وقفات مع قاعدة قرآنية

وقفات مع القاعدة القرآنية:{ {وَٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَنفَقُوا۟ لَمۡ یُسۡرِفُوا۟ وَلَمۡ یَقۡتُرُوا۟ وَكَانَ بَیۡنَ ذَ ٰ⁠لِكَ قَوَامࣰا} }

  • التصنيفات: القرآن وعلومه -

 

وقفات مع القاعدة القرآنية:{ {وَٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَنفَقُوا۟ لَمۡ یُسۡرِفُوا۟ وَلَمۡ یَقۡتُرُوا۟ وَكَانَ بَیۡنَ ذَ ٰ⁠لِكَ قَوَامࣰا} }
[سورة الفرقان ٦٧].
المقدمة:
الحمد لله ،والصلاة والسلام على رسوله،وبعد،فإن ميزان الإنفاق قد بينه تعالى في كتابه أحسن بيان،وأوفى إيجاز.
وأن الناس في ذلك على ثلاثة أصناف.
قال تعالى:{
{وَٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَنفَقُوا۟ لَمۡ یُسۡرِفُوا۟ وَلَمۡ یَقۡتُرُوا۟ وَكَانَ بَیۡنَ ذَ ٰ⁠لِكَ قَوَامࣰا} }[سورة الفرقان ٦٧].
الوقفة الأولى :
في دلالة الآية، في النهي عن الإسراف،في جميع صوره وأشكاله،ويكون ذلك في الزيادة على القدر الكافي في المآكل والمشارب أو اللباس أو زيادة الترفه أو بتجاوز الحلال إلى الحرام في النفقة.
قال تعالى:{
{یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ وَلَا تُسۡرِفُوۤا۟ۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ} }
[سورة الأعراف ٣١].
قال العلامة السعدي في تفسيره على قوله تعالى:﴿
{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} ﴾ فإن السرف يبغضه اللّه، ويضر بدن الإنسان ومعيشته، حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات، ففي هذه الآية الكريمة الأمر بتناول الأكل والشرب، والنهي عن تركهما، وعن الإسراف فيهما.
الوقفة الثانية:
في دلالة الآية، في النهي عن الإقتار، وهو البخل والشح ومنع الحقوق الواجبة والمستحبة في النفقات.
وجاء في تفسير الإمام الطبري، على هذه الآية،عن ابن عباس, قوله: (
{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } ) قال: هم المؤمنون لا يسرفون فينفقون في معصية الله، ولا يُقترون فيمنعون حقوق الله تعالى.
وذكر أيضا ،عن عمر مولى غُفرة أنه سئل عن الإسراف ما هو؟ قال: كلّ شيء أنفقته في غير طاعة الله فهو سرف.
وقال آخرون: السرف: المجاوزة في النفقة الحدّ، والإقتار: التقصير عن الذي لا بدّ منه.

الوقفة الثالثة:
في دلالة الآية، على القوامة في النفقة وهو الاعتدال فيها ،وهو الوسط بين الإسراف والإقتار.
قال تعالى:{
{وَلَا تَجۡعَلۡ یَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومࣰا مَّحۡسُورًا} }
[سورة الإسراء ٢٩].
وذكر الإمام الطبري في تفسيره على الآية{
{وَكَانَ بَیۡنَ ذَ ٰ⁠لِكَ قَوَامࣰا} }.
عن عمر مولى غُفْرة،قال: قلت له: ما القوام؟ قال: القوام: أن لا تنفق في غير حقّ، ولا تمسك عن حقّ هو عليك.
الخاتمة:
حاصل ما تقدم أن الإمساك حيث ينبغي البذل بخل ومنهي عنه، والبذل حيث ينبغي الإمساك تبذير وإسراف، والوسط بينهما هو المحمود.
نسألك اللهم حسن الإنفاق ونعوذ بك من السرف والبخل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه يزن الغانم أبو قتيبة.