{ختم اللَّه على قلوبِهِم وعلى سمعهِم وعلى أبصارِهم غشاوة ولهم عذاب عظيم}
{خَتَمَ اللَّهُ} طَبَعَ اللَّهُ {عَلَى قُلُوبِهِمْ} فَلَا تَعِي خَيْرًا وَلَا تَفْهَمُهُ.
- التصنيفات: التفسير -
{خَتَمَ اللَّهُ} طَبَعَ اللَّهُ {عَلَى قُلُوبِهِمْ} فَلَا تَعِي خَيْرًا وَلَا تَفْهَمُهُ.
وَحَقِيقَةُ الْخَتْمِ الِاسْتِيثَاقُ مِنَ الشَّيْءِ كَيْلَا يَدْخُلَهُ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَلَا يَخْرُجَ عَنْهُ مَا فِيهِ، وَمِنْهُ الْخَتْمُ عَلَى الْبَابِ. قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ: أَيْ حَكَمَ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِالْكُفْرِ، لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِهِ الْأَزَلِيِّ فِيهِمْ، وَقَالَ الْمُعْتَزِلَةُ: جَعَلَ عَلَى قُلُوبِهِمْ عَلَامَةً تَعْرِفُهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِهَا.
{وَعَلَى سَمْعِهِمْ} أَيْ: عَلَى مَوْضِعِ سَمْعِهِمْ فَلَا يَسْمَعُونَ الْحَقَّ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَأَرَادَ عَلَى أَسْمَاعِهِمْ كَمَا قَالَ: {عَلَى قُلُوبِهِمْ} وَإِنَّمَا وَحَّدَهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَالْمَصْدَرُ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} هَذَا ابْتِدَاءُ كَلَامٍ. غِشَاوَةٌ أَيْ: غِطَاءٌ، فَلَا يَرَوْنَ الْحَقَّ.
وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ أَبْصَارِهِمْ بِالْإِمَالَةِ وَكَذَلِكَ كَلُّ أَلِفٍ بَعْدَهَا رَاءٌ مَجْرُورَةٌ فِي الْأَسْمَاءِ كَانَتْ لَامَ الْفِعْلِ يُمِيلَانِهَا وَيُمِيلُ حَمْزَةُ مِنْهَا مَا يَتَكَرَّرُ فِيهِ الرَّاءُ كَالْقَرَارِ وَنَحْوِهِ.
زَادَ الْكِسَائِيُّ إِمَالَةَ جَبَّارِينَ وَالْجَوَارِ وَالْجَارِ وَبَارِئِكُمْ وَمَنْ أَنْصَارِي وَنُسَارِعُ وَبَابِهِ. وَكَذَلِكَ يُمِيلُ هَؤُلَاءِ كُلَّ أَلِفٍ بِمَنْزِلَةِ لَامِ الْفِعْلِ، أَوْ كَانَ عَلَمًا لِلتَّأْنِيثِ، إِذَا كَانَ قَبْلَهَا رَاءٌ، فَعَلَمُ التَّأْنِيثِ مِثْلُ: الْكُبْرَى وَالْأُخْرَى. وَلَامُ الْفِعْلِ: مِثْلُ تَرَى وَافْتَرَى، يَكْسِرُونَ الرَّاءَ فِيهَا.
وَلَهُمْ {عَذَابٌ عَظِيمٌ} أَيْ: فِي الْآخِرَةِ، وَقِيلَ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابُ الدَّائِمُ فِي الْعُقْبَى.
وَالْعَذَابُ كُلُّ مَا يَعْنِي الْإِنْسَانَ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَذَابُ مَا يَمْنَعُ الْإِنْسَانَ عَنْ مُرَادِهِ، وَمِنْهُ: الْمَاءُ الْعَذْبُ، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَطَشَ.