وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة
أبو الهيثم محمد درويش
{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة]
- التصنيفات: التفسير -
{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} :
لا عجب أن تكون استجابة أهل الكتاب للرسول صلى الله عليه وسلم ضعيفة فهم أنفسهم اختلفوا وتفرقوا وتنازعوا وغيروا وبدلوا في دينهم رغم وضوح البينة وصفاء رسالة موسى ثم عيسى عليهما السلام, والتي ما أمرت إلا بما أمر به محمد صلى الله عليه وسلم فأصل الدين واحد وهو توحيد الله تعالى وإخلاص العبادة له وإقامة شرائعه عز وجل والتي أعلاها الصلاة والزكاة.
وهذه هي العقيدة القيمة التي اتفقت في أصولها جميع الرسالات.
قال تعالى:
{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة]
قال السعدي في تفسيره:
وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا { {إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} } التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالًا، ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد.
فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا {اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي: قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه، { {حُنَفَاءَ } } أي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله { { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
{ وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { {دِينُ الْقَيِّمَةِ} } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن