أسلم تسلم: رسالة إلى غير مسلم
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
وأبشر يا عبدالله, إذا أسلمت غفر الله لك ذنوبك التي ارتكبتها قبل إسلامك, قال عز وجل: { قُل لِلَّذينَ كَفَروا إِن يَنتَهوا يُغفَر لَهُم ما قَد سَلَفَ } [الأنفال:38]
- التصنيفات: دعوة غير المسلمين -
{بسم الله الرحمن الرحيم }
سلام على من اتبع الهدي...أما بعد:
فهذه رسالة من عبد مسلم امتنّ الله عز وجل عليه بنعمة الإسلام فأحبَّ أن يشاركه غيره في هذه النعمة, التي أنعم الله عز وجل بها علي أهل الأرض جميعاً, عندما بعث نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, بدين الإسلام, فاستجاب له ولخلفائه من بعده, الكثيرون طوعاً واختياراً, ومحبةً واقتناعاً.
لقد أسلموا لا رغبةً في الدنيا, بل أسلموا لما تبين لهم الهدى, وأن محمد عليه الصلاة والسلام رسول الله حقاً, فعاشوا في نور الإسلام, بعد أن كانوا يعيشون في ظلمات الجهل والضلال.
قال الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه, لملك النصارى: ملك الحبشة " النجاشي " واصفاً حاله وحال قومه قبل الإسلام وبعده:
أيها الملك ! كُنَّا قوماً أهل جاهلية, نعبد الأصنام, ونأكل الميتة, ونأتي الفواحش, ونقطع الأرحام, ونُسيءُ الجوار, يأكل القويُّ منَّا الضعيف, فكنَّا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا, نعرف نسبه وصِدقه وأمانته وعفافه, فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده, ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان, وأمرنا بصدق الحديث, وأداء الأمانة, وصلة الرحم, وحُسن الجوار, والكف عن المحارم والدماء, ونهانا عن الفواحش, وقول الزور, وأكل مال اليتيم, وقذف المحصنة, وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئاً, وأمرنا بالصلاة, والزكاة, والصيام.
فعبدنا الله وحده, ولم نشرك به شيئاً, وحرمنا ما حرَّم علينا, وأحللنا ما أحلَّ لنا
قال له الملك: هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟
قال جعفر: نعم.
فقال له الملك: فاقرأه علي, فقرأ عليه صدراً من {كهيعص } [مريم:1]
فبكى الملك, وبكت أساقفته حين سمعوا ما تُلي عليهم من القرآن الكريم.
وقال: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة.
ثم سألهم: ما تقولون في عيسى ابن مريم ؟
فقال له جعفر رضي الله عنه: نقول فيه الذي جاء به نبينا: هو عبدُ الله ورسوله ورُوحه وكلِمته التي ألقاها إلى مريم العذراء البتول, وروح منه.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام, فلما قُرئ عليه الكتاب أسلم.
ولقد سمع عشرون رجلاً أو قريباً من ذلك من النصارى عن الإسلام وهم بالحبشة, فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة, فوجدوه في المسجد, فجلسوا إليه وكلّموه, فلما فرغوا من مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم عمَّا أرادوا, دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله, وتلا عليهم القرآن, فلما سمعوه فاضت أعينهم من الدمع, ثم استجابوا له وآمنوا به وصدقوه.
يا عبد الله: لا يمنعك ما تسمعه من أشياء غير صحيحة عن الإسلام والمسلمين أن تقرأ عنه, وتبحث عن الحق, فهذا عدي بن حاتم الطائي كان في الجاهلية مطاعاً في قومه يأخذ ربع غنائهم, يقول: بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم, فكرهته أشدَّ ما كرهتُ شيئاً قط, فخرجتُ حتى أتيتُ أقصى أرض العرب مما يلي الروم....فقلت: لو أتيته فسمعتُ منه, قال: فأتيتُ المدينة....فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام, وقال له: أسلم تسلم, فأسلم رضي الله عنه.
يا عبد الله: إن الإسلام هو الدين المقبول عند الله, قال سبحانه وتعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ } [آل عمران:19] فمن اعتنق غير الإسلام ديناً فلن يقبله الله منه, قال الله عز وجل: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [آل عمران:85]
إن الإسلام دين من دخله كان من الآمنين, ومن لجأ إليه كان من الفائزين, إنه البلسم الشافي, والدواء الناجح, لكل أمراض النفوس والقلوب. وما إسلام الكثير من الناس من مختلف الديانات والطوائف, ودخولهم في دين الإسلام أفواجاً, لأكبر دليل على أن الإسلام هو الدين الصحيح الوحيد الذي يمنح الناس الطمأنينة والراحة والسعادة.
إن من يدخلون الإسلام يزدادون عاماً بعد عام, لأنه أحسن الأديان, بحكم أحكم الحاكمين, رب العالمين, قال سبحانه وتعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}[النساء:125]
ومن دخل في الإسلام فإنه لا يرتد في الغالب على عقبيه, فقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم هرقل ملك الروم إلى الإسلام, فسأل أبا سفيان رضي الله عنه- ولم يكن في وقتها قد أسلم- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال هرقل: من يتبعه أشراف الناس؟ أم ضعفاؤهم ؟ قال أبو سفيان: بل ضعفاؤهم. قال هرقل: هل أيزيدون أم ينقصون ؟ قال أبو سفيان: بل يزيدون.
قال هرقل: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة فيه ؟
قال أبو سفيان لا.
قال هرقل: وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب.
نعم إذا دخل الإنسان الإسلام عن قناعة فلن يخرج منه, لأنه يعيش في ظلال نعمة لا تدانيها نعمة, لا يعرف قدرها إلا من عاش في ظلالها, ونعم بآثارها
أسلم يا عبد الله إن كنت تُريدُ حياةً لا موت بعدها, وصحةً لا مرض بعدها وشباباً لا هرم بعده, وسعادةً لا شقاء بعدها, ونعيماً لا بؤس بعده, وفرحاً لا حزن بعده, فأسلم تجد هذا النعيم, في الحياة الآخرة, في جناتٍ لا تفنى ولا تبيد, باقية دائمة
وأبشر يا عبدالله, إذا أسلمت غفر الله لك ذنوبك التي ارتكبتها قبل إسلامك, قال عز وجل: { قُل لِلَّذينَ كَفَروا إِن يَنتَهوا يُغفَر لَهُم ما قَد سَلَفَ } [الأنفال:38]
وأبشر كذلك إذا أسلمت وكنت قد عملت أعمالاً طيبة في حال كفرك, فإن الله بفضله وكرمه وجوده وإحسانه يُثيبكُ عليها, فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه, قال: «يا رسول الله, أرأيت أُموراً كُنتُ أتحنثُ بها في الجاهلية, من صلةٍ, وعتاقةٍ, وصدقةٍ, هل لي فيها من أجرٍ ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أسلمت على ما سلف من خير )» فما أعظم منَّة الله تعالى وفضله وإحسانه.
وأبشر كذلك أنك إذا أسلمت فستكون من المفلحين, فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( « قد أفلح من أسلم ورُزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه» )
وأبشرك كذلك أنك إذا أسلمت بشجرة في الجنة يقال لها " طوبى" يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها, فعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( «طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع» )
إني أدعوك إلى الدخول في دين الإسلام, حيث الحياة الطيبة, وطمأنينة القلب, وانشراح الصدر, وسعادة النفس, شرح الله صدرك للإسلام.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ