رمضان هذا العام.. هو "حراءك"
سارة خليفة
فلما لا نجعل من رمضان هذا العام هو "حراء" لنا؟! نجعل في رمضان هذا فرصة لنختلي كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك فوائد مختلفة منها:
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
رمضانيات (2) رمضان هذا العام.. هو "حراء"ك
غار حراء..
هو الغار الذي نعرف جميعًا.. المكان الذي كان يختلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بنفسه، يتفكر ويتعبد.. وكان يختلي النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان كاملًا، وقبل البعثة كان يمضي أكثر من شهر هناك، فقد حبب إليه الخلاء.
في هذا الغار نزل الوحي..
نزل جبريل عليه السلام أول مرة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الغار.. جاء بأول آيات القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق3:1].. ثم نزل بعدها الأمر أن قم يا محمد (صلى الله عليه وسلم) منذر للناس, تخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان كما جاء في الآيات {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنذِرْ} [المدثر:1-2]، هذا النور الذي جاء من الغار ليملء المعمورة إيمانًا وهدى..
فها نحن قد حرمنا هذا العام من جماعية العبادة في رمضان، ففي ظل ما يتعرض له العالم من جائحة جعلت الأغلبية تلزم البيوت، وفُرض حظر تجول في الكثير من الدول وإقاف للكثير من الأنشطة، فجعل من رمضان هذا العام مختلف بالكلية، فلا صلاة قيام ولا تهجد في المساجد، ولا أعمال خير جماعية ولا إفطارات وتجمعات اجتماعية.
فلما لا نجعل من رمضان هذا العام هو "حراء" لنا؟! نجعل في رمضان هذا فرصة لنختلي كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك فوائد مختلفة منها:
- الاختلاء وجمع شتات القلب بالتعبد لله عزوجل؛ فأنت تقوم الليل وحدك أو بعضه.. تدعو الله عزوجل، تتفكر في نعمه عليك تعدها لتشكرها، تبحث في نفسك عن ما تريد أن تصلحه مرضاة لربك، تهذب نفسك من شوائب علقت بها من الحياة والانغماس فيها.
- الذاتية؛ فها أنت تجتهد لتقوم بكل ما كنت تفعله في رمضان السابق وحدك.. كقيام الليل، تجتهد في أفكار لأعمال صالحة تستطيع فعلها في ظل التحرك المحدود.. فالرسول صلى الله عليه كان أجود ما يكون في رمضان كان صلى الله عليه وسلم كالريح المرسلة في نفعها وخيرها لكل ما تدركه..
- تعيد حساباتك مرة أخرى.. فتتفكر هل ما تقوم به يؤدى لنجاح في الدنيا دون فلاح الآخرة؟ أم غفلة مستمرة بلا نجاح ولا فلاح؟
- فرصة لكي تبدأ بأخذ خطوات مهمة في معرفة دينك.. حتى وإن بدأت في رمضان بالتفسير الميسر أو المختصر في التفسير لكي تفهم ما تقرأ في كتاب ربك.. هذا الكتاب ليس وسيلة فقط لعداد الحسنات أن تربو، ولكن هو المنهج، عليه تستقيم حياتك وعليه سيكون التقييم في الآخرة.
- تتفكر في حالة الأمة وما وصلت إليه.. فمتى كان أخر مرة في ظل انشغالك وانغماسك في الدنيا فكرت في حال المسلمين؟ نعرف جميعا أن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.. متى أخرة مرة انشغلت بأمتك؟ ماذا قدمت لها؟
- تدرك قيمة الوقت، وكيف تقضي فراغك في الطاعة. فها هي اجازة اجبارية، الوقت تستطيع الاستفاد منه وتشكيله كيفما شئت، فماذا فعلت؟ كثير ما نتتحجج بالوقت والمشغوليات، فها هو الوقت لديك فماذا أنت فاعل به؟
رمضان هذا العام فرصة لكي تجمع شتات قلبك.. تضع فيه خطة جديدة تركز على الفلاح وليس النجاح فقط.. لتجعل من رمضانك هذا "حراء"ك.