لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة
أبو الهيثم محمد درويش
{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)} [البينة]
{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} :
لولا إرسال الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى أهل الأرض لظل الكفار من كل ملة على كفرهم بعد أن عم الكفر الأرض وغير أهل الأديان دينهم وبدلوا جميعاً ملة التوحيد وأدخلوا فيها الشرك والوثنية والبدع العقائدية التي شوهت أصل الديانات.
حتى أرسل الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم برسالة طاهرة محفوظة فيها من العقائد والأوامر الإلهية ما يبين للناس سبيل الحق وصراط الله المستقيم وفيها من الأخبار القيمة ما يبين تجارب السابقين وكيف نجا وفاز من نجا وكيف هلك من ضل عن صراط الله.
قال تعالى:
{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)} [البينة]
قال السعدي في تفسيره:
يقول تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: من اليهود والنصارى {وَالْمُشْرِكِينَ} من سائر أصناف الأمم.
{ مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين إلا كفرًا.
{حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة، والبرهان الساطع.
ثم فسر تلك البينة فقال: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور{يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} أي: محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.
{فِيهَا } أي: في تلك الصحف {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن