صدق أو لا تصدق: الغَرْبُ يَحظِرُ المعاصي...!

أسماء محمد لبيب

-وضعُ حواجز إسمنتية بين القرى منعًا لانتقال العُصاة للقرى المجاورة...

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


مشاهد ووقائع مسجلة بمقاطع على الانترنت خلال الأيام الماضية:

-رجال قانون يضربون العصاة والمتهاونين بالمعصية في الطرقات وعلى المقاهي بلا هوادة، ويقبضون عليهم ويعتبرونهم مجرمين يريدون هدم البلد وإيذاء الناس..

-رئيسة وزراء أوروبية تمد يدها لتصافحَ وزيرًا في وزارتها، فيَقبضُ يدَه ولا يلمسُها، وترضخُ هي لذلك بابتسامةِ اعتذارٍ عن جُرأتها على تلك المعصية...! ولا يعتذر لها، لأنها هي المخطئة لا هو..!

-رجال قانون يقتلون بعض العُصاة خَوفًا من انتشارِ معصيتهم بين الناس...

-حملات على الأماكن المعروفة بتجمعات أهل المعاصي، وغَلقِها وحَظرُ التعاملِ معها، وتفريقُ تجمعات العصاة... فكلُّ أمرٍ هَيِّنٌ، إلا المعصية..!

-وضعُ حواجز إسمنتية بين القرى منعًا لانتقال العُصاة للقرى المجاورة...

-وقوفُ الأهالي أنفسِهم بالمرصاد على حدود القرى التي ليس عليها حواجز إسمنتية، والضربُ بالعصا لأي أحدٍ من العصاة يفكر في دخول القرية عُنوة، منعًا لنشر معاصيه بين الناس..

-وصل الأمرُ في الحرص على تطبيقِ إجراءات السلامة والوقاية من المعاصي، إلى تجريم المُتَخَفّي بالمعصية والمستتر بها عن أعين الناس وكاميرات الرقابة، فأرسَلوا طائرات صغيرة مُسيرة عن بُعد، فوق البيوت والحقول، تراقِبُ العصاةَ من أعلى وتخاطبهم بمكبر صوت حين تضبط أحدَهم وقد تجرأ على أن يحوم حول المعصية ويُوشِكُ أن يقارفَها ويقعَ فيها، وأرسلوا فِرَقَ تفتيشٍ على البيوت وأماكن التجمعات لتأديب المستترين بالمعصية -أو مقُدماتها- عن العيون..

-وحين يجدونهم، لا يتورَّعون لحظةً عن حَمل العُصاة بالقوة، حتى لو كانوا أسرةً كاملة، فلا تَراجُع عن حِفظِ الأمن والسلامة ولا تقصير في منع وصول الأذى إلى الناس التي تخترز من المعصية.. وقد يتم ضرب هؤلاء العصاة المستترين ضربًا مبرحا، هذا وهم مستترون بالمعصية، فما بالكم بالمجاهرين بها علنًا....؟

-أيُّ مكانٍ يتضحُ أن فيه معصيةً يتمُ اقتحامُه وتهشيمُ محتوياته، وربما غَلقُه، وحظرُ دخولِ الناس إليه، حتى أنه قد تم "تشميع" عقارات بالكامل بالشمع الأحمر ووضعُ المتاريس الضخمة لغلق بوابة البيت الرئيسية وعزل المبنى بالكامل! مهما تعارض ذلك مع تقييد لحرية الناس داخل بيوتهم.. فكلُّ أمرٍ هَيِّنٌ كما قلنا، إلا المعصية..!
-
تم هجرُ أجمل الأماكن والمتع والترفيه، حرصًا على عدم التأثر بالمعاصي المنتشرة هنا وهناك.. دينُك دينُك لحمُك دمُك..!


كل تلك الوقائع لها مقاطع مرئية حقيقية على الإنترنت من قلب الحدث مباشرة رأيتها بنفسي قبل أن أكتب لكم مقالتي تلك، احذفوا فقط كلمة ((معاصي/عصاة)) وضعوا مكانها ((فيروس/عدوى)).. لأنه ليس هناك فرق جوهري..!
وهل هناك عدوى أشد وأفتك من الجهر بالمعاصي..؟!

حين "نتجرأ" –بين علامتي تنصيص!- ونكلم الناس عن حد الردة والسرقة والزنا والقتل وشرب الخمر وفعل قوم لوط، وعقوبات شرعية لبعض الكبائر الأخرى، تثور علينا عاصفةٌ استنكارٍ من أتباع دين الإنسانية قائلين: ما هذا العنف! ما تلك القسوة! أي دين عنيف غليظ قاسي بهذا الشكل!
ثم حين نحاول أن نشرح لهؤلاء الجاهلين بشريعة رب العالمين، أن تلك الحدود إنما هي لِحِكمٍ بليغةٍ تُحَقِّقُ مصالحَ للبشرية كافة وليس فقط للمسلمين، وأن من أعظم تلك الحِكَم هو ((عدم نشر العدوى)) -الفتنة!- في كل مكان.. بل على العكس: نحن في الإسلام لا نتتبع عوراتِ الناس في بيوتهم، لكن نُطبق العقوبة والحدود فقط على المجاهرين بالـ((عدوى))، الذين جاهروا بها حتى صار هناك شهودٌ عليهم فيها!
حين نفعل ذلك أيضا، يستمرون في اتهاماتهم واستنكارهم: هذا ظلامٌ ولا إنسانية، وجهلٌ وجاهلية..!

 مع أن الغاية من وراء قوانين التصدي ((للعدوى الفيروسية)) وقوانين ((التصدي للمعاصي)) واحدة!
هي مقاصد الشريعة الخمسة وضروراتها الخمسة: حفظ العقل، والعِرض (النسل)/ والنفس/ والمال/ والدين..
1-حَدُّ شُربِ الخمر = لحفظ العقل والأنفس والأموال والأعراض، لأنها مُذهِبة للعقل.
2-حَدُّ الزنا = لحفظ النسل/ العرض، والدين.
3-حَدُّ السرقة = لحفظ المال.
4-حَدُّ الردة = لحفظ الدين كافَّةً من التلاعب به، لأن الدين هو الذي سيحققُ حفظَ كل شيئ فتستقيم الحياة.. حتى لا تكون فتنة..!

 

مشهد1:
يأمرنا الله أن لا نأكل كذا أو نفعل كذا أو لانفعل كذا، والكفرة يقولون لا نوافق.. ثم نرى بأعيننا كيف أن كل ما أمرنا الله به كان حقًا لمصلحة البشر ولطيبِ عيشِهم على الأرض لتكون مكانًا أفضل للحياة حتى يتمكنوا من تعميرها بالخير وتعبيدها لله ولا تفسد بين أيديهم بفعالهم.. وفرقٌ شاسعٌ كما بين السماء والأرض، بين حِكمة "الخبير" عز وجل، وحِكمة بشَرٍ يُجرِّبون أفكارَهم وفرضياتِهم ونظرياتِهم في البشرية ويكتسبون خبرتهم فيها بالتجربة والصواب والخطأ..!
فرقٌ خارجُ المقارنة بين خبرةِ الصانع وخبرةِ صَنعَتِه..!
{ألا يعلم مَن خَلَقَ وهو اللطيفُ الخبير}...!
ورغم كل ذلك قال الذين كفروا -ولازالوا: لا..! الدين رجعية وتخلف وعنف وقسوة
!

 

مشهد2:
اليوم، الصينُ -والعالمُ كله على إثرها- يُغلقون المعابر والحدود ويَعزِلون الناس، ويُلبِسونهم "النقاب" قَسرًا -الكمامات- ويأمرونهم "بالوضوء" مرار وتكرارًا في اليوم والليلة، ويُغلقون أماكنَ بيعِ اللحوم الخبيثة المحرمة في الإسلام، ويمنعون الاختلاط والتلامس، إلى آخر كل تلك الأسباب المؤدية للعدوى، ومن لا ينصاع للأوامر يتعرض للسجن أو الضرب علنًا وربما القتل!
ورغم ذلك قال الذين كفروا: موافقون..! أحسنتم..!

أين ذهبتْ {لا إكراه.......}؟؟!
أين تلاشتْ {أفأنت تُكره الناس......}؟؟!
لماذا لم نسمع "كل واحدٍ حُر يفعل ما يريد وليس من حق أحد أن يعوق حرية أحد"؟؟!
الجواب:

{ ..فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ ((يَجْحَدُونَ)).. }

 قال عن ذلك ابن القيم وصَدَق: "هَرَبوا من الرِّق الذي خُلِقوا له، فَبُلوا بِرِقِّ النفسِ والشيطان"..


والأمر لم يتوقف عند ذلك... فقد وصلَ ذُعرُ الناس وخوفهم من انتشار المعاصي -أقصد العدوى!- إلى الآتي:
••
 الحلاقون يحلقون رؤوسَ الناس من على بُعد مِتر..! قد ربطوا ماكينةَ الحلاقة على عصا، ومشطَ التصفيف على عصا أخرى، وحافظوا على مسافة واضحة بينهم وبين رأس "الزَّبون"، خوفًا من العدوى..
••
 كان الناس في بداية الأزمة يقتتلون على أدواتِ ((الوقاية من المعصية)) -أدواتُ التعقيم من العدوى- فقَتَلَتْ شابةٌ عُمُرها 18 عاما امرأةً عجوزًا وطفلةً أمام الناس كلهم بمتجرِ بيع الأدوات، في شجارٍ حول زجاجةِ مُعقِّم..!
••
 يتم توجيهُ زَجرٌ علني مجتمعيٍّ عنيف لمن يرتدي ملابس صيفية خفيفة في هذا البرد مُعَرِّضًا نفسه للمرض وضعفِ المناعة والقابلية للعدوى.. أين اختفت لا "للتنمر"!
••  ضاعَفوا مِن حرصِهم حتى وصل التكميم بالكمامات والبدل المعقمة إلى حيوانات المنزلية..!
ولا تعليق...!

 

حسنًا...
دعنا من الغرب والذين كفروا أجمعين ودعونا نتسائل:
لماذا نحن كمسلمين لا نتعامل مع المعاصي بهذا الذعر والحرص والتوقي منها...؟
لماذا لا نبتعد عنها ومسبباتها بالأميال ونهجر بلدانَها ومواطنَها...؟
لماذا لا نجعل بيننا وبينها وقاية؟ وذلك هو تعريف ((التقوى)): أن تجعل بينك وبين عذابِ الله وقاية، وذلك باجتناب نواهيه وفعل أوامره
..
لماذا....؟
ولماذا لا نتعامل مع المجاهرين بالمعاصي المؤذين للناس بالفتن المُزِلَّةِ للأقدام في المعاصي -ناقلي العدوى!- بنفس الحسم والقوة والتحرز؟
لماذا لا نشير على الجليس السيئ بلا حرج ونقول: هاؤمُ نافخ كِيرٍ فاحذروه، قد حَذَّرَ منه النبي
وقال لنا لو جلستم إلى جواره
يحرق ثيابكم أو ستجدون منه ريحًا مُنتنة..؟
لماذا لا نقول -مثلما قال الذين كفروا "كله إلا العدوى": ((كله إلا المعاصي))....؟!

أليس كلاهما نهايتُه واحدة: الموت.....؟!
بلى.. لكنَّ ثمة أناسٌ يعتبرون موتَ ودمارَ حياتِهم الدنيا أشدَّ وَطئًا وأعمقَ جُرجًا وأفدحَ خَسارةً من موتِ ودمارِ حياتِهم الآخرة..
وهذا هو الفرق الجوهري بين المؤمن والكافر... فلماذا ذاب هذا الفارق وصار غير موجود.....؟
الجواب:
{
مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ..}
{بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا.. وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى..}
حين تكالبنا على الدنيا مثلهم، صرنا ممن قال فيهم
: ولَيقْذِفَنَّ اللهُ في قلوبكم الوَهْن.. قيل: وما الوهن؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت..

لماذا بكل بساطة صِرنا نشبه الذين كفروا في ترتيب حياتهم ونظرتهم للدنيا...؟
أليس الدين مش أغلى من كل ذلك..؟
دينك دينك لحمك دمك...