التربية الحديثية...!

حمزة بن فايع الفتحي

وما أحوجنا في هذا العصر المائج بالفتن أن نلوذ بالسنن ونعتصم بها اعتصام المتمسكين المخلصين، لاسيما وقد خاض الناس بالآراء، وتكلموا بالأهواء والشيوخ والمريدين، والله المستعان .

  • التصنيفات: الدفاع عن علماء أهل السنة والجماعة -


تلوح له حدائق العلماء، وبساتين المحدثين، فتنتثل عليه الأماني...!
أتمنى أن أكون محدثا...
أرجو التعلق بالسنن صغيرها وكبيرها..
أطمح في همة أهل الحديث حفظا وتطبيقا...!
من ذكرت رحمك الله..! أخرجه فلان وأعله فلان..! وهو من مسانيد فلان..!
وفقهه كيت وكيتَ..!
أريد أن يكون خلقي القرآنُ والسنة..!
أو كما قال سفيان الثوري رحمه الله : ( إن استطعت ألا تحكَ رأسك إلا بأثر فافعل ).
أمانٍ يهواها كثير من طلاب العلم...!
ولكن ذلك لا يتم إلا بمقدمات يبذلها الشاب والشابة، حتى يكون الواحد منهم محدثاً، قولا وعملا، مؤمنا سنيا، يؤثر السنن على الأهواء والظنون، وتمتزج الآثار بدمه وعصبه ،،.!
ومن ذلك :

١/ تعظيم السنة والحديث في حياتنا وتقديمها على كل رأي وقول وموروث، فهي صنو القران، والمصدر الثاني، والقطب الشارح للكتاب العزيز . 
{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [سورة النحل ] .
قال مالك رحمه الله( كل يؤخذ من قوله ويُترك، إلا صاحب هذا القبر) صلى الله عليه وسلم.
فيعظم صاحبها عليه الصلاة والسلام، ويلاذ بكلامه ويتعصب له، ولا يعارض بقول بشر كائنا من كان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى:( وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية " أهل الحديث والسنة " الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله ، وأعظمهم تمييزاً بين صحيحها وسقيمها ، وأئمتهم فقهاء فيها ، وأهل معرفة بمعانيها ، واتباعاً لها..).

٢/ اعتقاد أن الإيمان لا يصح إلا بها، وأنها مصدر للسعادة والنهوض والتقدم (( وما آتَاكُم الرسول فَخُذُوه )) سورة الحشر .
وأنها عدة الحياة، وسلاح المومن، والميراث النفيس، قال ابن الوزير رحمه الله :

العلم ميراث النبي كذا أتى//في النص والعلماء هم ورَّاثهُ
ما خلف المختارُ غَيْرَ حديثهِ//فينا فذاك متاعُه وأثاثهُ


٣/ التنشئة الأسرية الحازمة، تحفيظا وتحبيبا وتكليفا، بحيث ينمو الطفل وقد تعلم السنن اليومية، ومعظما لرسول الله، صلى الله عليه وسلم ومستمسكا بسنته وهديه .

٤/ تعلم الهدي النبوي في سائر العبادات، ومن أحسن من جَلاَّهَا العلامة ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد). قال تعالى : ((
{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} ..)) سورة الأحزاب .

٥/ مطالعتها كمطالعة القرآن، والبدء بمختصراتها، كالأربعين النووية والرياض والمشكاة، ومختصرات الصحيحين .

٦/ تحفظ أذكارها وأدعيتها وشمائلها، وكل ما أمكن من جوامع كَلِمها، وخالص ألفاظها، حتى تكون سلاحا وتاجا وفخارا، ورداء تجمل الروح والجسد، وفي الحديث الصحيح : ((
« نضّر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها» «» )) . [رواه أحمد والترمذي] . وقيل معناه الدعاء له بالنضارة وهي النعمة والبهجة، وقيل هي من حسن القدر والجاه بين الخلق ، كما أفاده الإمام الخطابي رحمه الله .

٧/ تعظيم أصحابها والعاملين بها: فلا يبلغك محدّث أو صاحب سنة إلا خضعت له وفرحت بجهده ومسلكه.

٨/ التحاكم لها: عند الاختلاف والتنازع، كما قال تعالى((
{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول } ))سورة النساء .

٩/ الانصياع لها: حين البلوغ وحصول المعرفة، لا سيما أزمنة الاندثار وقلة الداعين إليها، فمن حين وآخر، ينبه أشياخ أو يرشد فضلاء لسنة مهجورة، أو عمل نبوي كريم ،فالواجب تطبيقه ودعوة الخلائق إليه.

١٠/ إحياء السنن المندثرة: وهو من خصائص أحباب السنن من المحدثين وغيرهم والمتمسكين بها وفِي الحديث: ((
« من أحيا سنة من سُنتِي قدْ أُمِيتَتْ بعدِي فإن له من الأجرِ مِثلَ مَنْ عَمِلَ بِها من غَيرِ أنْ يَنْقُصَ من أجورِهِمْ شيء» )). [ أخرجه الترمذي] .

١١/ مدارسها المخصوصة: ومعاهدها النابضة بحبها وحمل الناس عليها وتحفظها، كالمساجد ودور الحديث، سواء عن طريق الحكومات أو الجهات العلمية والخيرية الحريصة على نهضة الأمة وإخراجها من بلايا التخلف والضياع..!
والاندراج فيها من المقاصد المهمة، والمطالب العلية، التي تذكي وتزكي وتغري.

١٢/ أقطابها الشرعيون: السنيون، حملة الآثار، ونقلة الأخبار رواية ودراية وذبا ودفاعا، ودرسا وتحقيقا، ندنو منهم ونشحذ هممهم للبذل والدعوة والتدريس والتعليم، حتى تؤسس القاعدة، ونجني الثمار اليانعة، والأفنان الوافرة .

١٣/ الاعتصام بها زمن الفتن والشبهات، وأنها المخرج الحقيقي، وكنز السعادة وطوق النجاة، لأنها وحي مجيد، ومنهج سديد، ومنجم مديد
{ وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى }. [سورة النجم] [] .
قال الإمام مالك رحمه الله( السنة سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك).
وعن شيخه الزهري رحمه الله(كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة ). وهم من عناهم الحديث النبوي بالطائفة الناجية(( لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ))، كما في الصحيحين، قال الحاكم النيسابوري رحمه الله في المعرفة: ( أحسن الإمام أحمد بن حنبل في تفسير هذا الخبر أن الطائفة المنصورة التي يُرفع الخذلان عنهم إلى قيام الساعة هم (أصحاب الحديث ) ، ومَن أحق بهذا التأويل من قومٍ سلكوا محجة الصالحين ، واتبعوا آثار السلف من الماضين ، ودمغوا أهل البدع والمخالفين بسنن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أجمعين ).
وما أحوجنا في هذا العصر المائج بالفتن أن نلوذ بالسنن ونعتصم بها اعتصام المتمسكين المخلصين، لاسيما وقد خاض الناس بالآراء، وتكلموا بالأهواء والشيوخ والمريدين، والله المستعان .

ومضة/ تعظيم السنة قلبا وتطبيقها عملا، طريق لمحبتها والفوز بثمراتها..!