هل أتاك حديث موسى

أبو الهيثم محمد درويش

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (17) فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ (20) فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ (22) فَحَشَرَ فَنَادَىٰ (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ (25) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ}  [النازعات]

  • التصنيفات: التفسير -

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ} :

يخبر الله تعالى عن حال موسى عليه السلام مع فرعون إذ أمره الله تعالى بدعوة هذا الطاغية بلين ولطف في القول عله يرعوي ويهتدي.

وقد أيد الله تعالى موسى بآيات تخطف القلوب لا يقدر عليها إلا الخالق سبحانه, عسى أن يفهم فرعون ويدرك قدر نفسه الحقيقي, ويدرك قدرة الخالق العظيم سبحانه , فما زادته الآيات إلا استكباراً وإعراضاً حتى أنه ادعى الألوهية كذباً وبهتاناً وغلواً في الاستكبار, فأخذه الله تعالى أخذ عزيز مقتدر وجعله عبرة للأولين والآخرين, وأهلكه في الدنيا وأخبر بهلاكه في الآخرة وخسرانه المبين.

قال تعالى:

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (17) فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ (20) فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ (22) فَحَشَرَ فَنَادَىٰ (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ (25) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ}  [النازعات]

قال السعدي في تفسيره:

يقول [الله] تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} } وهذا الاستفهام عن أمر عظيم متحقق وقوعه.

أي: هل أتاك حديثه { {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى} } وهو المحل الذي كلمه الله فيه، وامتن عليه بالرسالة، واختصه بالوحي والاجتباء.

{ {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} } أي: فانهه عن طغيانه وشركه وعصيانه، بقول لين، وخطاب لطيف، لعله { {يتذكر أو يخشى} }.

{ {فَقُلْ} } له: { {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى } } أي: هل لك في خصلة حميدة، ومحمدة جميلة، يتنافس فيها أولو الألباب، وهي أن تزكي نفسك وتطهرها من دنس الكفر والطغيان، إلى الإيمان والعمل الصالح؟

{ {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ} } أي: أدلك عليه، وأبين لك مواقع رضاه، من مواقع سخطه. { {فَتَخْشَى} } الله إذا علمت الصراط المستقيم، فامتنع فرعون مما دعاه إليه موسى.

{ {فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى} } أي: جنس الآية الكبرى، فلا ينافي تعددها { {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ} }

{ {فَكَذَّبَ} } بالحق { {وَعَصَى } } الأمر.

{ {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى} } أي: يجتهد في مبارزة الحق ومحاربته.

{ {فَحَشَرَ } } جنوده أي: جمعهم { {فَنَادَى} }

[ {فَقَالَ} } لهم: { {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} } فأذعنوا له وأقروا بباطله حين استخفهم.

{ {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} } أي: صارت عقوبته دليلا وزاجرا، ومبينة لعقوبة الدنيا والآخرة،

{ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} } فإن من يخشى الله هو الذي ينتفع بالآيات والعبر، فإذا رأى عقوبة فرعون، عرف أن كل من تكبر وعصى، وبارز الملك الأعلى، عاقبه في الدنيا والآخرة، وأما من ترحلت خشية الله من قلبه، فلو جاءته كل آية لم يؤمن بها.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن