وما صاحبكم بمجنون
أبو الهيثم محمد درويش
{ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (25)} [ التكوير]
- التصنيفات: التفسير -
{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ} :
لما ذكر فضل وأمانة رسوله الملكي جبريل عليه السلام نفى سبحانه عن رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أدنى شبهة أو عيب, فهو أمين أهل الأرض والسماء صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر سبحانه التقاء الرسولين الكريمين وجهاً لوجه على الصورة الحقيقية لجبريل عليه السلام إذ رآه يسد الأفق له ستمائة جناح.
ثم يحدثنا سبحانه أن رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أتم الأمانة وبلغ الرسالة على أكمل وجه بلا تهمة ولا بخل ولا نقص في البلاغ.
ونفى سبحانه أن تكون هذه الرسالة الكريمة الشريفة المهيمنة على ما قبلها من الرسالات قد تداخل فيها أي تأثير شيطاني فالله تكفل بحفظها بنفسه سبحانه.
قال تعالى:
{ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (25)} [ التكوير]
قال السعدي في تفسيره:
ولما ذكر فضل الرسول الملكي الذي جاء بالقرآن، ذكر فضل الرسول البشري الذي نزل عليه القرآن، ودعا إليه الناس فقال: { {وَمَا صَاحِبُكُمْ} } وهو محمد صلى الله عليه وسلم { {بِمَجْنُونٍ } } كما يقوله أعداؤه المكذبون برسالته، المتقولون عليه من الأقوال، التي يريدون أن يطفئوا بها ما جاء به ما شاءوا وقدروا عليه، بل هو أكمل الناس عقلا، وأجزلهم رأيا، وأصدقهم لهجة.
{وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} أي: رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بالأفق البين، الذي هو أعلى ما يلوح للبصر.
{ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ } أي: وما هو على ما أوحاه الله إليه بمتهم يزيد فيه أو ينقص أو يكتم بعضه، بل هو صلى الله عليه وسلم أمين أهل السماء وأهل الأرض، الذي بلغ رسالات ربه البلاغ المبين، فلم يشح بشيء منه، عن غني ولا فقير، ولا رئيس ولا مرءوس، ولا ذكر ولا أنثى، ولا حضري ولا بدوي، ولذلك بعثه الله في أمة أمية، جاهلة جهلاء، فلم يمت صلى الله عليه وسلم حتى كانوا علماء ربانيين، وأحبارا متفرسين، إليهم الغاية في العلوم، وإليهم المنتهى في استخراج الدقائق والفهوم، وهم الأساتذة، وغيرهم قصاراه أن يكون من تلاميذهم.
{ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ } لما ذكر جلالة كتابه وفضله بذكر الرسولين الكريمين، اللذين وصل إلى الناس على أيديهما، وأثنى الله عليهما بما أثنى، دفع عنه كل آفة ونقص مما يقدح في صدقه، فقال: { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ }أي: في غاية البعد عن الله وعن قربه.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن