كلا إنها تذكرة
أبو الهيثم محمد درويش
{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13) مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) } [عبس]
- التصنيفات: التفسير -
{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } :
بعدما عاتب الله عز وجل رسوله على عبوسه وتوليه عن الأعمى جاء البيان الإلهي والدرس الكبير بأن الرسالة هي تذكرة لمن أقبل عليها وتلقاها بالقبول والعمل.
وقد رفع الله تعالى رسالته وطهرها وحفظها من أدنى تدنيس أو تحريف وأوكل أمر سفارتها ومناولتها للرسل إلى ملائكة كرام بررة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
قال تعالى:
{كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13) مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) } [عبس]
قال السعدي في تفسيره:
يقول تعالى: { {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} } أي: حقا إن هذه الموعظة تذكرة من الله، يذكر بها عباده، ويبين لهم في كتابه ما يحتاجون إليه، ويبين الرشد من الغي،فإذا تبين ذلك { فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ } أي: عمل به، كقوله تعالى: { {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } }
ثم ذكر محل هذه التذكرة وعظمها ورفع قدرها، فقال: { {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} }
{مَرْفُوعَةٍ} القدر والرتبة { {مُطَهَّرَةٌ} } من الآفاق وعن أن تنالها أيدي الشياطين أو يسترقوها.
{ { بِأَيْدِي سَفَرَةٍ } } وهم الملائكة [الذين هم] السفراء بين الله وبين عباده،{ {كِرَامٍ } } أي: كثيري الخير والبركة، { {بَرَرَةٍ} } قلوبهم وأعمالهم.
وذلك كله حفظ من الله لكتابه، أن جعل السفراء فيه إلى الرسل الملائكة الكرام الأقوياء الأتقياء، ولم يجعل للشياطين عليه سبيلا، وهذا مما يوجب الإيمان به وتلقيه بالقبول، ولكن مع هذا أبى الإنسان إلا كفورا.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن