إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم
أحمد قوشتي عبد الرحيم
وما أجدر بمثل هذا الصنف القبيح أن يفر منه طالب العلم فراره من الأسد ، والحمد لله أن الأرض واسعة ، وأن فضل الله عظيم
- التصنيفات: طلب العلم -
من البلاء العظيم أن يجلس طالب العلم في أول عهده بالطلب إلى شيخ أو أستاذ أوتي علما ولم يؤت خلقا حسنا، وحصل علوم آلة ولم يتحل بحلية الأدب والوقار ، فهو سليط اللسان ، شرس الأخلاق ، كثير الدعاوى ، ينضح العجب والغرور من كلامه ، ويظهر في صريح ألفاظه فضلا عن فلتات لسانه ، ثم هو إذا خاصم فجر ، وإذا اختلف مع شخص أو تيار أظهر كل قبيح وكتم كل حسن جميل ، ولم يرع عهدا أو حرمة ، ولم يحفظ ودا أو جميلا .
والمشكلة أن هذا النوع يعدي طلابه - إلا من رحم الله - فتجدهم مثله في سوء الخلق وفحش اللسان ، وفجور الخصومة ، والغرور والانتفاخ بالباطل ، وكأنهم نسخ مشوهة من ذلك المصدر المريض .
وما أجدر بمثل هذا الصنف القبيح أن يفر منه طالب العلم فراره من الأسد ، والحمد لله أن الأرض واسعة ، وأن فضل الله عظيم ، وأن الخير مبثوث في الأمة لا ينقطع ، ولم يكن العلم ولن يكون حكرا على واحد من هؤلاء بحيث يتحجج أحد أن لديه ما ليس عند غيره ، وأنه مضطر للأخذ عنه .
وليت شعري أي فضل أن يكسب المرء العلم الظاهر جله أو كله ، ثم يخسر قلبه وخلقه ونفسه ، ومن جميل ما قيل : من لم ينفعك لحظه لم ينفعك لفظه ولا وعظه ، ونحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم ، والله المستعان