من كان بالله أعرف كان لله أخوف
محمد سيد حسين عبد الواحد
إني لأجد نعت قوم يتعلمون لغير العمل ، ويتفقهون لغير العبادة ، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة ، ويلبسون جلود الضأن ، قلوبهم أمر من الصبر .
- التصنيفات: التقوى وحب الله -
هذا العنوان:
أود أن أطرحه قبل أن أسوق هذه الآية {إنما يخشى الله من عباده العلماء}
ذلك أن هذه الآية قد يلتبس فهمها علي بعض الناس وقد كنت منهم..
حتي أكرمني ربي بمن فسرها لي ووضحها لي وبينها بذلك المعني (من كان بالله أعرف كان لله أخوف)
يعني أكثر الناس خوفا من الله تعالي وأصدق الناس خشية الله تعالي وحياء منه.. هم العلماء
فالعلم يفتح العقول والقلوب لتري عظمة الله وقدرته وحكمته وجمال صنعته سبحانه وتعالي
قال الحكيم العليم سبحانه:
﴿ {وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلْأَنْعَٰمِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَٰٓؤُا۟ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } ﴾
قال المفسرون " كذلك " هنا تمام الكلام .
أي كذلك تختلف أحوال العباد في الخشية يعني بالعلماء الذين يخافون قدرته .
فمن علم أنه عز وجل قدير أيقن بمعاقبته على المعصية
كما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس إنما يخشى الله من عباده العلماء قال :
الذين علموا أن الله على كل شيء قدير .
وقال الربيع بن أنس من لم يخش الله تعالى فليس بعالم .
وقال مجاهد : إنما العالم من خشي الله عز وجل .
وعن ابن مسعود : كفى بخشية الله تعالى علما وبالاغترار جهلا .
وقيل لسعد بن إبراهيم : من أفقه أهل المدينة ؟ قال أتقاهم لربه عز وجل .
وعن مجاهد قال : إنما الفقيه من يخاف الله عز وجل .
وعن علي رضي الله عنه قال :
إن الفقيه حق الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يرخص لهم في معاصي الله تعالى ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره .
أيها الكرام:
إنه لا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا علم لا فقه فيه ، ولا قراءة لا تدبر فيها .
وأسند الدارمي أبو محمد عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، ثم تلا هذه الآية» :
( {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ) ثم قال:
إن الله وملائكته وأهل سماواته وأهل أرضيه والنون في البحر يصلون على الذين يعلمون الناس الخير .
قال الدارمي : وحدثني أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن يزيد بن حازم قال حدثني عمي جرير بن زيد أنه سمع تبيعا يحدث عن كعب قال :
إني لأجد نعت قوم يتعلمون لغير العمل ، ويتفقهون لغير العبادة ، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة ، ويلبسون جلود الضأن ، قلوبهم أمر من الصبر .
فبي يغترون ، وإياي يخادعون ، فبي حلفت لأتيحن لهم فتنة تذر الحليم فيهم حيران . خرجه الترمذي مرفوعا من حديث أبي الدرداء.
فإن قلت : فما وجه قراءة من قرأ ( إنما يخشى الله ) بالرفع ( من عباده العلماء ) بالنصب ، وهو عمر بن عبد العزيز . وتحكى عن أبي حنيفة .
قلت : الخشية في هذه القراءة استعارة ، والمعنى : إنما يجلهم ويحبهم ويعظمهم كما يجل المهيب المخشي من الرجال بين الناس من بين جميع عباده .
إن الله عزيز غفور تعليل لوجوب الخشية ، لدلالته على عقوبة العصاة وقهرهم ، وإثابة أهل الطاعة والعفو عنهم . والمعاقب والمثيب حقه أن يخشى .