهم بظله وإحسانه الوارف وبوَّأهم رياض بره المريعة وجعل ذلك وسيلة له عنه إلى الله وذريعة؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم  لما روته عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم  كَانَ يَذْبَحُ الشَّاةَ فَيَتَتَبَّـعُ بِهَـا صَـدَائِقَ خَدِيجَـةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا»[8].

 ذكر إحسانه إلى من وصل إليه:

وصـل إليه السـيد أبو العبـاس أحمـد نجـل الخلفـاء الراشدين، فتلقاه السلطان بنفسه وأنزله في القلعة، وأطلق له الرواتب وسيَّر إليه ما يحتاجه.

ووصل إلى أبوابه ملوك التكرور حجاجاً، فأحسن إليهم وكتب إلى ملكهم الكبير بمدينة كانم، يذكر أنَّه مهتم بمن يَرِد من جهته من الحجاج[9].

ولو أردنا أن نعدد ما عامل به من شرد عنه من مماليكه ومن الغرباء من عفوه وصفحه ومسامحته، لاتسع المجال ونفد المقال.

 ذكر مواهبه وعطاياه:

لم يزل - تغمده الله برحمته - يدين بالسخاء، فريضة أوجبها على نفسه، ووسيلة قدمها بين يديه، لا جرم أنَّه لم يتبعها أذىً ولا منَّة.

فمن كرمه أنَّه لما توجه إلى الشام في أول توجهه إليه، فرَّق في الأمراء من خمس مئة دينار إلى خمسة آلاف دينار، وقرر معهم أن أحداً منهم لا يُطلع أحداً على ما أعطاه، وتوعده على ذلك:

يُخفي صنائعه والله يُظهرها     

إنَّ الجميل إذا أخفيته ظَهرا

ومن عاداته التي بزَّ بها الملك جوداً، وأضحى بها دون الأجواد مقصوداً، أنَّ جميع أجناد حلقته وأجناد أمرائه متى نفق لأحد منهم فرس، عوضه عنه خمسين ديناراً، ومتى نفق له بغل عوضه عنه أربعين ديناراً، سواء نفق في السفر أم في الحضر، وكانت عادة الملوك في ذلك مرةً أو مرتين في العمر، وكان تعويضهم على النصف من ذلك.

كرم دعته به القبائل مسرفاً  

ما مسرفٌ في المكرمات بمسرفِ

ذكر ما اعتمده من أفعال البر:

لما علم - تغمده الله برحمته - أن أفعال البر مما تقربه إلى الله زلفى، وتقيه مصارع شررٍ، شرها لا يُطفَى، ثابر عليها مثابرةً يرجو بها مضاعفة الثواب، ويتخذها ذخيرةً يجدها يوم الحساب، فكان - رحمه الله - ملازماً للصلوات الخمس في أوقاتها سفراً وحضراً؛ لتحققه أنَّها الصلة بينه وبين ربه، وأنَّها الماحية لما قدمه بين يده من ذنبه:

كمل الشجاعة والخضوع لربه

ما أحسن المحرابَ في المحرابِ

وكلَّف ساير مماليكه وحاشيته القيام بها والمحافظة عليها، ورتب لكل طائفة من مماليكه معلماً يعلمهم القرآن، وإماماً يصلي بهم، وجعل عليهم عيوناً حتى لا يخوضوا في حديث غير ما ندبوا إليه، وكُلِفوا من التبتل له والدوام عليه.

ومنها أنَّه لم يشرب خمراً قط مدة حياته، ولمَّا ملك - رحمه الله - منع من كل مسْكِر وحظَّر عليه وحذَّر منه، وأخذ على ولاة ممالكه بأن لا يمكنوا أحداً من تعاطيه البتة، وساوى في المنع بين أمرائه ورعيته، وكان معدل ما يجنى من ورائه من الحقوق السلطانية في مصر وحدها ألف دينار كل يوم، وكذلك منع المومسات وسائر ما يرتكب من الفجور في سائر ممالكه، وكانت تؤخذ منهم جبايات كثيرة، كل ذلك رغبة في صيانة أعراض الناس وأموالهم، وإصلاح ما تعمده الملوك من فساد أحوالهم[10].

ومنها حجه الذي فات فيه الملوك سبقاً، ورغب فعله إلى الله أن يبدله ما يبقى بما يفنى، ولقد رُئي وهو واقف على باب البيت محرماً يأخذ بيد الضعفاء من رعيته، قد خلع عنه ثوب الكبرياء والأنفة، وألبس خِلَع التقى والمعرفة.

ومنها ما ألزم نفسه على المواظبة على الجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاته، والسكنى بجواره في بحبوحة جناته، واجتهاداً في إقامة منار الإسلام وإعلاء كلمته بالإعلان والإعلام.

ومنها ما قرره في البيمارستان بالمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والتحية، من الأطباء والأدوية للمرضى القاطنين والوافدين، يحمل إليه في كل سنة، وما يحمل إلى الحرم المدني والحرم المكي من الزيت والشمع الذي يوقد فيهما، ومن القمح والدقيق الذي يفرق على الضعفاء والمساكين من أهلهما والمجاورين بهما، وما أوجبه على نفسه الكريمـة مـن عمـل الستور الديباج للضريح النبوي وللكعبة الشريفة مما كان الخلفاء ممتازين به عن الملوك في كل عام.

 ذكر هيبته ومنزلته في القلوب:

لم تزل الملـوك ترفـع بنـاء الهيبة على قواعد القسوة، ولو لم يكن من أخبار الملك الظاهر التي أوثرت عن علو همته وجلال هيبته إلا أمن السُّبُل المخوفة، وكف أيدي المستطيلين بالعدوان حتى لم يحتج الوحيد في دفعهم إلى أعوان، لكفى.

ومن هيبته التي سارت أمثالها في الآفاق، وتحدثت بعظَمِها ألسنة الرفاق، أنَّ ملوك الهند وغيرهم من الملوك الكبار، أصحاب الأقاليم والأمصار، رغبوا في مودته، وطلبوا الانتماء إلى خدمته، مثل زعماء العجم، وملوك بني الأصفر، كالفُنش، والأنبرور، وغيرهم من أكابر ملوكهم، بحيث إنهم ابتدؤوه بالرسل والرسائل، وبذلوا الطاعة في مصافاته بتكرار الوسائل[11].

 ذكر عزمه وحزمه:

لم يزل - تغمده الله برحمته - إذا قصد أمراً أو عزم عليه، وصرف وجه تدبيره إليه، لم يألُ فيه اجتهاداً، ولا رأى إلا على رأيه اعتماداً، ولم يجعل غير نفسه مستشاراً، ويمضي ما وقع عليه عزمه ورأيه في أسرع ما يمكن من الأوقات، ويبادر الفرص خوف الفوات ولا يدع أمر اليوم لغدٍ، ولا يلقي بين عينيه همَّه إلا قارنه فيه الرشد:

فله العزائم لا يُبَلُّ جريحها

ولغيره الإبراق والإرعاد

وأخذ نفسه بالاطلاع على أحوال أمرائه وأعيان دولته حتى لم يخفَ عليه منها صغير ولا كبير ولا جليل ولا حقير، كان إذا اجتمع بهم يحثهم بما أَجَنُّوه في ضمائرهم، واعتقدوا أنه مستودع في خزائن سرائرهم، وهكذا حاله في منازل أوليائه ومعاطن أعدائه، حتى لقد استوى في علمه دانيها وقاصيها، وخافه لذلك طيِّع الملوك وعاصيها.

ومن عزمه أنَّه ما حَزَبَ المسلمين أمرٌ إلا كان المباشر له بنفسه، سواء جلَّ خطره أو قل، وطالما ركب البريد ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة من دمشق إلى مصر، ومن مصر إلى دمشق، وكذا من حلب إلى مصر، وكثيراً ما كانت الأخبار ترد عليه وهو بالقاهرة فكان يأمر العسكر بالخروج وكانوا زهاء ثلاثين ألف فارس، فلا يبيت منها فارس في بيته، وإذا خرج لا يُمكَّن من العود.

عزم إذا سمع العدو بذكره 

أغنى غناء الغارة الشعواء

ومنها أنَّه متى خرج مع عساكره تقدمها، فيكون هو الطليعة لها، والكاشف لما خرج بسببه قبلها.

 مصابرته للحرب ومباشرته لها:

لما علم أنَّ الجهاد من قواعد الإسلام الخمس، وأن الظفر بالأعداء لا يُنـال إلا بشقِّ النفس، وأنَّ الله - تعالى - فرض الجهاد على عباده، وأجزل الأجر لمن بذل فيه غاية جهده واجتهاده، وجعله أحد أركان الدين الذي لا يتم الإسلام إلا به، ورغب فيه كل الترغيب، وخص المرابطين فيه بأوفى نصيب، وأنزل في وصفه آيات بينات، وحرض عليه عباده المخلصين ووعدهم عليه النصر المبين، لقوله - تعالى -: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]؛ بذل نفسه النفيسه في مواطن القتال، وسبق الأقران إلى النزال، لا يبالي في مأزق الحرب لقي واحداً أو ألفاً ويكُرُّ على الكتيبة لا يبالي حتفه فيها أو سواها، ويُبلِّغ نفسه في ملتقى الأقران مُناها[12].

 ذِكْر ما جدده ببلد الخليل عليه السلام:

منها أنَّه بيض حَرَمه، ورمَّ شعث أبوابه وميضأه، وبسطه بالحجر وزاد في راتبه المجري على قُوَّامه ومؤذنيه وإمامه، وبنى للشيخ خضر زاوية ورتب لها من مال البلد راتباً يجري على الفقراء المقيمين بها والواردين عليها[13].

 ذكر ما جدده - رحمه الله - بالقدس الشريف:

كان قد تداعى من قبة الصخرة أوتار سبعة قائمة، فنقضها وعمل عوضها، وغشاها بالخام وغشَّى الخام بالرصاص وكتب عليه اسمه، وجدد قبة السلسلة وزخرفها، ونقص أربعة أوتار من سقف الصخرة، وعوض عنها وكتب عليها اسمه، وأنشأ خاناً للسبيل وبنى فيه مسجداً وطاحوناً وبستاناً ورتَّب أن يُجرى على كل وارد وصادر منه وإليه وعلى المقيمين بالقدس من القفراء ثلاثة أرغفة خبز وقرطاس، ورتَّب فيه خرازاً لإصلاح الأحذية وبيطاراً، وهدم كنيسة الناصرة، وهي من أكبر مواطن عبادات النصارى؛ لأن منها خرج دين النصرانية. وغيَّر كنيسة المصلبة وصيَّرها زاوية ورتب فيها الفقراء، وأجرى عليهم ما يقوم بأوَدِهم من وقف أرصدة لهم[14].


[1] الأعلام للزركلي، 2/ 79، الطبعة: الخامسة عشر - أيار / مايو 2002م، دار العلم للملايين.

[2] الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر للقاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، تحقيق: عبد العزيز الخويطر ص 85 ، الطبعة الأولى 1396هـ - 1976م ، الرياض

[3] المرجع نفسه، ص 86 - 87.

[4] المرجع نفسه، ص 283.

[5] الروض الزاهر ، ص87 - 88  

[6] تاريخ الملك الظاهر، ص284.

[7] تاريخ الملك الظاهر، ص293.  

[8] المستدرك على الصحيحين للحاكم، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، 4/ 194/ 7340، الطبعة الأولى، 1411هـ - 1990م، دار الكتب العلمية - بيروت

[9] الروض الزاهر ، ص 87 - 88 .

[10] تاريخ الملك الظاهر، ص299 - 300 .

[11] تاريخ الملك الظاهر، 308 - 309 .

[12] تاريخ الملك الظاهر، ص317.

[13] التاريخ المعتبر في أنباء من غبر: 2/ 151، تاريخ الملك الظاهر، ص351.

[14] التاريخ المعتبر في أنباء من غبر: 2/ 151، تاريخ الملك الظاهر، ص351.