من بركات القرآن الكريم -2
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
قال الله جل جلاله: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [الأنعام: 92]، قال الإمام الرازي رحمه الله في تفسير هذه الآية: ثم قد جرتْ سنةُ الله تعالى بأن الباحث عنه والمتمسِّك به، يحصُل له عزُّ الدنيا وسعادة الآخرة.
- التصنيفات: القرآن وعلومه -
أنه حصنٌ حصينٌ من فتنة الدجال، وشر الشياطين، وكيد السحرة:
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن حفِظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عُصِمَ من الدجال» [ أخرجه مسلم] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «لا تَجعلوا بيوتكم مقابرَ؛ إن الشيطان يَنفِر من البيت الذي تُقرأُ فيه سورة البقرة» [أخرجه مسلم] .
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اقرُؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرةٌ، ولا تستطيعها البَطَلةُ» [أخرجه مسلم] .
وعن أبي مسعود رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: «الآيتان من آخر سورة البقرة، مَن قرأَهما في ليله كفَتاه» أخرجه مسلم، قيل: مِن الآفات والشرور.
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: مِن بركته أنه حصنٌ حصين لقارئه، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أويتَ إلى فراشك فاقرأْ آية الكرسي، لن يزال معك من الله حافظٌ، ولا يَقرَبُك شيطان حتى تُصبح» ... فاقرأ آية الكرسي في كل ليلة، فلا يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يَقرَبُك شيطان حتى تُصبح.
الشعور بالراحة النفسية وانشراح الصدر عند تلاوته:
قال الله عز وجل: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: بركة القرآن ... من حيث الأثر المترتب على تلاوته، سواء كان عامًّا أم خاصًّا، فالخاص
ما يحصل للإنسان بتلاوة القرآن من انشراح الصدر، ونور القرآن وطمأنينته، كما هو مجرَّب لمن قرأ القرآن بتدبر.
فمن قرأ القرآن الكريم بتدبُّرٍ، فسوف يشعُر براحة نفسية، وطمأنينة قلبية، وسوف تنجلي أحزانه، وتذهب همومُه، ببركة كلام رب العالمين: القرآن الكريم، وسوف يكون من أبعد الناس عن الأحزان الدائمة، والقلق المستمر، والخوف المزعج.
أنه شفاء لأمراض القلوب والأبدان لمن أحسن الاستشفاء به:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: من بركته ما يحصُل به من الشفاء، والشفاء الحاصل بالقرآن نوعان:
النوع الأول: شفاء معنوي.
النوع الثاني: شفاء حسي.
أما الشفاء المعنوي، فهو الشفاء من أمراض القلوب، من الشبهات والشهوات، فالقرآن الكريم به العلمُ الذي هو شفاءٌ من الشُّبهة، وبه الإخلاصُ الذي هو شفاءٌ من الشهوة، وهذا من بركته، وكم من إنسان صلَح قلبُه بقراءة القرآن؛ إما بنفسه، وإما بسماعه من غيره!
وأما الشفاء الحسي، فمن بركته أنه شفاء للأمراض الحسية، أمراض البدن، وهذا شيء مُشاهد مُجرب، فكم من إنسان مريض عجَز عنه الأطباءُ، شفاه الله بالقرآن الكريم.
تقديم الحافظين له العاملين به على غيرهم:
فعن نافع بن عبدالحارث أنه لقِي عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بعُسفان، وكان عمر يستعمله على مكه، فقال له عمر: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى، قال: ومَن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفتَ عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أَمَا إن نبيَّكم صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله يرفَع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين» أخرجه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمعُ بين الرجلين من قتلى أُحُد، ثم يقول: «أيُّهم أكثرُ أخذًا للقرآن» فإن أُشير إلى أحدهما، قدَّمه في اللحد؛ أخرجه البخاري.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤمُّ القوم أقرؤُهم لكتاب الله تعالى» أخرجه مسلم.
ما يُفتحُ به على المُتدبر له من المعاني والحكم والأسرار:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ومن بركة القرآن أن الله تعالى يفتحُ به على المؤمن، كلما تدبرهُ فتَح الله به عليه من المعاني والحِكم والأسرار ما لم يَفتَحْه على المعرض عن القرآن.
صلاح أحوال السجناء من الحافظين له وعدم عودتهم إلى الجريمة:
من بركة حفظ القرآن الكريم، كلام رب العالمين، استقامة أحوال السجناء داخل السجن، وتحسُّن سلوكهم بعد حِفظهم أجزاءً من القرآن الكريم، وعدم عودة مَن حَفِظَ كتابَ الله كاملًا إلى الجريمة مرة ثانية، ونُدرته لمن حفِظ أجزاءً منه.
زيادة الإيمان والمعرفة بالله عز وجل عند تلاوته وتدبُّره:
قال الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2]، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: بركة القرآن ... ما يحصل فيه من التأثير على القلب بزيادة الإيمان، ومعرفة الله عز وجل، وأسمائه وصفاته وأحكامه.
ما يحصل للمستمسك به من السعادة في الدنيا والآخرة:
قال الله جل جلاله: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [الأنعام: 92]، قال الإمام الرازي رحمه الله في تفسير هذه الآية: ثم قد جرتْ سنةُ الله تعالى بأن الباحث عنه والمتمسِّك به، يحصُل له عزُّ الدنيا وسعادة الآخرة.
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: بركة القرآن ... ما يحصُل للمتمسك به من صحة القصد وسلامة المنهج، والسعادة في الدنيا والآخرة. وفي الختام هذه نصيحة من العلامة ابن عثيمين رحمه الله يقول أنا أنصَح إخوتي الكرام أن يَحرِصوا على تدبُّر كتاب الله، واللهِ إنه لرياضٌ متنوعة، تَفتَحُ القلوب، وتُبهج النفوسَ، تَجدون فيه العلمَ العظيم الواسع، تجدون فيه حياةَ القلب، تجدون فيه الإنابة إلى الله عز وجل، كثير منَّا يشكو قسوةَ قلبه، نسأل الله أن يُلينها لذكره، ولكن لا يُلينها إلا الرجوع للقرآن بالقراءة والتأمل وتعظيمه؛ لأنه مِن لَدُن حكيم خبير جلَّ وعلا, اقرأ سطرًا من القرآن وتأمَّله بفَهْمٍ، تجد قلبَك قد انصَبغ بهذا القرآن الكريم، ولانَ لذكر الله عز وجل، لكن أكثرنا - وأنا منهم أسأل الله أن يعامِلَنا سبحانه بعفوه - نقرؤه هذًّا، من أجل أن نَختمَ، ومن أجل أن نقرأَ حزبَنا الذي قررناه كلَّ يوم، ولكن اقرؤوا القرآن بتأمُّل، تجد العجب العجاب.
التأمل يفتح القلب واللهِ، ويجد الإنسان طعمًا لذيذًا للقرآن، ومعانيَ عظيمة لا يعلَمُها إلا الله عز وجل.
اللهم يا أكرمَ الأكرمين، اجعَلنا ممن يقرأ كتابك ويتدبَّره، ويعمل به، ويُدرك بركته.