التوقعات وتأثيرها على الواقع

إن توقعاتنا تؤثر على واقعنا؛ حيث إنها تؤثر بشكل واضح وصريح على تصرفاتنا.

  • التصنيفات: تربية النفس -

أميرة السكري

اختياراتنا في الحياة كثيرًا ما تحدد الطرق التي نسلكها والمنعطفات التي نمر بها، حيث إنه دائمًا ما يواجه الإنسان نتيجة أفعاله، ولكني في هذا المقال أتحدَّث على نتيجة أخرى ربما تكون هي السبب في تعاسة المرء أو سعادته وهي أفكاره.

هناك الكثير من التفاصيل بالنسبة للأفكار، وربما يكون جزءًا كبيرًا منها يعتمد على التوقعات، فالتوقعات تؤثر تأثيرًا كبيرًا على أفعالنا؛ حيث إنه إذا ارتفعت توقعاتنا، وكان الواقع مخالفًا لذلك، فالذي يحدث أمر من اثنين، ودعني أضرب لك مثالًا:

إذا اتَّصل عليك السكرتير في عملك، وأخبرك أنك ستأخذ جائزة خمسين ألف جنيه غدًا بسبب حسن عملك، فانت بالتأكيد ستشعر بالسعادة، وإذا حدث ذلك مع موظف آخر في نفس عملك، ولكن قالت له: إن الجائزة ستكون مائة وخمسين ألف جنيه، فإنه سيشعر بالسعادة البالغة، وإذا ذهبتم في اليوم الثاني، وقال السكرتير: إنه حدث لبس في الأمور، وإنك ستأخذ بدلًا من خمسين ألف جنيه مائة ألف جنيه، حينها ستزيد سعادتك، وإذا قيل للموظف الآخر: إنك ستأخذ بدلًا من مائة وخمسين ألف جنيه مائة ألف جنيه، حينها سيشعر بالإحباط والألم والضيق الشديد، مع أنكما الاثنين ستأخذون في النهاية نفس المبلغ، ولكن توقعاتك كانت على أنك ستأخذ مبلغًا معينًا، فعندما تغير الواقع لأفضل من توقعك، فإنك ستشعر بشعور أفضل، وأما إن كان الواقع أسوءَ من توقعك، فإنك ستشعر بشعور سيئ، وهذا يخرجنا لخلاصة هذا الموضوع:

أولًا: إن أفكارنا تؤثر تأثيرًا كبيرًا على حالتنا النفسية.

ثانيًا: إن توقعاتنا تؤثر على واقعنا؛ حيث إنها تؤثر بشكل واضح وصريح على تصرفاتنا.

التوقعات السلبية سبب وراء الكثير من المشكلات التي تواجهنا مثلًا في العلاقة الزوجية؛ حيث إن الزوجة تتوقع من زوجها عند عودته من العمل أن يعاملها بمنتهى الرقة، وأن يُدللها وأن يخبرها بكل كلمات المديح والغزل، وعندما يحدث خلاف ذلك، فإنها تشعر بالأسى الشديد، وربما تفتعل معه المشاكل، ولكنها مثلًا لا تدرك ما مرَّ به أثناء اليوم، وما ناله من المشقة والتعب، وبالمثل فعندما يرجع الزوج من العمل يتوقع أن يجد منزله وأطفاله في منتهى النظافة، وأن تكون الزوجة في كامل أناقتها وفي رُوحها المرحة، وتستقبله بكل حفاوة، ولكنه لا يدرك ما مرَّ بها أثناء اليوم من التعب من تنظيف وترتيب، وإعداد للطعام واهتمام بالأطفال وبنفسها، وغير ذلك، فلو تخلى الطرفان عن تلك التوقعات، فإنهم سيشعرون بشكل أفضل كثيرًا، وسيتعاملون على حسب ما سيجدونه، وليس على حسب ما يتوقعونه، وكذلك في كل جوانب حياتنا، وإذا توقع موظف أن يتلقى معاملة معينه من زملائه أو مديرة، فإنه سيشعر بخيبة أمل كبيرة إن حدث خلاف ذلك بشكل سلبي، فإنه ربما يؤثر على عمله وعلى كامل يومه، وإن كان العكس فيشعر بالعكس وهكذا.

حسنًا ربما يقول البعض أنه لا بد من التوقعات؛ لأننا بشر، ولأن الخيال يلعب دورًا كبيرًا في حياتنا؟

أرد عليهم أنه يجب على المرء أن يتعامل مع الأمور بلا توقعات عالية، فيشعر بالإحباط إذا حدث خلاف ذلك، ولا توقعات سلبية، فيقصر في الأسباب، فتكون العواقب سيئة بالمثل، وإنما يتعامل بشكل منطقي معتدل يقدر فيه الأسباب، وما يترتب عليها من نتائج منطقيه ويلتمس الأعذار لمن حوله، ولا يتوقع منهم شيئًا كبيرًا، ولا توقعات عالية، ولكن يدرك أننا كلنا بشر نخطئ ونتعب ونشعر بمشاعر سلبية ومتعبة.

لا تتوقع توقعات عالية للغاية في حياتك، ولكن في حدود المعقول بشكل يعطيك طاقة لمواصلة الحياة بتفاؤل، وفي نفس الوقت يُجنبك الوقوعَ في اليأس إذا خالفَ توقعاتِك واقعُك.