من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ؟

محمد سيد حسين عبد الواحد

في العمل الصالح أمان للخائف في العمل الصالح أنس للمستوحش وفرج للمهموم وفك للمكروب لو تعلمون..

  • التصنيفات: التقوى وحب الله -

أيها الإخوة الكرام لازلنا بفضل الله تعالي وكرمه ورحمته ومنِّه نتحدث في رحاب نعمة الإيمان..
نسأل الله بأسمائه الحسني وصفاته العلي أن يحينا علي الإيمان وأن يتوفنا علي الإيمان إنه ولي ذلك والقادر عليه ..

أود في مستهل هذا اللقاء أن أقول :

علي الرغم من أننا بفضل الله تعالي كلنا مؤمنون..

علي الرغم من أننا جميعا وبلا استثناء نؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وسلم رسولا..

إلا أننا قطعا لسنا سواء!!

فبعضنا أقوي إيمانا وبعضنا أزيد إيمانا من بعض!!

من بيننا إيمانه في قلبه يشبه الجبل الأشم وبعضنا إيمانه في قلبه يشبه النخلة الباسقة وبعضنا إيمانه يشبه الرجل القائم وبعضنا إيمانه كالرجل القاعد وهكذا نتفاوت في درجة الإيمان..
قوة وضعفا شدة ووهنا زيادة ونقصا كما تتفاوت أصابع اليد الواحدة طولا وعرضا وإن كانوا جميعا أصابع وأبناء يد واحدة ..

فكذلك الناس إيمان ..
بعضنا في الثري وإيمان بعضنا عند الثريا , يميز بين مؤمن وبين مؤمن عمله الصالح هذا عمله أكثر من غيره هذا عمله أصدق من غيره هذا درجة الإخلاص في عمله أعلي ..

" {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } "

الإيمان أيها الكرام له مقياس ..
يقاس الإيمان بالقدر الذي يحملك علي طاعة الله تعالي لن نرتقي عند الله تعالي إلا بصالح أعمالنا " {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} "

هذه الآية من سورة البقرة هذه الآية وردت في القرآن بهذا المعني أكثر من مرة وردت في سورة الحديد " {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } " وفي سورة التغابن " إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ " وفي سورة المزمل " وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا "

هذه الآيات ما دلالتها ؟؟
دلالة هذه الآيات أن الله سبحانه وتعالي ساقنا إلي هذه الدنيا وسمح لنا أن نعيش فيها وسخر لنا ما في السموات وما في الأرض وما بينهما جميعا منه لغرض واحد هو أن نقرض الله تعالي قرضا حسنا هو أن نعمل عملا صالحا فيتقبله منا بالقبول الحسن..

ثم يكافئنا عليه في الآخرة جنات تجري من تحتها الأنهار فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون .. نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا الجنة وما قرب إليها من قول وعمل .. اللهم آمين .

" مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا "
من ذا الذي يعمل عملا صالحا في إنسان أو في طير أو في بهيمة فيغفر الله له من ذا الذي يتكلم بالكلمة الطيبة يجبر بها خاطرا أو يصلح بها بين متخاصمين أو يقرب بها بين متباعدين فيكتب الله له بها رضوانه إلي يوم يلقاه من ذا الذي ينفق نفقة صغيرة أو كبيرة خالصة لوجه الله فيتقبلها الله منه من ذا الذي يملك نفسه من ذا الذي يكظم غيظه فيسكنه الله تعالي جنات عرضها الأرض والسموات من ذا الذي يعود مريضا فيسعده من ذا الذي يطعم جائعا فيشبعه من ذا الذي يمد يده فيمسح دمعة محزون من ذا الذي يسعي ليفك كرب المكروب

" {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} "
«يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي» "

في التنزيل الحكيم اقترن العمل الصالح بالإيمان
في أكثر من المائتين من الآيات واقترن العمل الصالح بالمؤمن في حياته لا يفارقه فيها " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً "

قلت:
ولا يفارق العمل الصالح صاحبه حتي بعد الممات فَقد ورد أنه يَأْتِيهِ مَلَكَانِ في قبره، فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..

فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ..

فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا، وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ..

فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، وَمَالِي .

كل معروف تبذله كل خير تنشره كل هدي تدعو إليه كل علم تعلمه هو :
عمل صالح هو قرض حسن والله تعالي يقول : " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا "

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عليه رحمة الله
انْقَسَمَ الْخَلْقُ بِحُكْمِ الْخَالِقِ وَحِكْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ حِينَ سَمِعُوا هَذِهِ الْآيَةَ أَقْسَامًا، فَتَفَرَّقُوا فِرَقًا ثَلَاثَةً:

الْفِرْقَةُ الْأُولَى لما سمعوا " {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } " قَالُوا: إِنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ مُحْتَاجٌ فَقِيرٌ إِلَيْنَا وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ، قال ابن العربي : فهَذِهِ جَهَالَةٌ منهم لَا تَخْفَى عَلَى عاقل قال: فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ:" { لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ} » قلت وهذه الفرقة هم اليهود.

أما الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فإنهم لَمَّا سَمِعَوا " {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} " آثَرَوا الشُّحَّ وَالْبُخْلَ وَقَدَّمَوا الرَّغْبَةَ فِي الْمَالِ، فَمَا أَنْفَقَتْ هذه الفرقة فِي سَبِيلِ اللَّهِ شيئا وَلَا فَكَّتْ أَسِيرًا وَلَا أَعَانَتْ أَحَدًا، تَكَاسُلًا عَنِ الطَّاعَةِ وَرُكُونًا إِلَى هَذِهِ الدَّارِ وفيهم أنزل الله " {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} " قلت وهؤلاء هم المنافقون

أما الفرقة الثَّالِثَةُ فلَمَّا سَمِعَوا " { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} " بَادَرَوا إِلَى امْتِثَالِ أمر الله تعالي وَآثَرَوا الْمُجِيبُ مِنْهُمْ بِسُرْعَةٍ بِمَالِهِ. " قلت وهؤلاء هم المؤمنون .

" {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} "
سمعها أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام فقال قائلهم وهو أَبُو الدَّحْدَاحِ رضي الله عنه قال فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ يَسْتَقْرِضُنَا وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْقَرْضِ؟!

«قَالَ النبي نَعَمْ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَكُمُ الْجَنَّةَ بِهِ. قَالَ يا نبي الله فَإِنِّي إِنْ أَقْرَضْتُ رَبِّي قَرْضًا يَضْمَنُ لِي بِهِ وَلِصِبْيَتِي الدَّحْدَاحَةِ مَعِي الْجَنَّةَ؟ قَالَ النبي نعم قال فناولني يدك، فناوله رسوله اللَّهِ يَدَهُ. فَقَالَ: إِنَّ لِي حَدِيقَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِالسَّافِلَةِ وَالْأُخْرَى بِالْعَالِيَةِ، وَاللَّهِ لَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا، قَدْ جَعَلْتُهُمَا قَرْضًا لِلَّهِ تَعَالَى. فقَالَ الرَسُولُ أبا الدحداح اجْعَلْ إِحْدَاهُمَا لِلَّهِ وَالْأُخْرَى دَعْهَا مَعِيشَةً لَكَ وَلِعِيَالِكَ" قَالَ: فَأُشْهِدُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ خَيْرَهُمَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ حَائِطٌ فِيهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ. قَالَ النبي " إِذًا يُجْزِيكَ اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ» "

المؤمن ليس له في هذه الحياة الدنيا بعد إيمانه بالله تعالي
إلا أن يبني حياته علي العطاء ينفق من كل ما عنده نفق مالا يعلم علما يبذل حكمة يعطي نصحا يعطي خبرة يعطي أنساً يعطي أملاً يضرب من نفسه قدوة حسنة في المعروف الذي يبذله وفي الخير الذي ينشره..

ناجي أحدهم ربه فقال " يا رب لا يحلو الليل إلا بمناجاتك ** ولا يحلو النهار إلا بخدمة عبادك "

" « مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا» "
هذه الآية تكفينا وحدها في لقاءنا هذا لن نذكر غيرها " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا " ألا تستطيع أن تسعد إنسانا ألا تستطيع أن تشبع جوعانا ألا تستطيع أن تكسو عريانا ألا تستطيع أن تهيئ فرصة عمل لإنسان ليعيش من حلال ؟!

فتح أحدهم مشروعا كبيرا يعمل لديه ثمانين عاملا .. هذه الأيام تراجع البيع والشراء وتراجعت الأرباح وهو رجل غني استشار أحد الأخيار أن يغلق هذا المشروع وأن يسرح العمال وقال أنا رجل ميسور بإمكاني أن أعيش مستورا إلي آخر حياتي بدون هذا المشروع أود أن أغلقه وأسرح العمال فماذا تري ؟ قال لا تفعل.
قال ولم ؟!
قال لأنك تفتح ثمانين بيتا وهذا وحده ربح كبير عند الله سبحانه تعالي " { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} "

في العمل الصالح أمان للخائف في العمل الصالح أنس للمستوحش وفرج للمهموم وفك للمكروب لو تعلمون..

قال الله تعالي في شأن يونس عليه السلام " { فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} " هذه بركة العمل الصالح وهذه ثمرة من ثمراته " {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} "
__________________________

بقي لنا في ختام الحديث عن العمل الصالح وعن بركة العمل الصالح أن نقول:

إذا كان من العمل الصالح أن تسجد وتركع أن تتصدق أن تعلم علما أن تشق نهرا أن تبني بيتا إذا كان من العمل الصالح أن تفعل....

فإن من صور العمل الصالح صورا لا تبذل معها جهدا!!

قال الرجل يا رسول الله أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ «تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ» »

من الصالحات أعمالا لا تخطو معها خطوة قال النبي عليه الصلاة والسلام " «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ» "

ليست الصالحات فقط أن تفعل بل الصالحات في بعض المواقف ألا تفعل .. ألا تفعل سوء خوفا من الله هذا عمل صالح..

وفي الحديث " «وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا، كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً» "

أن تترك الوقوع في الذنب حياء من الله أن تكف يديك فلا تؤذ أحدا أن تكف لسانك فلا تعيب أحدا هذا باب من أبواب الصالحات..

قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَاذَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ بِاللهِ» قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّ مَعَ الْإِيمَانِ عَمِلٌ، قَالَ: «يُرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللهُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا، لَا يَجِدُ مَا يُرْضَخُ بِهِ؟

قَالَ: «يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَيِيًّا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟

قَالَ: «يَصْنَعُ لِأَخْرَقَ» ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَخْرَقَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْنَعَ شَيْئًا؟ قَالَ: «يُعِينُ مَغْلُوبًا» ، قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَ مَظْلُومًا؟

فَقَالَ:
«مَا تُرِيدُ أَنْ تَتْرُكَ فِي صَاحِبِكَ، مِنْ خَيْرٍ تُمْسِكُ الْأَذَى، عَنِ النَّاسِ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَفْعَلُ خَصْلَةً مِنْ هَؤُلَاءِ، إِلَّا أَخَذَتْ بِيَدِهِ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ»
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشرح صدورنا لطاعته وأن يرزقنا خشيته.