سورة الرعد علاج لمرض الإلحاد
فهذا الحشد الناطق الهائل، ليس نظريات فلسفية مجردة، لا روح فيها، لكنه مشاهد حيّة ناطقة، مفعمة بالصوت والصورة والألوان والحركة، تحتشد جميعا في مشاهد متعاقبة ومتجاورة ناطقة، لتُنهض العقل الشارد من عثرته، وتوقظ القلب الساهي من غفوته.
- التصنيفات: التقوى وحب الله -
كتب الأستاذ / هاني مراد
يشعر القارئ باللهاث وراء إيقاع السورة المتسارع المتساوق مع المشاهد المرعدة المطيرة الصاعقة، ومع نواطق الكون وعجائبه، عبر جولة من الأدلة والمتقابلات الكونية الناطقة بالوحدانية؛ من رفع السموات، وتسخير الشمس والقمر، ومدّ الأرض، والجبال الرواسي، والأنهار والثمرات، وحمل كل أنثى، وتسبيح الرعد، وهطول المطر.
أفلا يدل ذلك الكون الناطق على ربّه؟
فهذا الحشد الناطق الهائل، ليس نظريات فلسفية مجردة، لا روح فيها، لكنه مشاهد حيّة ناطقة، مفعمة بالصوت والصورة والألوان والحركة، تحتشد جميعا في مشاهد متعاقبة ومتجاورة ناطقة، لتُنهض العقل الشارد من عثرته، وتوقظ القلب الساهي من غفوته.
ويكاد القارئ يسمع صوت الرعد يرعد في أذنيه، ويرى نور البرق يبرق بين عينيه، ويمتع ناظريه بتلك النباتات وألوانها، وهذه الثمار وأنواعها، ثم يخشى الصواعق، ويأمل في الماء يأتي بالخير بعد الموات، ثم يفكّر في تلك الأرحام وما تحمله من معجزات!
أفلا يدل ذلك الكون الناطق على ربّه؟
وتتواثب حواس القارئ بين متقابلات: الأرض والسماء، والشمس والقمر، والليل والنهار، والصنوان وغير الصنوان، والجبال الراسية والأنهار الجارية، والإسرار والجهر، والحق والباطل، والهداية والضلال، والسيئة والحسنة، والغيب والشهادة، والنفع والضر، والظلمات والنور، والجنة والنار، وبسط الرزق وتقديره، والدنيا والآخرة، والذين آمنوا والذين كفروا: " {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} ."
ولأنّ المنطق الذي يجادل به الملحدون في هذا العصر وكل عصر، هو المنطق ذاته، فإنّ ذلك الحشد من المعجزات، يثبت أن القضية ليست قضية معجزات حسية، لكنها قضية تكبّر وصلف وعناد! ولأنّ قلوب الملحدين جافية متصلدة، فإنها لا تطمئن! ولو فتح هؤلاء قلوبهم وعقولهم إلى آيات الكون، لاطمأنت واهتدت إلى خالقها. {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} !