فوائد من زاد المعاد (4-4)
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
فوائد من زاد المعاد في هدى خير العباد لابن القيم
- التصنيفات: طلب العلم -
مراتب الجهاد:
الجهاد أربع مرتب: جهاد النفس, وجهاد الشيطان, وجهاد الكفار, وجهاد المنافقين
جهاد النفس:
جهاد النفس أربع مراتب:
إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى, ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به, ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين.
الثانية: أن يُجاهدها على العمل به بعد علمه, وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها.
الثالثة: أن يُجاهدها على الدعوة إليه, وتعليمه من لا يعلمه, وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات, ولا ينفعه علمه, ولا ينجيه من عذاب الله
الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله, وأذى الخلق, ويتحمل ذلك كله لله, فإذا استكمل هذه المراتب الأربع, صار من الربَّبَّانين.
لا بد من حصول الألم لكل نفست آمنت أو رغبت عن الإيمان:
من آمن بالرسل وأطاعهم, عاداه أعداؤهم وآذوه, فابتلي بما يُؤلمه, وإن لم يؤمن بهم ولم يطعهم عوقب في الدنيا والآخرة, فحصل له ما يؤلمه, وكان هذا المؤلم له أعظم ألماً وأدوم من ألم اتباعهم, فلا بد من حصول الألم لكل نفست آمنت أو رغبت عن الإيمان, لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء, ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة, والمعرض عن الإيمان تحصل له اللذة ابتداءً, ثم يصير إلى الألم الدائم.
مهر المحبة والجنة بذل النفس والمال لمالكهما:
أخبر سبحانه {إِنَّ اللَّـهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} [ [التوبة:110] وأعاضهم عليها الجنة, وأن هذا العقد والوعد قد أودعه أفضل كتبه المنزلة من السماء, وهي التوراة والإنجيل والقرآن, ثم أكد ذلك بإعلاهم أنه لا أحد أوفى بعهده منه تبارك وتعالى, ثم أكد ذلك بأن أمرهم بأن يستبشروا ببيعهم الذي عاقدوه عليه, ثم أعلمهم أن ذك هو الفوز العظيم
فليتأمل العاقد مع ربه عقد هذا التبايع ما أعظم خطره وأجله, فإن الله عز وجل هو المشتري, والثمن جنات النعيم, والفوز برضاه, والتمتع برؤيته هناك, والثمن جنات النعيم, والفوز برضاه, والتمتع برؤيته هناك, والذي جرى على يده هذا العقد أشرف رسله وأكرمهم عليه من الملائكة والبشر, وإن سلعة هذا شأنها لقد هيئت لأمرٍ عظيمٍ وخطبٍ جسيمٍ:
قد هيؤوك لأمر لو فطـنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
مهر المحبة والجنة بذل النفس والمال لمالكهما الذي اشتراهما من المؤمنين, فما للجبان المعرض المفلس وسوم هذه السلعة.
الحازم من أرضى الله ولو غضب الناس:
الإنسان مدني بالطبع, لا بُد له أن يعيش مع الناس, والناس لهم إرادات وتصورات, فيطلبون منه أن يوافقهم عليها, فإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه, وإن وافقهم حصل له الأذى والعذاب, تارة منهم وتارة من غيرهم, كمن عنده دين وتقى حلَّ بين قوم فُجار ظلمةٍ, ولا يتمكنون من فجورهم وظلمهم إلا بموافقتهم لهم, أو سكوته عنهم, فإن وافقهم أو سكت عنهم, سَلِمَ من شرهم في الابتداء, ثم يتسلطون عليه بالإهانة والأذى أضعاف أضعاف ما كان يخافه ابتداء لو أنكر عليهم وخالفهم, وإن سَلِمَ منها فلا بد أن يهان ويُعاقب على يد غيرهم, فالحزم في الأخذ بما قالت عائشة أم المؤمنين لمعاوية: " من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس, ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئاً.
فوائد متنوعة:
* الدعاءُ في صلب العبادة قبل الفراغ منها أفضل منه بعد الفراغ منها, وهذا كانت سنته في دعائه في الصلاة, إذ كان يدعو في صُلبها, فأما بعد الفراغ منها, فلم يثبت عنه أنه كان يعتاد الدعاء.
* السعادة دائرة مع الصدق والتصديق, والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب.
* النعاس في الحرب وعند الخوف دليل على الأمن, وهو من الله, وفي الصلاة ومجالس الذكر والعلم من الشيطان.
* قول القائل: " أخزى الله الشيطان, وقبح الله الشيطان " فإن ذلك كُلهُ يُفرحهُ ويقول: علم ابن آدم أني قد نلته بقوتي, وذلك مما يُعينه على إغوائه, ولا يفيده شيئاً, فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى, ويذكر اسمه, ويستعيذ بالله منه, فإن ذلك أنفع له, وأغيظُ للشيطان.
* قال ثابت بن قرة: راحة الجسم في قلة الطعام, وراحة القلب في قلة الآثام, وراحة اللسان في قلة الكلام.
* القوى تتضاعف وتزيد بالطيب, كما تزيد بالغذاء والشراب, والدعة والسرور, ومعاشرة الأحبة, وحدوث الأمور المحبوبة.
* الثقلاء والبغضاء معاشرتهم توهن القوى, وتجلب الهم والغم, وهي للروح بمنزلة الحمى للبدن, وبمنزلة الرائحة الكريهة.
* أصول الطب ثلاثة: الحمية, وحفظ الصحة, واستفرغ المادة المضره.
* رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكمل الخلق في كل صفة يحصل بها انشراح الصدر, واتساع القلب, وقُرة العين, وحياة الروح,...وأكملُ الخلق متابعة له, أكملهم انشراحاً ولذة وقرة عين, وعلى حسب متابعته ينالُ العبد من انشراح صدره, وقُرة عينه, ولذة روحه ما ينال.
* من لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أمرت به, وتترك ما نهيت عنه, ويُحاربها في الله, لم يُمكنه جهاد عدوه في الخارج, فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه, وعدوه الذي بين يديه قاهر له, متسلط عليه, لم يجاهده, ولم يحاربه في الله.
كتبه / فهد بن عبد العزيز بن عبدالله الشويرخ