فحش الليبرالية

من أكثر الكلمات إستعمالا في العصر الحديث كلمة الحرية وهي أيضا من أكثر الكلمات الفارغة من المعنى وأكثرها سوء إستعمال، فإنه يوجد عدد من المعاني لهذه الكلمة بعدد الناس الذين يستعملونها ويمكن أن يوجد بعدد الحالات التي تستعمل بها.

  • التصنيفات: مذاهب باطلة - مذاهب فكرية معاصرة -
فحش الليبرالية

من أكثر الكلمات إستعمالا في العصر الحديث كلمة الحرية وهي أيضا من أكثر الكلمات الفارغة من المعنى وأكثرها سوء إستعمال وهذا السوء لا يأتي من المفهوم نفسه ولكن من عدم تحديد ماذا نعني بكلمة حرية فإنه يوجد عدد من المعاني لهذه الكلمة بعدد الناس الذين يستعملونها ويمكن أن يوجد بعدد الحالات التي تستعمل بها.

فقد رأى قوم أن الحرية بأن لا يقف أحد بينهم وبين شهواتهم ورأى قوم أخرون بأن الحرية أن لا يحكم فيهم بغير قوانينهم ورأى أخرون الحرية بأن لا يحكم فيهم أحد ليس منهم ورأى قوم أن الحرية هي نوع من توزيع السلطات الثلاثة التنفيذية والقضائية وتشريعية وقد رأى الروس قديما أن قيصر قد إستعبدهم بإجبارهم بحلق لحاهم وهكذا إختلفت معانى الحرية بإختلاف المتكلم شعوبا وأفرادا.

لكن في القرن السادس عشر  وفي إنجلترا بتحديد  ظهرت مدرسة فكرية إتخدت من الحرية شعارا لها ولازال نفود هذه المدرسة في الاتساع حتى أنه اليوم تعد أكثر حكومات العالم خاضعة لهذه المدرسة سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو الإجتماعي هذه المدرسة هي المعروفة بإسم الليبرالية وفي الحقيقة عند التحقيق ما الليبرالية  وجدت هي ألا أخلاقية وعند التحقيق ما هي حريتها وجدت هي لإيباحية.

يعد صاحب اللفيثان هو الممهد لهذه المدرسة وهو الذي وضع تعريفا للحرية سيتم تطويره فيما بعد على يد جون ستيوارت ميل فقد إعتبر أن الحرية تكمن في تنفيذ الإنسان لرغابته دون أن يعيقه عائق فإن الحرية عند هذا الرجل يجوز أن نستنتج من خلال إستخدم عبارة إرادة حرة وحرية الإرادة في الرغبة أو في الميل بل حرية الفرد كامنة في عدم مصادفة العوائق أمام تحقيق مايريد أو مايرغب أو يميل إلى القيام به.

وقام بتوسيع هذه النظرية فيلسوف أخر من رواد هذه المدرسة يدعى جون ستيوارت ميل في كتابه عن الحرية حيث إعتبر أنه لا يجوز للمجتمع أو للمؤسسات الدولة التدخل في شؤون الأفراد مطلقا أدبيا او ماديا باستثناء حالة واحدة وهي الإضرار بالغير وهذا الكلام يصدق على كل الراشدين سواء رجالا و نساءا بإستثناء الأطفال يقول الغاية الوحيدة التي تبيح للناس التعرض على الإنفراد أو الاجتماع لحرية الفرد هي حماية أنفسهم منه فمنع الفرد من الإضرار بغيره هو الغاية الوحيدة التي تسوغ إستعمال السلطة على أي عضو من أعضاء جماعة متمدينة أما إذا كانت الغاية المنشودة من إرغام الفرد هي مصلحته الذاتية أدبية كانت أو مادية فذلك لا يعتبر مسوغا كافيا .

جميل فلنقوم بإختبار هذا المفهوم عن الحرية يعتبر الإنسان حرا من وجهة نظر الليبرالية عندما لا يجد عوائق تحول بينه وبين رغباته ويعتبر حرا عندما يفعل مايريد شريطة أن لا يضر غيره بهذا المعنى يكون مدمن الهيروين حرا ورجلا فاضلا لأنه يجد نفسه مدفوعا بالرغبة في تعاطي المخدر فيستجب لهذه الرغبة وهو طبعا لا يضر بغيره قد يكون هناك ضرر عليه لكن الليبرالية ترى أنه هذا ليس مبررا لتدخل وعلى هذا تكون وزارة الداخلية ليست هيئة فاضلة و قد إعتدت عليه لأنها وضعت عوائق بينه وبين إشباع رغبته في المخدر.

وأيضًا تكون العاهرة إمرأة فاضلة حرة لأنها بعرضها جسدها للبيع في الشوارع والطرقات لم تضر بغيرها بل على العكس قد أعطتهم شيء ممتع هم على اتم الإستعداد لدفع مقابله وتكون الهيئة أو المجتمع الذي يمنع هذا ليس بالمجتمع الفاضل ولا بالهيئة الخيرة فإذا نحن إتبعنا مفهوم اليبرالية للحرية نكون قد جعلنا الحق والفضيلة تمشي على رأسها.

وماذا عن المنتحر هل هو رجل حر وفاضل أليس كذلك فهو الأخر بشنقه نفسه لا يضر بأحد غيره فإذا قال أحد أنه سيشنق نفسه غذا في السابعة مساءا فعليه أن لا يعتقله أحد وعلى أهله أن لا يوثقه فإذا فعلوا هذا كانوا غير فضلاء و قد إعتدوا على حريته الشخصية ويجب على الدولة إيداعهم السجن في الحقيقة من يقول مثل هذا لايشك عاقل أنه أضل من حمار أهله.

كل هذه الرذائل بحسب المفهوم اليبرالية للحرية تصبح فضيلة لكن هناك ما هو أكثر قبحا وأكثر مسخا وأكثر قذرة وأكثر بهيمية وأكثر وثنية وأكثر وساخة وهو حسب هذا المفهوم لليبرالي للحرية من الممكن أن يتحول زنا المحارم إلى فضيلة فإذا زنا الإبن بأمه أو الأب بإبنته أو الأخ بأخته أو الحفيد بجدته أو الجد بحفيدته فكل ما يجب توفره من شروط لتصبح هذه القذرة فضيلة من وجهة نظر الليبرالية هي موافقة كلا طرفين وأن يكون كلاهما بالغا راشدا ألا لعنة الله على الظالمين.

وإذا تكلم رجل ما أو هيئة ما أو مجتمع ما فقال اللهم أن هذا منكرٌ لا نرضى به كان رجلا أو مجتمعا ليس بالفضيل لأنه يمارس إكراه أدبي على أشخاص يمارسون الفضيلة الليبرالية والتي هي الحرية وكان الزنادقة الذين يمارسون زنا المحارم أناس فضلاء ضحايا للتعصب والطغيان أرأيت مسخا للمنطق مثل هذا أسمعت بجريمة منكرة كهذه.

بعد هذا نسأل الليبرالي قمت بإستثناء الأطفال وغير الراشدين من ممارسة حريتك وقلت يجب التدخل في شؤونهم ما المبدأ الذي يقف وراء هذا الإختيار ولا يتصور أن يكون هذا المبدأ غير أنهم قاصرين عن معرفة الحق وما فيه صلاح لهم وهذا يعرف بالأضرار التي يلحقونها بأنفسهم فنقول وهل مدمن المخدرات والمنتحر والتي تبيع جسدها مقابل المال يعرفون مصالحهم كيف يكون من يسقي جسمه سما قاتلا يعلم مصلحته أليس هؤلاء بمنزلة ذاك.

لكن فلنسلم لهم بأن هذا المفهوم الوسخ للحرية يمكن أن يقال عنه كذلك لكن عندما تتعامل الدول الليبرالية مع المسلمين فهل هي تلتزم بهذا المفهوم أي أن للإنسان أن يفعل ما يشاء ويعتبر رجلا فاضلا شريطة أن لا يضر بغيره وأن من يحول بينه وبين ما يريد يعتبر شرير ومتخلف وعدو للحرية.