كلمة نافعة لمن أراد الأجر عند الجائحة

ومن ذلك:  بأن الجزع لا يفي، بل يفضح صاحبه ، إلى غير ذلك من الأشياء التي يقدحها العقل والفكر.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

 


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
﴿ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ﴾ [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }  [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار:
ثم أما بعد :
يقول ابن الجوزي -رحمه الله- :من نزلت به بلية، فأراد تمحيقها ، فليتصورها أكبر مما هي تهن ، وليتخايل ثوابها، وليتوهم نزول أعظم منها، ير الربح في الاقتصار عليها،وليتلمح سرعة زوالها، فإنه لولا كرب الشدة، ما رجيت ساعات الراحة، وليعلم أن مدة مقامها عنده كمدة مقام الضيف، فيتفقد حوائجه في كل لحظة، فيا سرعة انقضاء مقامه! ويا لذة مدائحه وبشره في المحافل، ووصف المضيف بالكرم!
فكذلك "المؤمن في" (1)الشدة، ينبغي أن يراعي الساعات، ويتفقد فيها أحوال النفس، ويتلمح الجوارح، مخافة أن تبدو من اللسان كلمة، أو من القلب تسخط، فكأن قد لاح فجر الأجر، فانجاب ليل البلاء، ومدح الساري بقطع الدجى، فما طلعت شمس الجزاء، إلا وقد وصل إلى منزل السلامة.(2)

ويقول رحمه الله-: للبلايا نهايات معلومة الوقت عند الله عز وجل.
فلا بد للمبتلي من الصبر إلى أن ينقضي أوان البلاء.
فإن تقلقل قبل الوقت لم ينفع التقلقل ، كما أن المادة إذا انحدرت إلى عضو ،  فإنها لن ترجع، فلا بد من الصبر إلى حين البطالة.
فاستعجال زوال البلاء مع تقدير مدته ، لا ينفع.
فالواجب: الصبر ، وإن كن الدعاء مشروعًا ، ولا ينفع إلا به، إلا أنه لا ينبغي للداعي أن يستعجل، بل يتعبد بالصبر والدعاء ،والتسليم إلى الحكيم.
ويقطع المواد التي كانت سببًا للبلاء ، فإن غالب البلاء أن يكون عقوبة.
فأما المستعجل فمزاحم للمدبر ، وليس هذا مقام العبودية ،وإنما المقام الأعلى هو الرضى ، والصبر هو اللازم.
والتلاحي بكثرة الدعاء نعم المعتمد، والاعتراض حرام ،والاستعجال مزاحمة للتدبير، فافهم هذه الأشياء فإنها تهون البلاء.(3)

ويقول -رحمه الله-ل يس في الوجود شيء أصعب من الصبر، إما على المحبوب ، أو على المكروهات.
وخصوصًا إذا امتد الزمان ، أو وقع اليأس من الفرج.
وتلك المدة تحتاج إلى زاد يقطع به سفرها، والزاد من أجناس.
فمنه : تلمح مقدار البلاء ،وقد يمكن أن يكون أكثر.
ومنه : أنه في حال فوقها أعظم منها ، مثل أن يبتلي بفقد ولد ،وعنده أعز منه.
ومن ذلك:  رجاء العوض في الدنيا.
ومنه : تلمح الأجر في الآخرة.
ومنه:  التلذذ بتصوير المدح والثناء من الخلف ،فيما يمدحون عليه ، والأجر من الحق عز وجل.
ومن ذلك:  بأن الجزع لا يفي، بل يفضح صاحبه ، إلى غير ذلك من الأشياء التي يقدحها العقل والفكر.
فليس في طريق الصبر نفقة سواها، فينبغي للصابر أن يشغل بها نفسه ،ويقطع بها ساعات ابتلائه ،وقد صبح المنزل.(4)
تم بحمد الله وتوفيقه
أخيكم في الله/صلاح عامر
الباحث في القرآن والسنة
ـــــــــــــــ
(1)ما بين القوسين تم اضافتها لسياق النص .
(2)"صيد الخاطر" لابن الجوزي -ط. -المكتبة التوفيقية -موعظة 39-(ص:67).
(3)المصدر السابق موعظة 103-(ص:142).
(4)المصدر السابق موعظة 104-(ص:142-143).