(العليم، الخبِير)
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
هو العليم المحيط علمه بكل شيء: بالواجبات، والممتنعات، والممكنات، فيعلم تعالى نفسه الكريمة، ونعوته المقدسة، وأوصافه العظيمة، وهي الواجبات التي لا يمكن إلا وجودها، ويعلم الممتنعات حال امتناعها، ويعلم ما يترتّب على وجودها لو وُجدت.
- التصنيفات: الأسماء والصفات -
13 - العَلِيمُ، 14 - الخَبِيرُ
قال الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} (1). {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (2).
فهو العليم المحيط علمه بكل شيء: بالواجبات، والممتنعات، والممكنات، فيعلم تعالى نفسه الكريمة، ونعوته المقدسة، وأوصافه العظيمة، وهي الواجبات التي لا يمكن إلا وجودها، ويعلم الممتنعات حال امتناعها، ويعلم ما يترتّب على وجودها لو وُجدت. كما قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلهَةٌ إِلاّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (3). وقال تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (4).
فهذا وشبهه من ذكر علمه بالممتنعات التي يعلمها، وإخباره بما ينشأ عنها لو وُجدت على وجه الفرض والتقدير، ويعلم تعالى الممكنات، وهي التي يجوز وجودها وعدمها ما وجد منها وما لم يوجد مما لم تقتض الحكمة إيجاده، فهو العليم الذي أحاط علمه بالعالم العلوي والسفلي، لا يخلو عن علمه مكان ولا زمان، ويعلم الغيب والشهادة، والظواهر والبواطن، والجليّ والخفيّ. قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (5)، والنصوص في ذكر إحاطة علم الله وتفصيل دقائق معلوماته كثيرة جداً لا يمكن حصرها ولا إحصاؤها، وأنّه لا يعزب عنه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وأنه لا يغفل ولا ينسى، وأنّ علوم الخلائق على سعتها وتنوعها إذا نسبت إلى علم الله اضمحلَّت وتلاشت، كما أن قُدَرَهُم إذا نسبت إلى قدرة الله لم يكن لها نسبة إليها بوجهٍ من الوجوه، فهو الذي علّمهم ما لم يكونوا يعلمون، وأقدرهم على ما لم يكونوا عليه قادرين.
وكما أن علمه محيط بجميع العالم العلوي والسفلي، وما فيه من المخلوقات: ذواتها، وأوصافها، وأفعالها، وجميع أمورها، فهو يعلم ما كان وما يكون في المستقبلات التي لا نهاية لها، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، ويعلم أحوال المكلفين منذ أنشأهم وبعد ما يُميتهم وبعد ما يُحييهم، قد أحاط علمه بأعمالهم كلِّها: خيرها وشرها، وجزاء تلك الأعمال وتفاصيل ذلك في دار القرار (6).
والخلاصة أن لله تعالى هو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن، والإسرار والإعلان، وبالواجبات، والمستحيلات، والممكنات، وبالعالم العلوي، والسفلي، وبالماضي، والحاضر، والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء (7).
__________
(1) سورة الأنعام، الآية: 18.
(2) سورة الأنفال، الآية: 75.
(3) سورة الأنبياء، الآية: 22.
(4) سورة المؤمنون، الآية: 91.
(5) سورة الأنفال، الآية: 75.
(6) الحق الواضح المبين، ص37 - 38، وشرح القصيدة النونية للهراس، 2/ 73، وتفسير السعدي، 5/ 621.
(7) تفسير العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله، 5/ 621.